اخر الاخبار

بدأت بتاريخ ٢٠٢٤/١٠/١ حملة تشجير كبرى أعلن عنها مجلس الوزراء داخل المدن وخارجها على الطرق الرئيسية تساهم فيها إدارة المحافظات والبلديات ومديريات الزراعة والبعض من منظمات المجتمع المدني الشبابية، واذ تعتبر هذه مبادرة جيدة لتحسين الظروف البيئية والصحية للمواطن تبقى تحتاج إلى تطوير وعلى عدة صعد، ففي الوقت الذي بدأت فيه هذه المبادرة أعلنت مديرية زراعة البصرة عن اقامة ١٠٠ دعوة قضائية على ملاكين وأصحاب بساتين في محافظة البصرة، وحسناً فعلت مع العلم أن عمليات التجريف لا تشمل البصرة فقط بل كافة المحافظات العراقية مما أثر على البيئة والصحة العامة للمواطنين عموماً في ظل التغيرات المناخية والاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة والجفاف بسبب شحة مياه نهري دجلة والفرات، ومما ساعد على ذلك عمليات النزوح من الريف إلى المدينة والزيادة السكانية المستمرة في المدن في ظل التخطيط الحضري السيئ والتجاوز على التخطيط العمراني للمدن وأيضاً  في ظل صمت حكومي غير مبرر، فنرى أن التجاوزات على التخطيط العمراني كثيرة، فهناك الكثير من المحددات ومنها القرار ٩٤٠ لسنة ١٩٨٧ الذي حدد أن يكون البناء ومساحة البيوت في مراكز المحافظات ٢٠٠متر مربع للبيت الواحد و٢٥٠ متر مربع في مراكز الاقضية و ٣٠٠ متر مربع في النواحي، على أن يكون جزء منه حديقة، لقد وصلت نسبة التجاوز إلى ٤٠ بالمائة من مجموع التجاوزات حيث قسمت الدور إلى قطع ٥٠ متر مربع و١٠٠ متر مربع للبيت الواحد، ونرى أن البلديات في المدن تغض الطرف عن هذا التجاوز وتمنح اجازات البناء تحت مختلف الذرائع، ليس هذا وحسب بل تم التجاوز على المتواصلة؟ الطرق وارصفتها والتشجير فيها وتحويلها إلى محلات واكشاك تجارية وصناعية ومطاعم، بل وصل الحد إلى التجاوز على المناطق الخضراء من متنزهات وأحزمة خضراء ومنحها استثمارات لإنشاء مولات ومناطق تجارية مثل ما حصل في النجف وبعض المحافظات الاخرى تحت نظر وسمع المسؤولين الذين يستثمرون ذلك سياسياً ويقومون بتبليط الطرق وإيصال الماء والكهرباء لهم تجاوزاً على التعليمات والنظم والقوانين لأغراض انتخابية وقت الانتخابات المحلية والنيابية. كل هذا أثر كثيراً على الخطط العمرانية الموضوعة مسبقاً والمخطط لها لاحقاً. لهذا ولحماية البيئة والحفاظ على صحة الانسان مطلوب حزمة من إجراءات منها:

أولاً - تفعيل النظم والقوانين والقرارات المرتبطة بالتخطيط العمراني وعدم التجاوز عليه مهما كانت الأسباب ومحاسبة المسؤولين الذين يغضون الطرف عن ذلك بسبب الفساد المستشري في مؤسسات الدولة او بتأثير المتنفذين على الادارات الحكومية.

ثانياً - تنفيذ القرار ١٥٤ لسنة ٢٠٠١ والذي نص على إزالة التجاوزات والتي تقع على عاتق الوزارة والجهات المختصة الاخرى ويتحمل المتجاوز مسؤولية إزالة التجاوز وكافة الكلف المترتبة على ذلك والاضرار الناجمة عنه خلال عشرة ايام وفي حالة عدم الاستجابة يحجز.

ثالثاً - توفير الحماية الميدانية للمسؤولين عن تنفيذ إزالة التجاوزات وكذلك حمايتهم من تأثيرات المتنفذين.

رابعاً - إيقاف العمل من قبل المستثمرين الذين منحوا اجازات استثمار في المناطق الخضراء ان كانت متنزهات او أحزمة خضراء.

خامساً - وضع تخطيطات عمرانية جديدة آخذين بنظر الاعتبار الزيادة السكانية والظروف المناخية والحالات الطارئة مثل النزوح الحاصل بسبب شحة المياه على ان لا تقل فيه مساحة المناطق الخضراء عن ٢٥ بالمائة من متنزهات وأحزمة خضراء آخذين بنظر الاعتبار مساحات الدور والتي ايضاً لا تقل مساحة الحديقة فيها عن ٢٠ بالمائة على ان يصادق على هذه التخطيطات العمرانية بقوانين كي لا يتم التجاوز عليها.

سادساً - محاسبة من قام بتجريف البساتين جميعاً دون استثناء والزامهم بإعادة إنشاء بساتينهم وتضمينهم أثمان النخيل وأشجار الفاكه مع انتاجها وتشكيل لجان متخصصة بذلك في كافة المحافظات وتقديم كافة الدعم لهذه اللجان.

سابعاً - تنفيذ القرارات السابقة بأنشاء حزام اخضر وبعرض ٢ كم من الموصل حتى الفاو بمحاذاة البوادي وبزراعة ١٠ مليار شجرة وتوفير المبالغ اللازمة لذلك من الموازنة العامة.

ثامناً - إعادة إحياء كافة المحميات الطبيعية التي انشأتها وزارة الزراعة وفي كافة المحافظات والتي انقرضت بسبب ضعف الموازنة وعدم توفير المبالغ اللازمة لها. أخيراً أقول إن القيام بعمليات التشجير مع استمرار عمليات تجريف البساتين والمناطق الخضراء تبقى حملة لا معنى لها.

ــــــــــــــــــــــــــ

* مهندس زراعي استشاري