إن بروز جيل جديد من الشباب المتعلّم المشتغل بالزراعة يُمثّل قوة دافعة هائلة لتطوير هذا القطاع الحيوي، وتحقيق نهضة زراعية حقيقية. يتميّز هؤلاء الشباب بما يلي:
اولاً: تبنّي التقنيات الحديثة والزراعة الذكية حيث يمتلك شباب اليوم مهارات رقمية عالية تُمكّنهم من تبنّي واستخدام التقنيات الزراعية الحديثة بسهولة وفعالية.
يستخدمون أنظمة تحديد المواقع (GPS)، وتقنيات الاستشعار عن بُعد عبر الطائرات المُسيّرة والأقمار الصناعية، وتحليل البيانات الضخمة لتحسين إدارة المحاصيل والموارد.
يعتمدون على أجهزة الاستشعار المتصلة بالإنترنت لمراقبة الظروف البيئية والتربة والمحاصيل في الوقت الفعلي، مما يسمح باتخاذ قرارات مستنيرة.
يستفيدون من تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات، والتنبؤ بالإنتاجية، واكتشاف الأمراض والآفات، وتحسين عمليات الري والتسميد.
يتبنّون أساليب زراعية مبتكرة تُقلّل من استخدام الأراضي والمياه، وتزيد الإنتاجية، خصوصًا في البيئات الحضرية أو ذات الموارد المحدودة.
يُدخلون الروبوتات في عمليات الزراعة والحصاد لزيادة الكفاءة وتقليل الاعتماد على العمالة اليدوية.
ثانياً: دورهم في تطوير العمل الزراعي بزيادة الإنتاجية وتحسين الجودة: من خلال استخدام التقنيات الحديثة، يُمكن تحقيق إنتاجية أعلى وجودة أفضل للمحاصيل، مع تقليل الفاقد.
ترشيد استخدام الموارد: تُسهم الزراعة الذكية في الاستخدام الأمثل للمياه والأسمدة والمبيدات، مما يُقلّل التكاليف ويحافظ على البيئة.
تحسين إدارة المزارع: تُمكّنهم التكنولوجيا من إدارة المزارع بكفاءة أعلى عبر تحليل البيانات واتخاذ قرارات دقيقة وفي الوقت المناسب.
تطوير سلاسل القيمة: يمكنهم المساهمة في تطوير سلاسل القيمة الزراعية من خلال استخدام التكنولوجيا في التسويق، والتوزيع، والتصنيع الغذائي.
جذب الاستثمارات: إن إدخال الأساليب الزراعية الحديثة من قِبل الشباب يجعل القطاع أكثر جاذبية للاستثمارات المحلية والأجنبية.
خلق فرص عمل جديدة: تتطلب هذه التقنيات مهارات جديدة، ما يخلق فرصًا وظيفية في مجالات مثل تطوير البرمجيات الزراعية، وتشغيل وصيانة الأجهزة الذكية، وتحليل البيانات الزراعية.
ثالثاً: إحداث نهضة زراعية زيادة الاكتفاء الذاتي الغذائي: من خلال تحسين الإنتاجية والكفاءة، يُمكن تقليل الاعتماد على الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
تعزيز الأمن الغذائي: تُوفّر النهضة الزراعية الغذاء بكميات كافية وأسعار معقولة لجميع فئات المجتمع.
التنمية الاقتصادية والاجتماعية: يُعدّ القطاع الزراعي محرّكًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتطويره يُعزّز فرص العمل ويحسّن مستوى المعيشة في المناطق الريفية.
الاستدامة البيئية: تُساهم الزراعة الذكية في تحقيق الاستدامة من خلال تقليل استهلاك الموارد الطبيعية وخفض معدلات التلوث.
التحديات التي قد تواجه الشباب في هذا المسار: صعوبة الحصول على التمويل: قد يواجه الشباب تحديات في تأمين التمويل اللازم لتبني التقنيات الحديثة.
الحاجة إلى التدريب والمعرفة: هناك حاجة إلى برامج تدريبية متخصصة لاكتساب المهارات اللازمة لاستخدام التقنيات الزراعية بفعالية.
ضعف البنية التحتية: بعض المناطق تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية، مثل الاتصال بالإنترنت، مما يُعيق تطبيق الزراعة الذكية.
مقاومة التغيير: قد يواجه الشباب رفضًا من المزارعين الأكبر سنًا الذين يفضلون الأساليب التقليدية.
من أجل تمكين الشباب وتحقيق أقصى استفادة من دورهم في النهضة الزراعية، لا بدّ من: توفير برامج تمويلية ميسّرة.
إنشاء مراكز تدريب متخصصة في الزراعة الذكية.
تطوير البنية التحتية الريفية، خاصة في ما يتعلق بالاتصال والتقنيات الحديثة.
تشجيع البحث والابتكار في المجال الزراعي.
تسهيل تبادل المعرفة والخبرات بين الشباب والمزارعين من مختلف الأجيال.
في الختام: إن بروز جيل جديد من الشباب الشغوف بالزراعة، والمتمكن من استخدام التقنيات الحديثة، يُمثل فرصة حقيقية لإحداث نهضة زراعية مستدامة تُسهم في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق.
ـــــــــــــــــــــــ
* مهندس زراعي استشاري