اخر الاخبار

أنا شيوعية لأنني نشأت في بيت علّمني أن الإنسان لا يُقاس بما يملك، بل بما يعطي. والدي، ذلك العامل البسيط، لم يكن يحمل شهادة عالية، لكنه كان يحمل فكرا عظيما، وقلبا نابضا بحب الوطن والشعب. كان يحدثني كل مساء عن الحزب الشيوعي العراقي، عن رفاقه الذين وقفوا بوجه الاستبداد والظلم، عن أحلامهم بعراق لا جوع فيه ولا خوف، عن السجون التي حُبس وعذب فيها مع الكثير من رفاقه، والتي خرجوا منها في النهاية مرفوعي الرأس.

كان يقول لي دائما: "أن تكوني شيوعية يعني أن ترفضي الذل، أن تقفي مع الفقراء، أن تؤمني أن الوطن للجميع لا لفئة محددة". هذه الكلمات بقيت في ذاكرتي، كأنها نشيد أرددّه كلما شعرت بضعف او ملل. هي التي شكّلت وعيي، وجعلتني أبحث عن موقعي علي هذا الطريق.

وعندما كبرت، التقيت برفيق في الحزب، منحني مفاتيح عالم آخر من النضال: عالم الكلمة. علّمني كيف أكون صحفية لا تبحث عن العناوين الرنانة، بل تفتّش عن الحقيقة خلف ما يظهر أمام الأنظار، وتنقل وجع الناس كما هو، بلا تزويق. أراني كيف يمكن للكلمة أن تهزّ عروشا، إذا خرجت من قلب صادق. شجعني على أن أكتب، لا لأشتهر، بل لأُحدث فرقا، مهما كان بسيطا.

وفي وسط هذا الطريق، لا يمكن أن أنسى عمي الشهيد المهندس محمد عزيز حسن، ذلك الشيوعي الصلب الذي طالته يد الطغاة، لأنه رفض أن يساوم على مبادئه. كان مثالا للمثقف الملتزم، عاش نظيف اليد والضمير، واستشهد واقفاً، كما يليق بالشيوعيين الحقيقيين. وقد استُهدف لأنه دافع عن قناعاته، دافع عن حزب يؤمن بالحرية والعدالة. وبقي دمه شاهداً على ثمن الانتماء الشريف.

انتمائي للحزب الشيوعي العراقي اليوم ليس مجرد موقف سياسي، بل هو هوية، وامتداد لإرث طويل من النضال والتضحية.

في الذكرى 91 لتأسيس الحزب، أشعر أنني أنتمي لتاريخ كبير، لحركة شعبية آمنت بالإنسان، وقدّمت قوافل من الشهداء، لا طمعا بالسلطة، بل دفاعا عن الإنسان وكرامته.

الرفيق فهد، الشهيد الخالد، كان يقول: "إننا نناضل من أجل قضية عظيمة، قضية الشعب والوطن، وعندما تنبع قناعاتنا من قلب الشعب، لا يمكن لأي قوة أن توقفنا". هذه الكلمات كان لها الأثر الكبير في نفوسنا، وهي التي شجعتنا على أن نكون جزءا من هذا التنظيم، الذي لا يعرف الخوف في دفاعه عن الحق.

وحين أقرأ كلمات الشهيد فهد: "قووا تنظيم حزبكم، قووا تنظيم الحركة الوطنية"، أشعر بأنها وصية، ومسؤولية. نحن لا نبحث عن مجد فردي، بل عن حركة شعبية قادرة على التأثير والتغيير. والتنظيم هو الذي يخلق القدرة على الصمود والتضحية.

أنا شيوعية لأن العراق يستحق الأفضل، وسأبقى على هذا الطريق، كما علّمني والدي، وكما دعمني رفيقي، وكما سار عليه عمي الشهيد.

فالحزب الشيوعي العراقي هو حزب الشعب، وهو المسيرة التي لن تتوقف حتى تتحقق العدالة الاجتماعية والحرية لهذا الشعب العظيم.

عرض مقالات: