مثل كنز لايقدر بثمن، نلفلف أوراق (طريق الشعب) السرية، ونحاول أن نجعلها أصغر حجما ليسهل تداولها بيننا، نضعها بين القلب والعقل بشوق، حتى نختلي بمكان لايشاركنا به الاّ الثقاة، نفتح صفحاتها القليلة بحذر، ونطالع تلك الموضوعات الشيقة التي تهتم بقضايا الشعب. تزيدنا وعياً ونلتهف أن نطالعها مرة أخرى قبل أن نودعها أمانة عند رفيق آخر.
تلك المساحة الصغيرة التي حصدت وعياً واندفاعاً وحرصاً على المصالح الحقيقية للفقراء من أهل العراق باختلاف طبقاتهم، شكلت لنا سببا لتطوير الذات وادراك معاني الحرية والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة، وفوق كل هذا نمعن النظر في الشعار الذي يتوج صفحتها الاولى (وطن حر وشعب سعيد)، نتمعن في المعاني العميقة لكلمات الشعار الجميلة، وندخل في لجة الحلم العراقي، أن يكون لنا وطن يوفر لنا الكرامة والاستقلال والحرية والخبز، وأن يكون شعبنا وأهلنا من بين أسعد الناس، يتمتعون بالحرية ويمارسون حقوقهم في الاختيار والنقد والرصد والتمتع بخيرات العراق سواسية دون قيود.
وحتى تعود "طريق الشعب" إلينا، حاملة آثار تعدد الأصابع والعيون التي طالعتها، في سفرتها التي لا ينهي حلمها الا ورود عدد جديد، شكّلت جميع إصدارات الحزب الشيوعي العراقي من مجلات وصحف سرية أو علنية، واحة سياسية وثقافية، توثق افكاره النيّرة وتعّبر عن مواقفه الفكرية والسياسية، وتساهم في رفع المستوى الفكري والسياسي ليس للشيوعيين الجدد فحسب بل وحتى أصدقاء الحزب وجماهيره.
فقد اشتهر الشيوعيون بثقافتهم وتمّيزوا في ساحة السياسة والثقافة والنزاهة، وراحوا ينشرون تلك الثقافة في مناطقهم الشعبية وفي مقاهي الفقراء، وتلك ميزة انفردوا بها حين أعطوا للثقافة والفكر السياسي المتطور والمتجدد اهتماماً وعمقاً. ولم يتخل الحزب عن تلك الميزة حتى خلال مقاومته لسلطة الدكتاتور فقد استغل الشيوعيون ابسط الإمكانيات لديمومة تلك الميزة، وبقيت تلك الرسالة زاوية مضيئة وبارزة في مسيرة الحزب. تحية تقدير وفخر بصحافة الحزب الشيوعي العراقي في عيدها التسعين.