اخر الاخبار

لم تصل البلدان والشعوب جميعا الى مرحلة مساواة المرأة والرجل في الحقوق والواجبات والقيمة الإنسانية، وفي فرص القيادة السياسية والمؤسساتية. لهذا لجأت الأمم المتحدة، منعا للتمييز ولتحقيق المساواة بين البشر بغض النظر عن الجنس او اللون او العرق والدين، الى اعتماد الكوتا النسائية، لضمان حضور النساء في البرلمانات والوزارات والسلطات االاخرى في هذه الدول.

والعراق من الدول التي تعتمد الكوتا النسوية في انتخابات مجلس النواب، بنص دستوري يقضي بأن تكون للنساء نسبة لا تقل عن ٢٥ بالمائة من العدد الكلي لاعضاء مجلس النواب.

لكن الكوتا النسائية اصطدمت بواقع ان أغلب الاحزاب والكتل السياسية المتنفذة والمهيمنة، لا تؤمن بالديمقراطية ولا بحقوق المرأة التي كفلها الدستور. واذا كانت ترشح نساء لعضوية البرلمان، فلأنها مضطرة اولا وقد ضمنت ثانيا ان تعمل “نائبتها” ضمن مفهوم الحزب الشمولي القبلي او التيار الديني، الذي كما ذكرنا لا يؤمن بالديمقراطية ولا بدولة المواطنة المدنية الحديثة.

وغالبا ما تستغل هذه الاحزاب ثغرات في الدستور او تلجأ الى “العادات والتقاليد” العشائرية والشرعية، لمنع اي محاولة لتشريع قوانين جديدة تخدم المرأة والاسرة والمجتمع.

واليوم وبعد ١٨ عاما من التغيير المفترض نحو الديمقراطية والبناء، وما بذلته الأمم المتحدة والدول المانحة والمسؤولة في مجال التنمية البشرية وتمكين المرأة، لم يتحقق شيء كبير في هذا المجال. فكل ما انفق بهدف تغيير المفهوم السياسي والقانوني في ذهنية النواب والنائبات باتجاه التقدم والمدنية، ذهب هباء للأسف لأن النائبات لم يفهمن ان حقوق المرأة لا تتعلق برأي حزبها او تيارها، بل بكونها حقوقا بديهية تتجاوز في اهميتها السياسة والعقائد والرأي الشخصي طبعا.

ان على المرأة التي تصل الى مجلس النواب عبر الكوتا، ان تدرك وتميز بين برنامج حزبها السياسي والاقتصادي، وبين قوانين حقوقها المتساوية مع حقوق الرجل. فهذه الحقوق جزء من قانون دولي إنساني وضعت الكوتا على ضوئه وليس برغبة حزبها.

لقد سُنّ الدستور في العراق بناءً على نتائج حرب مريرة وبعد سنين من الدمار والإحتلال والتدخل الاممي، ولا يحق لأي حزب لا يؤمن بالديمقراطية ان يمارس الديمقراطية كمجرد لعبة وتحايل للوصول الى الحكم ومصادر المال والهيمنة، وصولا الى تجريد النساء من حقهن الذي لا يقبل النقاش. كما ان المرأة التي لا تؤمن بحقها في المساواة لا تملك الحق في التنازل عنه.

عرض مقالات: