تتبجح وكالات الغرب الاستخبارية، وفي المقدمة C.I.A الأمريكية، وM.I.6 البريطانية، من أنها ملمة بكل شيء، بما في ذلك ثورات الشعوب على الأنظمة الرجعية التي كانت تسير في فلك الاستعمار القديم، والتي بدأت بثورة تموز عام 1958. والتي بدورها وثورة الجزائر كانت وراء إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار تصفية الاستعمار، وقرار حق تقرير المصير، وكانت تلك القرارات تصدر بدعم من الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية والصين، وأعضاء مؤتمر باندونغ لعام 1955، ورب من يقول اليوم، أن الحقبة ولت، والرد هو أن عالم اليوم ما كان ليكون بهذه البشاعة لولا النهم الاستعماري القديم واساليب الامبريالية الحديثة، ان ما حدث بعد الاحتلال عام 2003 يهز مشاعر حتى البسطاء من الناس، فلا يعقل على سبيل المثال أن يكون العراق مستباحا إلى هذا الحد، وان يكون منقوص السيادة لولا أن المحتل يريد ذلك، والجار يحب ذاك الضعف، وقد انسحب هذا الضعف حتى على المشاعر الوطنية، التي يراد لها ان تنسحب هي الأخرى على الثوابت الوطنية، ومنها معاداة يوم الجمهورية، والتنكر لثورة 14 تموز التي حدثت باستثناء قلما يعرفه التاريخ الحديث، ثورة تدق أوكار نظام تابع للتاج البريطاني دون علم من مخابراته، او معرفة من ال C.I.A , وهكذا تم مناصبة الثورة العداء منذ لحظاتها الأولى، ومن كان يواكب الثورة ومنجزاتها السياسية سيما تخطيها لقيود الانفتاح على الشرق الاشتراكية والصين، وأنها بسريتها موضع دراسات لكيفية عدم اكتشاف مخطط الثورة بل حتى لحظات تنفيذها السريعة والمذهلة، خاصة وانها قلبت الطاولة على دولة نوري السعيد، دولة الأمن العامة التي لم يكن لاحد الجرأة أن يمر من أمام بابها .
إن قرار الغاء يوم الجمهورية ليس غريبا على من يريد إعادة القديم إلى قدمه، ولكنه كان غريبا على كل من يؤمن بأهمية الثورات في حياة الشعوب، خاصة بعد الثورة الفرنسية في الرابع عشر من تموز عام 1789، التي قد تتشابه فيها الأسباب وتختلف فيها بعض الوسائل، إلا أن الشعب في كلا الثورتين هو من حطم سجون الطغاة، سجن الباستيل وسجن نقرة السلمان ذاك السجن الصحراوي الغريب الذي أسسه الجيش البريطاني، والذي فوتت ثورة تموز الفرصة على مخابراته معرفة قادة الثورة ويوم قيامها المجيد.