في 1920 ألف لينين كتاب "مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية" وقد شرح فيه سياسة الحزب البلشفي، وكيف عالج القضايا التي طرحها الواقع في روسيا آنذاك، وذلك لنقل خبرة الحزب إلى الأحزاب في البلدان الأخرى.
ومن الدروس المهمة التي رآها لينين هي: إن أحد الشروط الأساسية لنجاح البلاشفة هو الاندماج مع أوسع الجماهير، واقتناع هذه الجماهير بصحة قيادة الحزب. ومن ضمن الدروس التي يطرحها، الجمع بين العمل السري والاستفادة من الإمكانيات العلنية، وتكتيك مقاطعة البرلمان أو الاشتراك فيه تبعا للظرف الملموس. ويطرح لينين فكرة أن موقف الحزب من أخطائه هو واحد من أهم وأصدق الأدلة على جديّة الحزب، وعلامة الحزب الجدي الاعتراف بالخطأ وتحليل ظروف اتخاذه، والبحث عن وسائل إصلاح الخطأ.
وردا على طروحات ثورية البرجوازية الصغيرة أوضح لينين الموقف من المساومة حيث ينبغي تحليل الظروف الملموسة عند كل مساومة، وضرورة المراعاة الموضوعية للقوى الطبقية وللعلاقة فيما بينها. ويخطّئ لينين من يمتنع سلفا عن المناورات، وعن الاستفادة من تناقض المصالح "ولو مؤقتا" بين الأعداء، وعن المساومات مع الحلفاء المحتملين "وليكونوا متذبذبين متأرجحين ونسبيين".
واعتبر لينين موقف اليساريين الألمان خاطئا بعدم الاشتراك في النقابات الرجعية، ويعلل ذلك بالدور الطليعي للبروليتاريا في تعليم وتثقيف الجماهير الأكثر تأخرا، الموجودين في النقابات "الرجعية" كما أنه ينتقدهم أيضا لعدم الاشتراك في البرلمانات البرجوازية ويفند حججهم.
إن الأسئلة التي طرحها الكتاب مثل: هل ينبغي أن يعمل الثوريون في النقابات الرجعية؟ وهل من الصحيح القول لا مساومة أبدا، وهل يجب الاشتراك في البرلمانات البرجوازية؟ تدعو إلى دراسة الواقع وتفهم الظروف الملموسة لاتخاذ الموقف الصحيح بشأن رسم ستراتيج وتكتيك مناسبين، اعتمادا على تواجد الحزب وقربه من الجماهير، ويبقى موقف الحزب من أخطائه معيارا مهما لتقييم دوره ونفوذه بين الجماهير.