اخر الاخبار

بعد مرور سنة على تشكيل حكومة السيد مصطفى الكاظمي صدر تقرير الاداء الحكومي الذي يتناول الخطوات التي اتخذتها الحكومة العراقية لانجاز المنهاج الوزاري، ومستوى ما تحقق من نجاح. ويتضمن التقرير اهم الانجازات التي تحققت  في الفترة من 8 ايار2020 حتى 7 ايار2021 وفي مختلف القطاعات.

وبالنظر الى اهمية المنافذ الحدودية وتأثيرها المباشر على الوضع الامني والاقتصادي للبلاد، فقد حظي هذا الملف باهتمام كبير من قبل حكومة السيد مصطفى الكاظمي.  إذ تم تكليف قوات التدخل السريع وقوات مكافحة الارهاب بتأمين الحماية للمنافذ، وفرض هيبة الدولة وطرد العصابات التي كان لها نشاط ملحوظ على الطرق التي تربط المنافذ الحدودية بمراكز المدن. وبعد نجاح هذه القوات في تنفيذ المهام المكلفة بها، اعلن السيد رئيس مجلس  الوزراء تمكن الحكومة من احكام السيطرة على المنافذ الحدودية، وفرض هيبة الدولة  الذي كان له الاثر المباشر في زيادة الايرادات المتحققة في المنافذ الحدودية، الأمر الذي اكده تقرير الاداء الحكومي.

وعلى الرغم من قناعتنا باهمية تواجد هذه القوات قرب المنافذ الحدودية، لفرض هيبة الدولة والحد من هيمنة العصابات المسلحة على الطرق التي تربط مراكز المدن في المنافذ الحدودية، الا اننا واثقون من ان هذا الاجراء غير كاف للحد من الفساد الاداري والمالي في المنافذ الحدودية، لان اغلب حالات الفساد في المنافذ لا تمرر باستخدام القوة كما يعتقد بعض الاخوة الذين لا يعرفون جيدا طبيعة عمل المنافذ الحدودية، وانما يمرر الفساد من خلال الاتفاق بين بعض الموظفين الفاسدين العاملين في المنافذ، مع من يقوم بمهمة التخليص الجمركي. ولان القوات التي كلفت بحماية المنافذ قوات قتالية غير متخصصه في العمل الجمركي، فانها لا تمتلك الخبرات والمهارات التي تمكنها من كشف التلاعب في المعاملات الجمركية، والذي غالبا ما تكون طبيعته تغييرا في وصف البضاعة كما او نوعا او بالاثنين معا، بهدف التهرب من دفع الرسوم الجمركية والضريبية. وهذا يعني ان تأثير القوات المذكورة في تغيير نسب الفساد الاداري والمالي في المنافذ محدود جدا.

وبعد اطلاعي على تقرير الاداء الحكومي، وبالتحديد الجزء المتعلق بالانجازات الحكومية في المنافذ الحدودية، ولكوني عملت سابقا رئيسا لهذه المؤسسة، وجدت من واجبي ان اضع امام الحكومة بعض الحقائق والمعلومات، التي قد تكون وصلت اليها بشكل غير دقيق. وسأحاول عرض هذه المعلومات معززة بالارقام، ويمكن للحكومة التأكد من دقتها من خلال الاستفسار من الدوائر ذات العلاقة.

 لقد تضمن تقرير الاداء الحكومي اربعة محاور رئيسة، تم فيها عرض نسب الانجاز في كل محور:

المحور الاول: ارتفاع الايرادات:

تعد الايرادات الجمركية التي تحققها المراكز الجمركية في المنافذ الحدودية، من اهم واكبر الايرادات التي تحققها الدوائر العاملة في المنافذ الحدودية. حيث بلغت الايرادات الجمركية المتحققة في الفترة من ايار 2020 حتى نيسان 2021 حوالي 1102 مليار دينار، فيما وصلت الايرادات المتحققة في الفترة من ايار 2019 حتى نيسان 2020 مبلغا قدره 945 مليار دينار. وبمقارنة الايرادات المتحققة في الفترتين اعلاه نستنتج ان هناك زيادة في الايرادات بنسبة 16.6 %. وهي نسبة تختلف كثيرا عن النسبة الواردة في تقرير الاداء الحكومي، حيث ذكر التقرير ان ايرادات المنافذ ارتفعت بنسبة تقدر بـ 90 % لكنه لم يبين ما اذا كانت زيادة بالمقارنة مع السنة السابقة ام مع ما كان مخططا له.

والواقع ان ارتفاع الايرادات الجمركية نتج عن سببين رئيسين:

الاول: ارتفاع سعر صرف الدولار من 1190 الى 1450 دينارا، وهذا الارتفاع تسبب في زيادة ارقام الايرادات الجمركية في اشهر كانون الثاني 2021 حتى نيسان من العام نفسه. ذلك انه بموجب قانون التعرفة الجمركية يحتسب الرسم الجمركي بالدولار، ثم تحسب القيمة بالدينار العراقي حسب سعر الصرف المقرر من قبل البنك المركزي، علما ان الهيئة العامة للجمارك اعتمدت سعر صرف الدولار مقابل 1460 دينارا.

 ثانيا: القرار الذي اتخذته الهيئة العامة للجمارك في كانون الاول 2020 باعتبار الأمانات التي مضى عليها 5 سنوات فاكثر، ايرادا نهائيا للدولة. حيث نتج عن هذا القرار ارتفاع حجم الايرادات الجمركية لشهر كانون الاول وبلوغه 237 مليار دينار، اي ما يزيد 140 مليار دينار تقريبا على معدل الايرادات الشهرية.

ولغرض تقييم أثر الاجراءات التي اقدمت عليها الحكومة في المنافذ الحدودية، ينبغي معرفة تأثيرها الحقيقي على الايرادات الجمركية المتحققة. وهذا يتطلب استبعاد التأثيرات المشار اليها اعلاه من خلال احتساب الايرادات بالدولار الامريكي. كذلك استبعاد ايرادات شهر كانون الاول 2020 وكانون الاول 2019، فيكون مجموع الايرادات المتحققة في الفترة من ايار 2020 حتى نيسان 2021 (عدا شهر كانون الاول) حوالي 671.6 مليون دولار. بينما يقدر مجموع الايرادات في الفترة من ايار 2019 حتى نيسان 2020 (عدا شهر كانون الاول) بـ 715.3 مليون دولار، ما يعني ان الايردات انخفضت بنسبة %6.1 مقارنة بنفس الفترة من السنة التي سبقت تشكيل حكومة السيد الكاظمي وان انخفاض الايرادات يعد نتيجة طبيعية للظروف التي رافقت جائحة كورونا.

ان ما تم عرضه اعلاه لا يستهدف التقليل من اهمية الاجراءات التي اتخذتها حكومة السيد مصطفى الكاظمي لاحكام السيطرة على المنافذ الحدودية، وان غايتي هي ان اضع امام الحكومة الاسباب الحقيقية لعدم السيطرة على المنافذ الحدودية طيلة السنوات السابقة، والذي تسبب في ضياع ما بين 8 و10 ترليونات دينار سنويا طيلة السنوات الممتدة من 2005 حتى كتابة هذا التقرير. فالايرادات الجمركية السنوية يفترض ان لا تقل عن 10 ترليونات دينار، في حين ان اعلى ايراد جمركي متحقق كان في عام 2018 و بلغ ما يقرب من 1692 مليار دينار. اما اقل ايراد جمركي فكان في عام 2005 وبلغ 101 مليار دينار. وفي ضوء ذلك يمكن حساب حجم الهدر في المال العام طيلة هذه السنوات.

ولا يتجلى أثرعدم السيطرة على الحدود والمنافذ الحدودية في تدني الايرادات الجمركية فقط، فهو ذو آثار خطيرة جدا تتمثل في انتشار تجارة المخدرات ودخول الاسلحة غير المرخصة ودخول الادوية والاغذية منتهية الصلاحية، وفي عدم التمكن من تطبيق التعليمات والقرارات المتعلقة بحماية المنتج، اضافة الى المخاطر الامنية الاخرى التي لا مجال لذكرها هنا.

ونظرا لعدم تمكين الحكومات السابقة هيأة المنافذ من مواجهة التحديات الخطيرة المذكورة، لأن التصدي للكثير منها كان يتطلب صلاحيات ليست ضمن الممنوح لهيأة المنافذ، فقد بادرت الهيأة الى مفاتحة الجهات العليا في كتب رسمية ضمنتها الخروقات التي تحدث. بالاضافة الى تحقيق لقاءات مباشرة مع السيد رئيس الوزراء السابق والسيد رئيس الوزراء الاسبق، ولقاءات مع السيد رئيس مجلس النواب وعدد من رؤساء اللجان البرلمانية. كذلك لجأت الهيأة المنافذ الى الاعلام لتوضيح خطورة التحديات التي تواجه المنافذ، والدعم المطلوب من الحكومة بغية التصدي لتلك التحديات. الا انه وللاسف الشديد لم يكن ذلك الدعم بالمستوى الذي يمكّن هيأة المنافذ من مواجهة تلك التحديات.

وبعد التغيير الحكومي لمسنا من حكومة السيد مصطفى الكاظمي اهتماما كبيرا بملف المنافذ الحدودية، الذي اعتبرته من ضمن اولوياتها. الامر الذي حفزنا على ايصال بعض المقترحات التي يمكن ان تحسن من واقع حال المنافذ. حيث شاركت في ورشة العمل التي نظمها مركز النهرين للدراسات الاستراتيجبة في اول ايلول 2020 وقدمت محاضرة بعنوان “المنافذ الحدودية / التحديات وفرص التطوير” تضمنت عدة توصيات نعتقد انها ضرورية جدا لتحسين وتطويرالواقع الحالي للمنافذ، وتم رفع التوصيات الى السيد رئيس الوزراءعن طريق السيد مستشار الامن القومي.

لقد كان قرار الحكومة في عام 2016 انشاء هيأة المنافذ الحدودية قرارا صائبا، وكان له الاثر الكبير في ارتفاع حجم الايرادات.

ولتسليط الضوء على اثر الاشراف والرقابة والسيطرة التي مارستها هيأة المنافذ الحدودية، نعرض الايرادات الجمركية المتحققة في السنوات من 2016 حتى 2020، علما ان هيأة المنافذ باشرت مهامها في 1 /8 /2017

يتضح من الجدول اعلاه ان الايرادات الجمركية لعام 2017 بلغت 1236 مليار دينار، أي انها ارتفعت بنسبة %91 مقارنة بمثيلتها في عام 2016 والتي لم تزد على 647 مليار دينار. ويعود سبب هذا الارتفاع الى ممارسة هيأة المنافذ دورها الرقابي والاشرافي فور تأسيسها في عام 2017.

وفي عام 2018 بلغت الايرادات 1692 مليار دينار، اي انها ازدادت بنسبة %37 بالمقارنة مع المتحقق في عام 2017، ونجمت هذه الزيادة عن فرض اجراءات الرقابة والسيطرة على المنافذ البحرية، حيث باشرت هيأة المنافذ الحدودية مهامها في المنافذ البحرية بتاريخ 1 /5 /2018 إثر صدور التعليمات رقم (1) لسنة 2018 ونشرها في جريدة الوقائع العراقية.

وفي عام 2019 انخفضت الايرادات الجمركية بنسبة تقدر بـ %37 عما تحقق في العام السابق، حيث بلغت الايرادات الجمركية 1059 مليار دينار، ويعود سبب هذا الانخفاض الى توسع الحكومة  في منح الاعفاءات الجمركية، خاصة للملكة الاردنية الهاشمية.

اما في عام 2020 فبلغ مجموع الايرادات الجمركية 1039 مليار دينار، بانخفاض عن 2019 نسبته 1.8%. وكان منطقيا ان تكون نسبة الانخفاض اكبر نظرا للظروف التي فرضتها جائحة كورونا، الا ان القرار الذي اتخذته ادارة الجمارك والذي اشرنا اليه سابقا، خفف من تأثير الجائحة على الايرادات المتحققة.

 وفي خلاصة لهذا المحور نقول ان الحكومة ما زالت تعاني من مشكلة انخفاض الايرادات الجمركية ومن هدر في المال العام يقدر بحوالي 8 ترليونات دينار سنويا، وان هذا الهدر الكبير ناتج عن الآتي:

-1 الاعفاءات الجمركية الممنوحة الى الاردن والتي أثرت كثيرا على الايرادات الجمركية، خاصة منها المتحققة في منفذ طريبيل الحدودي.

-2 الاعفاءات الجمركية للمشاريع الاستثمارية والتي استغلت استغلالا بشعا، بحيث شجعت ظهور مشاريع استثمارية وهمية غايتها تحقيق “ارباح” من الاعفاءات الجمركية ذاتها.

-3 الاعفاءات الجمركية الممنوحة للاوقاف الدينية بموجب موافقات خاصة.

-4 المعابر غير الرسمية المنتشرة على حدود العراق المشتركة مع دول الجوار، والتي يوجد معظمها في اقليم كردستان.

-5 عدم تسليم سلطات الاقليم الايرادات الجمركية المتحققة من المنافذ الكائنة على حدوده مع دول الجوار، خلافا لما نصت عليه قوانين الموازنة العامة الاتحادية.

-6 عدم التزام الاقليم بمعظم القرارات الاتحادية التي يصدرها مجلس الوزراء، خاصة القرار رقم 13 لسنة 2019، الذي تم بموجبه توحيد التعرفة والاجراءات الجمركية، وتوحيد الاجراءات المتعلقة بحماية المنتج المحلي وبالروزنامة الزراعية، وتوحيد الاجراءات الخاصة بفحص البضائع والمعتمدة من قبل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية. فعدم التزام الاقليم بتطبيق هذا القرار مقابل تطبيقه بصرامة في بقية المنافذ الاتحادية، شجع غالبية التجار على تحويل بضائعهم لادخالها عن طريق منافذ الاقليم، الامر الذي ادى الى حرمان الخزينة من الايرادات التي كان يمكن تحقيقها في حال دخول البضائع من خلال المنافذ الجنوبية والغربية والوسطى.

-7 تفشي الفساد الاداري والمالي في معظم الدوائر العاملة في المنافذ الحدودية وازدياد حالات التهريب والتهرب الجمركي من خلال ما يلي:

* التلاعب في وصف الارساليات نوعا وكما،

* تمرير الارساليات من دون اخضاعها للاجراءات الجمركية، وهي العملية المسماة (الشلع)،

* تزوير اوراق الارساليات والتلاعب في اجازات الاستيراد،

* استغلال الاعفاءات الجمركية الممنوحة للشركات الاستثمارية او للعتبات.

وهذا الفساد لا يمكن معالجته الا باتمتة الاجراءات الجمركية، وربط كافة الدوائر ذات العلاقة بالتخليص الجمركي بنظام واحد، واستبدال الموارد البشرية العاملة في المنافذ بموارد بشرية جديدة، شرط اختيار هذه بعناية فائقة وفقا لمعايير النزاهة والكفاءة.

-8 عدم اتمتة الاجراءات الجمركية، وبالتالي فان معظم الاجراءات الجمركية واجراءات الرقابة والسيطرة تتم بشكل يدوي، مما يسهل تمريرحالات الفساد الاداري والمالي.

-9 تهالك البنى التحتية للمنافذ الحدودية، خاصة تلك التي تستخدم في كشف حالات التهريب.

-10 غياب الدعم الحكومي لهيأة المنافذ الحدودية، فعلى الرغم من اضافة اعباء جديدة للهيأة تتمثل في اضافة 6 منافذ بحرية و 3 منافذ جوية، لم يتم تمكينها في مجال تعزيز الموارد البشرية من خلال تعيين موظفين جدد، او نقل موظفين من الوزارات التي تعاني من الترهل الوظيفي. واقتصر الدعم على نقل 300 موظف اليها في عام 2018 في حين انها كانت بحاجة الى ما لا يقل عن 2000 موظف. وكان لهذا النقص الحاد في الموظفين وعدم التمكن من استبعاد الفاسدين بينهم، أثره المباشر في اضعاف قدرة المنافذ الحدودية على فرض اجراءات الرقابة والسيطرة.

المحور الثاني: الاصلاح الاداري:

تضمن هذا المحور حسبما جاء في تقرير الاداء الحكومي الفقرات التالية:

-1 فرض هيبة الدولة عبر تطبيق القوانين ومنع دخول الاسلحة، ونقل العناصر الفاسدة، وتقديمهم للعدالة واعطاء قرارات الهيئة صفة الإلزام وعدم تدوير الفاسدين بين المنافذ.

-2 الزام المحافظات التي تقع فيها منافذ بتخصيص مبلغ %50 من نسبة ايرادات المنافذ من اجل تطوير المنافذ، ومقترباتها وتخفيض اجور الموازين الجسرية الى (5000) دينار.

-3 اعادة النظر بالاعفاءات الكمركية، وتشكيل لجنة تحقيقية بالعقود الاستثمارية، وانشاء البوابة الإلكترونية لتدقيق المعاملات.

-4 تفعيل حماية المنتج المحلي ومنع استيراد المواد المشمولة بحماية الرزنامة الزراعية.

-5 اعداد برنامج شهادات المنشأ خاص بالملحقيات للقضاء على عمليات التزوير في شهادات المنشأ.

-6 اعداد منصة الكترونية لإدراج الروابط الإلكترونية للأنظمة المطبقة بالدوائر العاملة في المنافذ لتسهيل عملية الوصول وتدقيق المعاملة الكمركية.

-7 تشكيل لجنة تحقيقية بالعقود الاستثمارية المبرمة سابقاً للوقوف على قانونية هذه الحالات وتقديم المقصرين للقضاء.

-8 اعطاء قرارات مجلس هيئة المنافذ الحدودية صفة الإلزام في محاسبة الفاسدين بالتنسيق مع دوائرهم ووزاراتهم واستبدالهم بعناصر كفوءة ونزيهة.

-9 نقل العناصر الفاسدة خارج المنافذ الحدودية وتقديمهم للقضاء.

وعلى الرغم من اهمية هذا المحور وحاجة تشكيلات هيأة المنافذ الحدودية الى الاصلاحات الادارية، فانه (المحور) لم يتضمن اشارة الى هذه الاصلاحات. واذا راجعنا المنجزات المذكورة اعلاه سنجد ان معظمها مما تكرر ذكره في اكثر من فقرة (الفقرات 1، 3، 7، 8، 9). كما ان المنجزات التي ادرجت ضمن هذا المحور لا تمت باي صلة الى الاصلاح الاداري، عدا الفقرتين (5) و(6) اللتين يمكن اعتبار ما تتضمناه تدابير لتبسيط الاجراءات.

وان اغرب ما تضمنه هذا المحور هو ما جاء في الفقرتين (3) و(7) من اعتبار قرار تشكيل لجان التحقيق في العقود الاستثمارية منجزا من منجزات الاصلاح الاداري. فلم يسبق لاي جهة حكومية ان اعتبرت أمرا كهذا منجزا على اي صعيد، خاصة وانه لم يشر الى ما تحقق، وهل هو ايقاف لإهدار المال العام، ام لتعاقدات غير قانونية، ام على العكس سبب تعطيلها اهدارا لمال عام واندثارا لبنى تحتية، خاصة وان الظاهر في من زوّد الحكومة بمثل هذه المعلومات انه اخفى تقرير لجنة الأمر الديواني ١٣٤ لسنة 2020، او انه لم يطلع عليها اصلا. وتلك كارثة تسببت في تناقض واضح بين التقرير اعلاه وبين توصيات اللجنة، وكلاهما يفترض انه يمثل نتاجا حكوميا خضع لمصادقة رئيس الوزراء. ويذكر هنا ان  توصيات هذه اللجنة تتضمن استئناف العمل في المشاريع الاستثمارية وعقود مكاتب الخدمة، ما يشكل دليلا على سلامة الاجراءات التي اعتمدتها هيأة المنافذ في هذا المجال.

 وقد ورد في تقرير الاداء الحكومي ان نسبة الانجازات المتحققة في محور الاصلاح الاداري تصل الى   %70، لكن التقرير لم يبيّن ما اذا كان هذا يمثل نسبة المنفذ الى ما هو مخطط ، ام انها نسبة المنجز مقارنة بمثيله في السنة السابقة.

 وعلى اية حال نرى مناسبا ان نذكر أهم المداخل التي يجب ان يتضمنها محور الاصلاح الاداري، والتي نعتقد ان هيأة المنافذ بأمس الحاجة اليها:

اولا: الموارد البشرية:

نعتقد ان الموارد البشرية في الهيأة بحاجة الى الاصلاحات التالية:

-1 اصلاح الهيكل الوظيفي للهيأة:

بموجب المادة (14) من قانون هيأة المنافذ رقم 30 لسنة 2016 تم نقل كافة الملاكات الوظيفية العسكرية والمدنية من المديرية العامة للمنافذ الحدودية التي كانت ترتبط بوزارة الداخلية، الى هيأة المنافذ الحدودية التي ترتبط بمجلس الوزراء. وان كون الهيأة مؤسسة مدنية ترتبط بمجلس الوزراء يعني ان تكون الغالبية العظمى من مواردها البشرية من الملاكات المدنية، الا ان تطبيق المادة (14) المذكورة دون استحداث درجات وظيفية مدنية جديدة، او دون تمكين الهيأة من نقل موظفين مدنيين الى ملاكها، ولد خللا في هيكلها الوظيفي.

وعلى الرغم من سعي ادارة الهيأة الى معالجة هذا الخلل بطلبها من السيد رئيس الوزراء في حينه استحداث 2000 درجة وظيفية، لتعيين موظفين جدد واحداث التوازن بين الملاكات المدنية والملاكات العسكرية، واستحصالها موافقته على ذلك، الا ان العجز المالي الذي عانت منه الحكومة حال دون استحداث تلك الدرجات. لذلك فاتحت ادارة المنافذ مؤسسات الدولة الاخرى للطلب من موظفيها الراغبين في النقل الى الهيأة لتقديم طلباتهم.

ولغرض تحفيز الموظفين على تقديم طلبات النقل، تم استحصال موافقة مجلس الوزراء على منح موظفي هيأة المنافذ مخصصات خطورة بنسبة 50 % من الراتب الاسمي، على ان تتم تغطيتها من اجور الخدمات التي تتقاضها الهيأة. وفعلا صدر قرار مجلس الوزراء المرقم 61 لسنة 2018 القاضي بمنح هذه المخصصات، الامر الذي حفز آلاف الموظفين على تقديم طلبات النقل الى المنافذ. لكن وللاسف الشديد لم تتمكن الهيأة من نقل العدد الكافي من الموظفين، حيث اقتصر النقل على 300 موظف فقط مقارنة بحاجتها الى ما لا يقل عن 2000 موظف، يتم تدريبهم واحلالهم محل الملاك العسكري الذي يفترض ان تسند له مهام تأمين حماية المنافذ الحدودية. والمؤسف ايضا ان وزارة المالية منعت اجراءات النقل بحجة عدم توفر التخصيصات المالية التي تمنح لموظفي المنافذ والبالغة %50 من الراتب الاسمي، مع العلم ان فرق تلك التخصيصات كان يفترض ان يغطى من اجور الخدمات التي تحصل عليها المنافذ، عملا بقرار مجلس الوزراء رقم 61 لسنة 2018 المشار اليه اعلاه، والذي رفضت وزارة المالية تطبيقه رغم تأكيد رئيس الوزراء الاسبق ضرورة تنفيذه ومعاقبة من يتسبب في عدم التنفيذ، بموجب نص قرار مجلس الامن الوطني رقم 31 لسنة 2018 الذي اكد ضرورة تطبيقه. علما ان مجلس الوزراء اصدر لاحقا قراره رقم 209 لسنة 2021، الذي تم بموجبه تعديل الفقرة 1 من قرارمجلس الوزراء رقم 61 لسنة 2018 ليكون صرف المخصصات البالغة %50، من تخصيصات الموازنة وليس من الايرادات.

وفي اعتقادنا ان عدم تطبيق قرار المجلس رقم 61 بالصيغة التي صدر بها، وعدم تبويب بعض اجور الخدمات، سيؤدي الى عدم تمكين هيأة المنافذ من تعزيز كادرها بموارد بشرية يتم اختيارها وفق مبدأي الكفاءة والنزاهة.

 لذلك نقترح على الحكومة المباشرة بنقل ما لايقل عن 2000 موظف مدني ، يتم اختيارهم بعناية وفقا لمعايير الكفاءة والنزاهة، واحلالهم بشكل تدريجي محل الملاك العسكري الذي تسند اليه مهمة حماية المنافذ مقابل اسناد العمل الفني والاداري الى الملاك المدني. كما ندعوها الى مساءلة من تسبب في عدم تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 61، ومن تسبب في عدم تبويب اجور الخدمات.

-2 بعد نقل العدد المطلوب من الموظفين نقترح اعادة توزيع القوى البشرية على تشكيلات هيأة المنافذ وفقا للمؤهلات الاكاديمية والخبرات الوظيفية. فالتوزيع الحالي للموظفين لم يراعِ جانب الاختصاص نظرا لقلة الموارد البشرية.

-3 تقليص الفروق في الرواتب والمخصصات بين الملاكين العسكري والمدني، وهي التي خلقت جوا غير مريح بينهما وأثرت على العمل في المنافذ. وان معالجة هذا الموضوع تتطلب التوسع في فرض الاجور مقابل تقديم الخدمات، والعمل على تخصيص 30% من المردود ليمنح كمحفزات للموظفين.

-4 تطوير الموارد البشرية واعتماد خطة للتدريب والتطوير تشمل الملاكات العسكرية والمدنية، وبالاعتماد على توصيف الوظائف واعتبار اجتياز عدد من الدورات شرطا من شروط الترقية.

ثانيا: القيادات الادارية:

-1 وضع معايير تعتمد الكفاءة والنزاهة لاسناد المناصب القيادية في هيأة المنافذ، واسنادها قدر الامكان الى الملاكات المدنية ووفقا للتعليمات رقم 3 لسنة 2018 وقانون هيأة المنافذ رقم 30 لسنة 2016.

-2 تطوير القيادات الادارية العليا والوسطى، واشراكهم في دورات تدريبية، واعفاء من لا يثبت القدرة على ادارة التشكيل المكلف بادارته.

ثالثا: الايرادات الحكومية:

-1 تحقيق ايرادات من خلال تأجير المرافق الخدمية في المنافذ، مثل المحلات التجارية والمطاعم ومكاتب التخليص الجمركي ومكاتب الاستنساخ وغيرها. وكانت الايرادات المتحققة من تأجير هذه المرافق تصل الى 3 مليارات دينار سنويا، ولا نعرف سبب ترك الادارة الحالية للمنافذ هذه المرافق الخدمية تعمل دون تجديد عقودها، وفقا لقانون بيع وايجار اموال الدولة رقم 21 لسنة 2013.

-2 السماح لمكاتب الخدمة باستئناف العمل، وتعويضها عن فترة الانقطاع حسب توصيات لجنة الامر الديواني 134 لسنة 2020 ، مع الاشارة الى ان عمال مكاتب الخدمة موجودون فعلا في معظم المنافذ ويمارسون عملهم بشكل طبيعي. فمن الصعب قيام لجان الكشف الجمركي واقسام البحث والتحري بمهامها من دون توفير عمال يقومون باعمال التفريغ والتحميل. ويقوم صاحب البضاعة عادة بتوفير العمال مقابل مبالغ مالية، دون تنظيم عمل هؤلاء العمال وفق عقود مع المنافذ، تحقق منفعة للدولة ماديا وامنيا. مع الاشارة الى ان الايرادات التي تحققت من مكاتب الخدمة خلال 9 اشهر من عام 2018 بلغت حوالي 15 مليار دينار، بينما قدرت في عام 2015 بـ 250 مليون دينار فقط.

لهذا اقترح اعادة عمل مكاتب الخدمة حسب توصيات لجنة الامر الديواني 134 لسنة 2020.

رابعا: البنى التحتية:

تعتبر البنى التحتية في جميع المنافذ الحدودية متهالكة، ولا يزال معظم موظفي الدوائر العاملة في المنافذ يعملون في بيئة عمل غير مناسبة. فلا ساحات ملائمة للكشف الجمركي، ولا اجهزة كشف للمخدرات، وهناك نقص في اجهزة السونار و الموازين الجسرية، التي تعد الاساس في احتساب الرسوم الجمركية، كذلك نقص في مفارز الكلاب المتخصصة بكشف الاسلحة وكشف المخدرات. فضلا عن عدم توفر اماكن ملائمة لعمل الموظفين، وعدم توفر ابنية مناسبة لمبيتهم، كما ان معظم الطرق داخل المنافذ غير معبدة، ومعظم الطرق التي تربط المنافذ بمراكز المدن غير صالحة.

ونظرا لعجز موازنة الدولة، لجأت هيأة المنافذ الى البحث عن مصادر تمويل اخرى لغرض المباشرة في تطوير البنى التحتية، واهم هذه المصادر:

1-  ايرادات المنافذ الحدودية المخصصة الى المحافظات بموجب قوانين الموازنة العامة:

اشارت قوانين الموازنة العامة الاتحادية لعامي 2018 و 2019 الى تخصيص 50 % من ايرادات المنافذ الحدودية الى المحافظات التي توجد في اراضيها هذه المنافذ، على ان تخصص لتطويرها وتطوير مقتربات الطرق التي تربطها الى جانب تطوير مشاريع المحافظة. لكن وللاسف الشديد لم تلتزم معظم المحافظات بهذه القوانين، ولم تخصص المبالغ الكافية لتطوير البنى التحتية للمنافذ، كما لم نجد من يسائل هذه المحافظات عن اسباب عدم التزامها بنصوص قوانين الموازنة.

وقد ورد في تقرير الاداء لحكومة السيد الكاظمي ان هناك منجزا في محور الاصلاح الاداري يتمثل في الزام المحافظات ذات المنافذ بتخصيص %50 من ايرادات منافذها لتطوير البنى التحتية لتلك المنافذ، ولو كان تم تنفيذ هذه الفقرة لأمكن فعلا تطوير كافة المنافذ الحدودية. الا ان التقرير لم يوضح طريقة الالزام المذكورة، وهل هناك طريقة ملزمة اكثر من قوانين الموازنة العامة نفسها؟ وللعلم لم تلتزم المحافظات بتطبيق المادة 18 من قانون موازنة 2018 والمادة 19 من قانون موازنة 2019 ، ولم تتم مساءلتها بشأن ذلك، فكيف تلتزم بالاوامر التي تصدر اليها بهذا الخصوص؟

 ان من الضروري مراعاة ذلك عند اعداد الموازنة العامة لعام 2022، وتخصيص نسبة من الايرادات الى هيأة المنافذ لتطوير البنى التحتية. ويمكن الاستفادة من ايرادات المنافذ المتحققة في عام 2021 من خلال توجيه وزارة المالية باستقطاع مبالغ كافية لتطوير المنافذ، على ان تستقطع من حصة المحافظات المتعلقة بايرادات المنافذ.

2- الاستثمار في المنافذ البرية: 

يمكن الاستفادة من إحالة المنافذ الحدودية الى الاستثمار، والطلب من المستثمر بناء وتطوير كافة البنى التحتية للمنفذ المعين، مقابل السماح له بالاستفادة من المرافق الخدمية فيه مثل المطاعم والمحلات التجارية وساحات وقوف السيارات وغيرها. على ان تكون للهيأة حصة من الايرادات المتحققة، والا يتم المساس بالرسوم الجمركية والضريبية.

وكانت ادارة المنافذ قد قامت فعلا باعلان المنافذ الحدودية للاستثمار، بعد ان صدر توجيه من السيد رئيس الوزراء الاسبق بتوحيد ملف الاستثمار وتكليف المنافذ بادارته، الا ان الادارة الجمركية لم تتعاون مع المنافذ في تحديد متطلباتها من المستثمر، الامر الذي تسبب في عرقلة عملية التوسع في مجال الاستثمار. كما لم تتم مساءلة من لم ينفذ توجيه السيد رئيس الوزراء، وفوق ذلك ساهم مكتب المفتش العام في المنافذ في تعقيد الاجراءات امام الاستثمار، خلافا للتوصيات التي كانت تصدر من الامانة العامة لمجلس الوزراء وتؤكد ضرورة تسهيل الاجراءات امام المستثمرين.

 وبرغم كل هذه الصعوبات تمت في عام 2019 احالة منفذ زرباطية الحدودي الى الاستثمار وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم 347 لسنة 2015 ، كذلك توقيع عقد استثمار منفذ مندلي. لكن المؤسف انه رغم حاجة المنافذ الى التوسع في مجال الاستثمار لتطوير بناها التحتية، لجأت الادارة الجديدة لهيأة المنافذ الى ايقاف المشاريع الاستثمارية، بحجة وجود شبهات فساد اداري ومالي. والغريب ان هذا الايقاف للمشاريع الاستثمارية اعتبر احد المنجزات التي اشير لها في محور الاصلاح الاداري.

وبناء على توصيات لجنة الامر الديواني 134 نقترح المباشرة فورا باستئناف العمل في مشروع استثمار منفذ زرباطية، ومساءلة من تسبب في تعطيله. كذلك توجيه الهيئة الوطنية للاستثمار بمنح الاجازة الاستثمارية لمنفذ مندلي، ومساءلة من تسبب في تعطيل منح هذه الاجازة. كما نوصي بمنع التدخلات من خارج الحكومة في هذا الملف المهم.

3- المنح والهبات:

من خلال التنسيق مع المنظمات الدولية مثل منظمة الهجرة الدولية والاتحاد الاوربي، تم استحصال موافقة هذه المنظمات على تخصيص مبالغ لتطوير منفذ طريبيل الحدودي، مما دفع ادارة المنافذ الى تأجيل الاستثمار في المنفذ حتى اكتمال صرف تلك المبالغ. ومن المستغرب اننا لم نجد اي منجز يشير الى تطوير البنى التحتية لمنفذ طريبيل الحدودي ، ولا ما تحقق من انجازات في مجال تطوير منفذ سفوان الحدودي، ومنفذ الشلامجة الذي صدر في عام 2019 قرار لمجلس الوزراء بتطويره من ايرادات المنافذ المخصصة لمحافظة البصرة. اما منفذ سفوان فيتم تطويره من ايرادات المحافظة او بالاستفادة من المنحة الكويتية المخصصة لتطويره. علما ان ادارة المنافذ السابقة تمكنت من الحصول على منحة سعودية تقدر بـ 60 مليون دولار، خصصت لبناء وتطوير منفذ عرعر الحدودي، الذي اكتمل تطويره في نهاية عام 2019.

4- عقود مكاتب الخدمة:

تم تطوير بعض البنى التحتية بالافادة من الهبات والتبرعات التي تضمنتها عقود مكاتب الخدمة والتي اشرنا لها في المحور المالي، حيث بلغت قيمة الاعمال التي تعهد بها من رست عليهم عقود مكاتب الخدمة حوالي 10 مليار دينار، على ان تخصص لتطوير البنى التحتية حسب احتياجات المنفذ، بالاضافة الى نسبة من ايرادات هذه المكاتب تخصص لهيأة المنافذ حسب شروط العقود المبرمة، وكانت تقدر بـ 5 مليارات دينار. وان من ساهم في عرقلة وتعطيل هذه العقود انما سبب هدرا في المال العام يقدر بـ 15 مليار دينار.

وتجدر الاشارة هنا الى ان وزارة المالية / دائرة الموازنة أصرت على عدم تبويب الايرادات المتحققة من عقود مكاتب الخدمة، بحجة انها تتداخل مع مهام الهيئة العامة للجمارك، الامر الذي سبب هدرا في المال العام يقدر بـ 15 مليار دينار. ورغم صدور قراري لجنة الشؤون الاقتصادية: القرار رقم 201 والقرار رقم 895 لسنة 2018 ، ونظرا الى استمرار الخلاف مع دائرة الموازنة، تم الاحتكام الى مجلس الدولة الذي أقرّ بأحقية هيأة المنافذ في فرض الاجور مقابل الخدمات. الا ان دائرة الموازنة في وزارة المالية اصرت على موقفها بعدم تبويب بعض الاجور، الامر الذي تسبب في هدر آخر بالمال العام ومن دون ان يتعرض المتسبب الى المساءلة القانونية.

وقد اضطرت الادارة السابقة للمنافذ الى تقديم شكوى الى القضاء ضد وزير المالية السابق. الا ان الادارة الحالية للمنافذ وبدلا من متابعة تلك الدعوى والعمل على تطبيق قرار مجلس الدولة وقرارات اللجنة الاقتصادية، عمدت الى التشكيك في قانونية تلك العقود، بل واعتبرت هذا التشكيك الذي ساهم في تعطيل مكاتب الخدمة والاستثمار انجازا ادرج ضمن محور الاصلاح الاداري.

اقترح على الحكومة ومن مبدأ سيادة القانون ان تتم مساءلة من تسبب في عرقلة اعمال هيأة المنافذ، واصر على عدم تبويب اجور الخدمات وعلى عدم تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم  61 ، ما تسبب في عدم تمكين هيأة المنافذ من تعزيز مواردها البشرية.

خامسا- التنظيم الاداري:

يعد التنظيم الاداري احد المداخل المهمة في الاصلاح الاداري، التي كان يمكن لهيأة المنافذ القيام بها. وهي يمكن ان تشمل الانشطة التالية: 

* ترشيق الهيكل التنظيمي لهيأة المنافذ، خاصة بعد مرور 3 سنوات على العمل وفقا للتعليمات رقم 3 الخاصة بالتشكيلات الادارية لهيأة المنافذ الحدودية. وبعد ان اصبح واضحا ما هي التشكيلات الادارية المطلوب حذفها وأيّ منها مطلوب اضافته (اعادة هيكلة المنافذ الحدودية) بات من الضروري البدء في الترشيق الذي سيسهم في خفض النفقات.

* اعداد دليل الصلاحيات في هيأة المنافذ والتوسع في تفويضها.

* اعداد دليل وصف الوظائف الذي يمكن استخدامه في التعيين والترقية والتدريب.

سادسا - تبسيط الاجراءات وتضمينها في تعليمات ملزمة التنفيذ:

- رغم اهمية اصدار التعليمات الخاصة بتسهيل تنفيذ قانون هيأة المنافذ رقم 30 لسنة 2016 وحسب ماجاء في المادة (16) من هذا القانون، الا اننا لم نعثر على ما يشير الى قيام ادارة الهيأة باستكمال العمل في هذا الملف. وقد سبق لادارة المنافذ ان شكلت في عام 2018 لجنة مهمتها تبسيط الاجراءات، ومنع التداخل في المهام بين الدوائر العاملة في المنافذ، ثم ادخال الاجراءات في التعليمات الخاصة بتسهيل تنفيذ قانون الهيأة. عليه نوصي بسرعة استكمال هذا الملف.

سابعا: توحيد الاجراءات في المنافذ الحدودية:

من الاشكالات التي تعانيها منافذنا الحدودية، عدم توحيد الاجراءات الجمركية نتيجة لعدم خضوع جميع المنافذ الحكومية الى سلطة الحكومة الاتحادية، وبالتحديد عدم تمكن الحكومة الاتحادية من اخضاع منافذ اقليم كردستان لرقابتها واشرافها. وعلى الرغم من صدور عدة قرارت لمجلس الوزراء، وآخرها القرار رقم 13 لسنة 2019 الذي تمت صياغة فقراته من قبل لجان مشتركة من موظفي الحكومة الاتحادية وموظفي الاقليم، الا انه لم يتم الالتزام بها ايضا. وكان من اهم الفقرات التي تضمنها القرار رقم 13 المذكور توحيد التعرفة الجمركية، وتوحيد الاجراءات الجمركية، وتوحيد الروزنامة الزراعية، وتوحيد التعليمات الخاصة بحماية المنتج المحلي، وتوحيد اجراءات فحص البضائع.

كذلك تضمن القرار فقرة تشير الى غلق المنافذ غير الرسمية وربط منافذ الاقليم بسلطة الحكومة الاتحادية.

 من جانبه تضمن تقرير الاداء لحكومي فقرة تشير الى تفعيل حماية المنتج المحلي والروزنامة الزراعية، لكنه لم يوضح كيف تم التمكن من تفعيل حماية المنتج في ظل عدم ربط منافذ الاقليم بالحكومة الاتحادية، وكيف أمكن تفعيل حماية المنتج في ظل وجود العشرات من المعابر غير الرسمية، المنتشرة على طول حدود الاقليم مع دول الجوار.

وكنت اتوقع من الحكومة ان تتخذ اجراءً يضمن سلامة وتوحيد الاجراءات الجمركية، ويتمثل في اعادة مراكز الرقابة الجمركية مع الاقليم ( شيراوة - شمالي كركوك، ليلان - شرقي كركوك، وفايدة في نينوى) مع اعتبار كل بضاعة تدخل عبر المنافذ غير الرسمية بحكم البضاعة المهربة، والابقاء على هذه المراكز الى حين مباشرة الاقليم بتطبيق القوانين والقرارات الاتحادية، وتكليف قيادة حرس الحدود بغلق جميع المعابر غير الرسمية.

ثالثا: محور ايقاف المخالفات في المنافذ:

تضمن هذا المحور احصائيات عن عدد المخالفات وانواعها، واشار الى نسبة انجاز تبلغ %90. لكني لم افهم ما اذا كانت هذه النسبة تؤشر ما تحقق من المخطط له، ام تشكل نسبة الزيادة في عدد الحالات التي تم كشفها مقارنة بالسنوات السابقة. كما لم اتمكن من معرفة الفرق بين هذ المحور ومحور فرض القانون على المنافذ، الذي سجل نسبة انجاز قدرها  %70، ولم اتوصل ايضا الى كيفية الوصول الى قياس نسبة الانجاز في محور فرض القانون.

أخيرا اود الاشارة الى ان ما تضمنه تقرير الاداء الحكومي في خصوص الانجازات المتحققة في ملف المنافذ، لا يوازي الدعم المقدم من قبل الحكومة. وان ما ذكر من انجازات، خاصة ما يتصل بازدياد الايرادات، يمكن اعتبارها انجازات تحققت بفعل عوامل اخرى تطرقنا اليها في اعلاه.

وانني ومن منطلق الشعور بالمسؤولية، وجدت من واجبي ان ألفت عناية الحكومة الى اهم التحديات التي تواجهها المنافذ الحدودية، وماهي الفرص والحلول المتوفرة لمواجهة هذه التحديات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مستشار المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي