اخر الاخبار

الأنتخابات حق قانوني ودستوري للجميع وهي آلية من آليات الديموقراطية الهدف منها التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، ومثلما يحق للمواطن كناخب أوكمرشح وللأحزاب السياسية المشاركة فيها أيضا لهم الحق بالمقاطعة والعزوف عن المشاركة فيها، والمقاطعة خيار من عدة خيارات متبعة في النضال والعمل السياسي، و تعتبر سلوكا ديموقراطيا ونوعا من أنواع الأحتجاج السلمي، ونهجا حضاريا، وتعبيرا عن سخط الجماهير والأحزاب التي تمثل تلك الجماهير وتطلعاتها والرافضة لسياسات نظام المحاصصة الطائفية والقومية ودور الكتل المتنفذة والمتغلغلة التي جعلت من الفساد المالي والإداري مؤسسة من مؤسسات الدولة،  فلذا تعتبر المقاطعة سلوكا ديموقراطيا تنتهجه الأحزاب السياسية وقرارا خاصا بحياتها الداخلية الحزبية،  فليس من حق مفوضية الانتخابات رفض المقاطعة وهذا ليس من صميم عملها إلا أذا كانت  خاضعة  لهيمنة  الكتل المتنفذة  التي تريد أن تعطي صورة إلى العالم الخارجي لتعبر من خلالها عن حرصها على العملية الديموقراطية في العراق، ولكي تنجح مساعيها بتحقيق الديموقراطية يجب أن تجري الأنتخابات بشروطها ومنها توفير البيئة الآمنة، الدعاية الأنتخابية بلا سقف مالي ولا متابعة. المشرع لم يضع نسبة كحد أدنى للمشاركة لتتضح من خلالها شرعية الانتخابات، وكما معروف في انتخابات عام 2018 كانت نسبة المشاركة بحدود 20 %.

 لقد قدم مرشحو الحزب الشيوعي العراقي ضمن التحالف المدني الديمقراطي كتبا رسمية إلى مكاتب المفوضية بشأن انسحابهم من الانتخابات والذي جاء انسجاما مع موقف الحزب المقاطع للانتخابات المقبلة والذي أعلن عن موقفه  في 24 تموز ولكن تم رفضها بحجة اغلاق باب الانسحاب، و يعد مخالفا للحق القانوني والدستوري في الأنسحاب من الانتخابات،  فالأنسحاب كالمشاركة حق ينسجم مع الديمقراطية والدستور، مفوضية الانتخابات اعتبرت من جانبها قرارات مقاطعة الانتخابات لا قيمة  قانونية لها بعد إغلاق باب الأنسحاب في 20 من شهر حزيران الماضي، وكما جاء أيضا على لسان المتحدثة بأسم المفوضية  جمانة الغلاي في بيان مختصر ( لاقيمة قانونية للمنسحبين من المشاركة في الانتخابات )،  وهنا نتساءل عن ماهية  تلك القيمة القانونية ؟ وما حجمها إزاء رغبة أعم وأغلب الجماهير بالمقاطعة نتيجة انعدام الثقة بالسلطات المتنفذة؟  وكان الأجدر بمفوضية الانتخابات منع الكتل السياسية التي تمتلك  أذرعا مسلحة  من المشاركة في الانتخابات  وتفعيل قانون الأحزاب إلا أذا كانت خاضعة لسطوتها، وهذا دليل آخر لأنحيازها وعدم استقلاليتها وأعاقتها للنهج الديموقراطي، فالديموقراطية لا تنحصر فقط  في أجراء الانتخابات وأنما هي عمليات متراكمة  وعديدة في السلوك والنهج المتبع من خلال تشريع القوانين من قبل الدولة ومؤسساتها على أن تكون تخدم مصالح الجماهير في الأنتقال والتداول السلمي للسلطة ومن تلك القوانين التي كان من المفترض أن تشرع  ضمن قانون الانتخابات الحالي جعل العراق دائرة انتخابية واحدة أو المحافظة الواحدة دائرة انتخابية واحدة وليس قوانين مفصلة وفق مقاسات الكتل المتنفذة لتضمن أعادة تدويرنفسها لضمان البقاء على نفسها في السلطة لكي تضمن عدم ملاحقتها قضائيا نتيجة ملفات فساد مالي وإداري وقضايا جنائية ملتصقة بها والحفاظ على مكتسباتها ومغانمها كما ولايعطيها الحق في مصادرة إرادة  الجماهير والأحزاب السياسية في المشاركة أو المقاطعة .

عرض مقالات: