اخر الاخبار

بين آونة وأخرى تعلن المفوضية العليا للانتخابات عن استبعاد أحد المرشحين لكونه مطلوبا قضائيا او بسبب تزوير شهادته الدراسية او اعطاءه معلومات غير وافية عن هويته الحقيقية او معاقبة آخر لاستعجاله بالدعاية الانتخابية، وغيرها من حالات تدخل ضمن شروط الترشح للانتخابات، ولكن هذه الحدود والشروط رغم أهميتها والتي تتعلق بالذمة الفردية الشخصية ومصداقية غرضه من الترشح، تبقى في إطار فردي محض لا ترقى إلى مستوى الخروقات الفاضحة لقانون الانتخابات، وشروط المفوضية وأساسيات وأبسط شروط إجراء انتخابات نزيهة ومتكافئة، لشموليتها وخطورتها العامة، وهي التغاضي عن ترشح عناصر ميليشياوية او أعضاء أحزاب مسلحة او شيوخ وافراد عشائر مدججة بالسلاح.

كذلك الأمر يتصل باستخدام المال العام وإمكانيات الدولة وأجهزتها ودوائرها وزجها في عملية الصراع التنافسي  مما يهبهم امتيازا مؤثرا على المرشحين الآخرين.

وهذه الأسباب وغيرها مثل صرف المال السياسي في الدعاية الانتخابية ببذخ بدون سقوف محددة ومعقولة، ومجهولية مصادر هذا المال، كلها تتعارض مع قانون الأحزاب المقر والموضوع على الرف.

وبينّت هذه النواقص القاتلة خارج اهتمامات المفوضية وتجاهلتها القوى الداعمة والمستقتلة لتمرير الانتخابات بأي شكل من الأشكال، ومع انتشار السلاح السائب واستهتار الميليشيات واستمرار التهديدات للمرشحين المستقلين حقا وليس مقنّعي الأحزاب.

يعرف المواطن العراقي بأن المفوضية لا تمسك الأعنّة بقبضتها، وان الكثير من المرشحين لهذه الانتخابات ليس لهم علاقة بالصالح العام وإنما ترشحوا عن أحزاب ممقوتة شعبيا تحاول أن تنفذ إلى البرلمان بوجوه وتسميات جديدة لتحافظ على وجودها وتأثيرها في الواقع السياسي. او مرشحين هدفهم تمرير اجندات طائفية لمصلحة جهات اقليمية، كما ان هناك حاجة ملحة لزحلقة بعضهم تحت قبة البرلمان لتأمين حصانة برلمانية وحمايتهم عن جريمة قتل سياسي او نهب أموال البسطاء لصالح مراجعهم السياسية وحتى الدينية، لمكافأتهم او لإسكاتهم، طبعاً لا تخلو الجعبة من عناصر وصولية من نوع خاص بحثا عن الأبهة والشهرة والامتيازات الخيالية من حمايات وجكسارات وسفرات سياحية تحت غطاء العمل البرلماني مع رواتب شهرية ضخمة وتقاعد خيالي طول العمر.

لهذه الأسباب وربما لأسباب أخرى، أصبح التوجه نحو مقاطعة الانتخابات مبررا!

رغم الطبيعة التحاصصية في تشكيل مفوضية الانتخابات العليا بيد أنها صرحت بحياديتها التامة ونشطت في بعض المجالات، وبالخصوص في توفير رقابة دولية للانتخابات، ونجحت، كما تشير الأخبار.

المواطن العراقي الذي راقب نشاطات المراقبين الدوليين في الانتخابات السابقة المزورة الذين أقروا حينها شرعيتها، لا يرى في وجودهم كثير فائدة، رغم التأكيدات بأنها، هذه المرة، أكثر جدية ومن دول ومؤسسات ومنظمات رصينة، ولكن خشيته من أن أعدادهم لن تغطي كل المراكز الانتخابية، يمكن ان تعرض المراكز الانتخابية البعيدة عن انظارها لتدخلات ذوي النفوذ والسطوة في تقرير نتائجها.

أكثر ما يتمسك به المنادون بإجراء الانتخابات والمشاركة فيها، انها كانت استجابة لمطلب شباب الانتفاضة بالانتخابات المبكرة، غير أن مناداة المنتفضين بها، اشترطت الالتزام ببنود الدستور والقوانين، ولأجل تغيير واقع المحاصصة والمتحاصصين وليس لتوفير فرصة لهم لشرعنة وجودهم وإفلات مسببي مآسي العراقيين وقتلة العراقيين ومنهم قتلة شهداء الانتفاضة من عقاب محكمة الشعب والتاريخ… لذلك فإن الاقتراع غير ذي جدوى!

عرض مقالات: