أولى الحزب الشيوعي العراقي، منذ تأسيسه، عناية واهتمامًا كبيرين بمسألة النشر، وعدَّها سلاحًا رئيسيًا في كفاحه البروليتاري، من أجل خلق وتطوير حركة جماهيرية واسعة، وصياغة رأي عام حول أبرز الشعارات التكتيكية والاستراتيجية التي تواجه الحركة الوطنية، وتنبثق من الاحتياجات والمصالح الأساسية للشعب.
ومن المعلوم أن جريدة "كفاح الشعب"، أولى صحف الحزب التي صدرت في أواخر تموز عام 1935، قد سبقت جريدة "الشرارة" في الصدور، لكنها لم تستمر طويلًا بسبب استيلاء السلطات على مطبعة الحزب، عقب حملة اعتقالات طالت أعضاءه آنذاك.
وبعد أن أعاد الحزب لملمة صفوفه وضمَّد جراحه، وقبل صدور "الشرارة"، لم تنقطع بيانات الحزب عن الصدور. وفي مطلع عام 1940، صدرت جريدة "الشرارة" وهي تحمل إلى جانب شعارها الرئيسي "يا عمال العالم اتحدوا"، شعارات أخرى مثل:
"الفاشية هي الحرب"، "الفاشية عدوة الشعوب"، و**"الفاشية تعيش على الحرب، والحرب فقط"**، إذ جاء صدورها متزامنًا مع بدايات العدوان الهتلري على الاتحاد السوفيتي آنذاك.
لقد سارت صحافة الحزب على هدى الأسس المبدئية الراسخة التي بُنيت عليها سياسة الحزب بقيادة الرفيق الخالد فهد، سواء في السياسة الأممية والوطنية، أو في سياسته القومية المرتبطة بمصالح الشعوب العربية والقوميات الأخرى في العراق وخارجه، مع مراعاة الظروف الموضوعية الزمانية والمكانية لكل قضية، وتقديم الحلول الصحيحة لها.
سارت "الشرارة" وفق الخطة السياسية التي رسمها الحزب، لتقوم بمهمة التوجيه والدعاية لأهم الشعارات التكتيكية التي واجهت شعبنا خلال تلك الفترة، وهي الدعاية ضد النازية والكفاح ضد الفاشية والمطالبة بالحريات الديمقراطية، بما فيها حرية التنظيم والصحافة والمطالبة بتوفير الخبز للشعب.
نشر الفكر الماركسي اللينيني، وفضح الأفكار والأساليب المعادية للشعب، والدعوة لتوحيد الجهود ضدها، وفضح المسؤولين عنها.
وقد صدرت جريدة "الشرارة" سرًا في وقت لم تكن فيه في العراق صحافة حرة أو أحزاب ديمقراطية، سوى الحزب الشيوعي العراقي السري، الذي رفض أن يلقي سلاحه وينتظر "الفرص الأفضل"، كما فعلت بعض الأحزاب البرجوازية في الظروف الصعبة، بينما كان الشعب أحوج ما يكون لمن يكشف له ما يجري، ويستنهضه لمقاومة سيف الإرهاب المسلط عليه.
اهتمت "الشرارة" بأوضاع الجماهير، وخصوصًا الكادحة منها، فنشرت الرسائل الواردة التي تضمنت شكاوى من الوضع الاقتصادي المزري في العراق. وركزت، بشكل خاص، على رسائل العمال، كاشفة في مقالاتها عن أساليب الاستغلال الوحشي الذي تعرضوا له، من قلة الأجور، والاستقطاعات المستمرة لأتفه الأسباب، إلى سوء المعاملة والإهانات، سواء في المعامل الأهلية أو الحكومية، أو حتى في معامل الجيش البريطاني.
دعت الجريدة العمال إلى تنظيم صفوفهم في نقابات تدافع عن حقوقهم، وطالبتهم بدراسة قانون العمل والنضال بموجبه، لإجبار أصحاب العمل على تطبيقه.
كما نشرت "الشرارة" موضوعات عن أوضاع المرأة العراقية، وضرورة أن تأخذ دورها الاقتصادي والسياسي، وتطرقت كذلك إلى مشكلات الطلبة.
كانت "الشرارة" تصدر شهريًا، وتُطبع بطريقة "الرونيو"، على شكل مجلة متوسطة الحجم. عدد صفحاتها لم يكن ثابتًا، لكنه لم يقل عن 15 صفحة، وقد يصل أحيانًا إلى أكثر من 20 صفحة. كما كانت تصدر أحيانًا بعددين في الشهر الواحد، أو بعدد مزدوج يغطي شهرين متتاليين.
وبعد توقف صدورها نتيجة انشقاق جماعة عبد الله مسعود وسيطرتها على المطبعة، صدرت جريدة "القاعدة" في كانون الثاني 1943، بمبادرة من الرفيقين الخالدين حسين الشبيبي وزكي بسيم، وذلك أثناء وجود الرفيق يوسف سلمان (فهد) في موسكو.