اخر الاخبار

تعد الماركسية إطارا فكريا يعالج القضايا الاجتماعية والاقتصادية من خلال تحليل جذور الظواهر في الهياكل الطبقية والاقتصادية. وفيما يتعلق بزواج الأطفال، تنظر الماركسية إلى هذه الظاهرة كجزء من القمع الجندري والاقتصادي الذي يمارس على القاصرين في المجتمعات ذات البنية الطبقية غير العادلة.

الجذور الطبقية لزواج الطفلات

فوفقا للتحليل الماركسي، فإن زواج الأطفال، لا يمكن فهمه بشكل منفصل عن السياقات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤطره، حيث تعتبر الفتيات في المجتمعات الرأسمالية أو الإقطاعية، أدوات اقتصادية تستخدم لتقوية الروابط العائلية أو كوسيلة لتخفيف العبء المالي على الأسرة. ويؤدي الفقر والتفاوت الاقتصادي غالباً إلى تسليع الفتيات، ويصبح الزواج وسيلة للتخلص من المسؤولية الاقتصادية عنهن من جهة ولتحصيل مهرهن أو تقليل عدد الأفواه التي يجب إطعامها من جهة ثانية. وبالتالي فإن زواج الطفلات ينبع من علاقات الإنتاج غير العادلة التي ترسخ الفقر والجهل وتعيد إنتاجهما وتعمق التفاوت الاجتماعي عبر أجيال متعاقبة.

البعد الجندري للظاهرة

وتعتبر الماركسية زواج الطفلات شكلاً من أشكال القمع الجندري الذي يستخدم لترسيخ الهيمنة الذكورية، حيث ينظر إلى المرأة كملكية أو كوسيلة لتحقيق مصالح الأسرة أو العشيرة. الفتيات اللاتي يجبرن على الزواج يحرمن من التعليم والفرص الاقتصادية، مما يبقيهن في دائرة الفقر والتبعية.

تأثير التعليم والوعي

ولهذا تشدد الماركسية على أهمية التعليم والوعي كوسيلتين لتحرير النساء من الهياكل القمعية. الفتيات اللواتي يُحرمن من التعليم بسبب الزواج المبكر يُفقدن فرصتهن في تطوير إمكاناتهن والمشاركة الفاعلة في المجتمع. ولا يعّد التعليم، مجرد وسيلة لزيادة الدخل، بل هو أداة لتحرير العقول وإعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية.

السياسات المطلوبة للقضاء على المشكلة

ومن أجل معالجة ظاهرة زواج الطفلات، تقترح الماركسية تبني سياسات جذرية تهدف إلى تغيير الهياكل الاقتصادية والاجتماعية التي تنتج هذه الظاهرة، ومنها:

  • القضاء على الفقر عبر تبني سياسات اشتراكية تعيد توزيع الثروة وتوفر فرص عمل ودخل كريم للجميع.
  • تمكين المرأة من خلال ضمان المساواة في التعليم والعمل والأجر وحقوق الملكية.
  • التشريعات الصارمة التي تمنع الزواج قبل سن معينة ومعاقبة المخالفين.
  • التثقيف المجتمعي الذي يرفع الوعي بخطورة زواج القاصرين على الفرد والمجتمع.
  • توفير الرعاية الصحية وتأمين الخدمات المجانية الشاملة للفتيات، بما في ذلك الصحة الإنجابية والنفسية.

الماركسية والنهج الجماعي

تؤكد الماركسية على أن أي تغيير لا يمكن تحقيقه إلا من خلال نهج جماعي يشرك الفئات المستضعفات في النضال من أجل حقوقهن. ويشمل هذا إنشاء حركات نسوية وعمالية تهدف إلى إلغاء جميع أشكال القمع، بما في ذلك زواج الطفلات. وترى الماركسية أن تحرر المرأة هو جزء لا يتجزأ من تحرر المجتمع ككل، والذي لا ينجز الاّ بالخلاص من الطبقية التي تسبب الفقر والتفاوت الطبقي واضطهاد النساء واستعبادهن. إن الخلاص من المشكلة يرتبط بإجراء تغيير جذري في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما تُنادي به الماركسية كجزء من رؤيتها لعالم أكثر عدالة.

عرض مقالات: