اخر الاخبار

تعد الهوية الوطنية الركيزة الأساسية التي توحد الشعوب ضمن إطار مشترك يشمل التاريخ والثقافة واللغة والقيم المشتركة. في السياق العراقي، تواجه الهوية الوطنية تحديات متعددة تتقاطع مع الانقسامات الطائفية والعرقية والنضال من أجل الحقوق الاجتماعية والسياسية. يلعب اليسار العراقي  ــ اليسار العراقي يمثل القوى التقدمية والوطنية التي تسعى لدعم الإصلاح والتغيير، مع التركيز على تعزيز مفهوم الهوية الوطنية و ترسيخ قيم المواطنةــ دوراً محورياً في مواجهة هذه التحديات، من خلال دعمه للمطالب الشعبية، ومشاركته الفاعلة في البرلمان، ونضاله من أجل ترسيخ العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان.

دور اليسار العراقي في البرلمان والانتخابات

شهد العراق بعد عام 2003 تحولاً سياسياً جذرياً أتاح المجال لمختلف التيارات السياسية، بما في ذلك التيارات اليسارية، للمشاركة في العملية الديمقراطية. على الرغم من التحديات، يسعى اليسار العراقي، من خلال مشاركته البرلمانية، إلى تقديم بديل تقدمي يركز على العدالة الاجتماعية، وحقوق العمال، ومقاومة السياسات النيوليبرالية التي تُعمق الفجوة الطبقية. في الانتخابات، يلعب اليسار دوراً حاسماً في توجيه النقاشات نحو قضايا أساسية مثل العدالة الاجتماعية، وتمثيل الفئات المهمشة، ومكافحة الفساد. يسعى ممثلو اليسار إلى تعزيز الشفافية في إدارة الدولة، وتفعيل دور المؤسسات الرقابية، والدفع نحو سياسات اقتصادية تُلبي احتياجات الطبقات الكادحة بدلاً من خدمة النخب.

حماية الاعتصامات والمطالب الشعبية

تاريخياً، كان اليسار العراقي في طليعة القوى الداعمة للاعتصامات والاحتجاجات الشعبية. من انتفاضات العمال في خمسينيات القرن الماضي إلى حركة الاحتجاجات في أكتوبر 2019، شكلت قوى اليسار جزءاً لا يتجزأ من المطالب الشعبية التي سعت إلى تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي. يؤكد دعم اليسار للاعتصامات التزامه بحقوق الإنسان وحرية التعبير كمبادئ أساسية لأي نظام ديمقراطي حقيقي. عبر التنسيق مع الحركات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني، يساهم اليسار في حماية المحتجين من القمع، والدفاع عن حقوقهم في التعبير السلمي.

الهوية الوطنية والعلاقة بالمواطنة

الهوية الوطنية في العراق ليست مجرد فكرة مجردة، بل هي أداة أساسية لمواجهة التحديات السياسية والاجتماعية. تمثل الهوية الوطنية الإطار الذي يحتضن التنوع الثقافي والديني والعرقي، وتحوله إلى مصدر قوة يوحد المجتمع في مواجهة التحديات المشتركة.

المواطنة، من جانبها، هي الترجمة العملية للهوية الوطنية. عندما تكون الهوية الوطنية قوية وشاملة، فإنها توفر الأساس لتفعيل قيم المواطنة مثل المساواة والمسؤولية الاجتماعية. الهوية الوطنية الحقيقية لا تتأسس على شعارات فارغة، بل على مشروع سياسي واجتماعي يتجاوز الانقسامات الطائفية، ويعزز وحدة المجتمع في مواجهة الهيمنة الإمبريالية والاستغلال الطبقي.

تحديات بناء الهوية الوطنية

في ظل الاحتلال والتدخلات الخارجية، يصبح الحديث عن الهوية الوطنية ضرورة ثورية. مع ذلك، يجب أن يُفهم هذا الحديث ضمن إطار أوسع يشمل:

1ــ إدراك الاستغلال الطبقي الداخلي:الاحتلال ليس فقط عسكرياً أو سياسياً، بل يمتد إلى البنية الاقتصادية التي تعمق استغلال الطبقات العاملة. القوى المسيطرة داخلياً تتعاون مع الهيمنة الخارجية لخدمة مصالحها.

2 ــ النضال ضد الاحتلال والاستغلال الطبقي: لا يمكن اختزال القضية في صراعات طائفية أو عرقية. الهوية الوطنية الحقيقية تتبلور من خلال مقاومة الاحتلال والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية.

3 ــ الاعتراف بالتنوع الثقافي والاجتماعي: الهوية الوطنية ليست نقيضًا للهويات الفرعية. على العكس، يمكن للهويات الفرعية أن تساهم في إثراء الهوية الوطنية وتعزيز الوحدة، إذا تم الاعتراف بها وإدماجها في إطار وطني جامع.

دور اليسار في بناء الهوية الوطنية

يساهم اليسار العراقي في تعزيز الهوية الوطنية من خلال التركيز على القيم المشتركة التي توحد المجتمع، مثل مقاومة الاحتلال، والدعوة إلى العدالة الاجتماعية، واحترام التنوع. يعمل اليسار على تطوير خطاب سياسي شامل يتجاوز الانقسامات الطائفية، ويبرز أهمية التكاتف الشعبي لبناء وطن قائم على المساواة والعدالة.

علاوة على ذلك، يروج اليسار لمبادرات تعزز الهوية الوطنية، مثل:

ــ الفعاليات الثقافية المشتركة التي تسلط الضوء على التراث الوطني المشترك.

ــ إصلاح الإعلام الوطني ليكون منصة توحيد تسهم في مواجهة الخطابات الانقسامية.

ــ تحفيز المشاركة المجتمعية من خلال دعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل على تعزيز المواطنة والتماسك الاجتماعي.

في ظل التحديات التي يواجهها العراق، تعد الهوية الوطنية والمواطنة من الركائز الأساسية لبناء مجتمع عادل ومستقل. الهوية الوطنية ليست مجرد فكرة عابرة أو مشروعاً ثقافياً، بل هي وسيلة لمواجهة الهيمنة الداخلية والخارجية، وتعزيز التماسك الاجتماعي. من خلال دوره في البرلمان والاحتجاجات، ودعمه للقيم التقدمية، يساهم اليسار العراقي في بناء هوية وطنية تقدمية تقوم على العدالة الاجتماعية، واحترام حقوق الإنسان، وتحقيق السيادة الوطنية. هذه الهوية، التي تحتضن التنوع بدلاً من إلغائه، هي القاعدة التي يمكن من خلالها تحقيق عراق موحد ومستقل، قائم على المساواة والتضامن.