اخر الاخبار

عندما اغتيل شاعر إسبانيا وكاتبها المسرحي وعازفها الجميل بعمر ثمانية وثلاثين عاماً على يد فاشيي فرانكو، قال صديقه شاعر تشيلي العظيم بابلو نيرودا "من أرادوا أن يضربوا قلب إسبانيا لم يخطئوا عندما اغتالوا لوركا". وأستطيع القول بأن من أرادوا أن يضربوا قلب اليسار والحركة الشيوعية في المنطقة لم يخطئوا عندما اغتالوا ثورة تموز 1958 وحاولوا الإجهاز على قواها اليسارية والديمقراطية والوطنية بدموية قل نظيرها.

ليست مبالغة لو قلنا بأن الانقلاب الفاشي في 8 شباط، الذي نعيش تداعياته حتى الآن، لم يؤثر على العراق وحده، إذ امتد تأثيره إلى المنطقة بأسرها، حيث شخّصت الإمبريالية المتمثلة بأميركا وبريطانيا والدول الإقليمية الرجعية مخاطر ثورة 14 تموز على مصالحها مما دعاها للتحالف والتآمر عليها مبكراً.

ودعونا هنا أن نرصد أهم الدروس المستخلصة من حدوث المأساة في ذلك اليوم المشؤوم وما جره على البلاد من كوارث في الفترات التي أعقبته من تاريخ العراق المعاصر:

  • إن ما حدث من تراجع في الهوية الوطنية الجامعة وفي الثقافة التنويرية جراء الانقلاب يؤكد على أن عدم رسوخ قيم المواطنة وعدم إعلاء شأن الهوية الوطنية يؤدي إلى أن تعبث بالوطن الهويات الفرعية الطائفية والإثنية وتعيق تبلور أية فرصة للتقدم والتنمية في مجالات الحياة كافة.
  • إن السيادة الوطنية يجب أن لا تكون على حساب الديمقراطية، كما أن الديمقراطية يجب ان لا تكون على حساب السيادة الوطنية.
  • تبقى الديمقراطية السياسية عرجاء وليست كافية ولا يمكن ديمومتها بدون الديمقراطية الاجتماعية .
  • إن ضعف اليسار وتراجعه لأسباب موضوعية وذاتية يفسح المجال لمزيد من التبعية والفقر والتخلف.

وأخيراً، إن الفاشية بكافة تمظهراتها القومية او الدينية مهما طال أمدها ستأخذ مكانها الذي تستحقه في مزبلة التاريخ.