اخر الاخبار

 كتاب ماركس الأساسي، الذي يكشف فيه عن قوانين الأسلوب الرأسمالي في الإنتاج، ويضع الأساس العلمي للاشتراكية. وكان ماركس يسمي “رأس المال” عمل حياته. وقد بدأ العمل في تأليف هذا المؤلف في منتصف الأربعينات من القرن التاسع عشر، وواصل العمل فيه حتى وفاته. ونشر المجلد الأول منه في عام 1867 ونشر المجلدان الآخران بعد وفاته، بعد أن اعدهما انجلز للطبع: فنشر المجلد الثاني في عام 1885 والثالث في عام 1894. وكانت أول ترجمة الى لغة أجنبية لكتاب رأس المال هي الترجمة الروسية وذلك في عام 1872.

يحلل المجلد الأول من “رأس المال” العملية التي ينتج بها رأس المال، ويدرس المجلد الثاني عملية التداول، أما المجلد الثالث فيحلل الإنتاج الرأسمالي ككل، ويقدم المجلد الرابع (نظريات فائض القيمة) تاريخ المذاهب كتشكيل اقتصادي اجتماعي ويكشف عن قوانين أصلها تطورها ونهايتها. و “رأس المال” الى جانب كونه أعظم دراسة اقتصادية، فانه في الوقت نفسه ذو أهمية فلسفية هائلة. وقد جرى تطبيق الجدل المادي في “رأس المال” تطبيقاً رائعاً، وتم تطويره – علاوة على ذلك – في كل الاتجاهات الرئيسية: كمنهج لدراسة الواقع الموضوعي، ونظرية في المنطق ونظرية في المعرفة. ويتميز تحليل ماركس للرأسمالية طوال الكتاب بعرضه للتناقضات في حركة الرأسمالية ونموها من البداية الى النهاية، من العلاقات الأولى للإنتاج السلعي، الى نقطة الذروة عندما تحين لحظة “نزع ملكية نازعي الملكية”. ويتبع ماركس بطريقة شاملة وتفصيلية مراحل نمو هذه التناقضات وتغير محتواها وطرق حلها، ويصوغ واحداً من أكثر القوانين أهمية وعمومية الخاصة بتطور التشكيلات الاقتصادية – الاجتماعية.

وكتاب “رأس المال” أيضاً تجسيد ملموس للتحليل المادي الجدلي للمفاهيم وصور التفكير الأخرى. والمفاهيم الاقتصادية التي يستخدمها ماركس مرنة ومتحركة ومتناقضة جدليا، وتعكس قابلية التغيير في العلاقات الاجتماعية وما تنطوي عليه من تناقض. ولمنهج الانتقال من المجرد الى الملموس الذي طوره ماركس وطبّقه في “رأس المال” أهمية خاصة، إذ يعكس تطور المفاهيم ومنطق نموها وتحولاتها تاريخ الإنتاج السلعي والتطور التاريخي لأسلوب الإنتاج. وقد مكّنه منهج البحث العلمي الدقيق من أن يبيّن كيف أن فائض القيمة – ونظرية فائض القيمة هي حجر الزاوية في الاقتصاد السياسي عند ماركس – يتجسد بطريقة محسوسة في كل ظواهر الإنتاج الرأسمالي وعملياته. وكتاب “رأس المال” مثال كلاسيكي على التناول المادي التاريخي للمجتمع والتطور الاجتماعي.

لقد درس ماركس تطور الرأسمالية كعملية تاريخية طبيعية، على أساس تطور القوى الإنتاجية التي هي في التحليل الأخير مصدر كل التغيرات الاجتماعية. وأظهر ماركس جدل قوى الإنتاج وعلاقاتها ووحدتها وتناقضاتها.

والخلاصة إن منهج (طريقة) “رأس المال” هي عبارة عن منظومة معقدة لعناصر مختلفة. ويدخل في مفهوم هذه الطريقة: قوانين ومقولات الديالكتيك (التراكمات الكمية تؤدي الى تغيرات نوعية، وحدة وصراع الأضداد، نفي النفي)، مبادئ الفهم المادي للتاريخ، أساليب البحث، بنية العرض .... الخ. إن هذا لم يتكون دفعة واحدة بل عبر عدة مراحل في عمل ماركس، وان عناصر المنهج وجدت مجموعها وتركيبها في ما هو معروف اليوم بمنهج (طريقة) “رأس المال”.

ورغم مرور عشرات العقود على صدور “رأس المال” فأنه ما يزال احد أهم الكتب الصادرة عالميا خلال هذه الفترة.

عرض مقالات: