تتسارع الأحداث بشكل غريب وبإصرار وعناد فج يخفي وراءه نوايا مضرة جدا بالنسيج الاجتماعي للعائلة العراقية، ويكرس بل يعمق التمترس الطائفي الذي بدوره سوف يشتت العوائل مما يؤدي إلى ضياع حقوق شريحة فاعلة تشكل نصف المجتمع (المرأة) ويجعلها بضاعة أو سلعة تشترى وتباع في سوق النخاسة وهذا يعيدنا إلى عصر ما قبل التطور التكنولوجي والابتكارات العلمية.
إن إصرار الداعين لتعديل القانون المدني المتحضر رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ ما هو إلا تحد للقوى المدنية والعلمانية والديمقراطية، وهو تحد لا يخضع بأي شكل من الأشكال لنوايا أخلاقية أو إنسانية، بل هو إصرار على الوقوف بوجه القوى المدنية الساعية إلى رفض مشروع التعديل بكل الوسائل الدستورية التي تنتهجها وبشكل حضاري ينم عن وعي وتفهم إلى أبعاد مخرجات مشروع التعديل وتأثيره على بنية وتماسك العائلة العراقية وأبعادها من الأضرار المجحفة التي تلحق بها من مشروع قانون يعيدنا الى الوراء بعقود كبيرة.
المرأة ليس سلعة أو بضاعة للمضاربة بها أو لقضاء النزوات والشهوات بل هي المحرك الفاعل للمجتمع، هي التي تبني الأسرة والأطفال، هي الأم والأخت والزوجة والحبيبة، هي العاملة والفلاحة والمهندسة والطبيبة وربة البيت، كيف نسمح أن نجعل منها كيانا ناقصا؟ وهي بدونها لا تكتمل دورة الحياة.
لن يمر تعديل مجحف بحقها ونرى وبكل قناعه أن القانون الساري منصف جدا لها وأن كانت هناك نوايا صادقة للتعديل فلا بأس أن تخضع للنقاش والدراسة المعمقة وفق الظروف الحالية التي نمر بها وبإشراك منظمات المجتمع المدني والأكاديميين وذوي الاختصاص من المشرعين وأصحاب الخبرة، ونذهب بتشريع تعديل غايته إنصاف المرأة ويمنحها الحقوق الكاملة دون المساس بكرامتها وإعلاء شأنها باعتبارها النصف المكمل للمجتمع وبكل احترام.