نهار الجمعة الثاني عشر من آذار عام 2014، كنا سوية انا والاستاذ سامي عبد الحميد في سيارتي متجهين الى النجف الاشرف، لحضور فعالية بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد الرفيق الخالد سلام عادل والتي صادفت في التاسع من آذار عام 1963.

كانت الفعالية بمبادرة من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في النجف، وبحضور الرفيق حميد مجيد موسى السكرتير السابق للحزب الشيوعي العراقي والرفيق مفيد الجزائري وزير الثقافة الأسبق.

استهلت الفعالية بافتتاح معرض للصور الفوتوغرافية ولمراحل متنوعة من حياة الشهيد وبمنتهى الجمالية والتنوع. ألقيت كلمات مؤثرة عكست مآثر وبطولات الشهيد الخالد سلام عادل.

بعد قليل جاء دور الرائد والاكاديمي سامي عبد الحميد ليروي للسادة الحضور بعضاً من ذكرياته مع الشهيد المتعدد المواهب والاهتمامات.. خاطب اهل النجف قائلاً: يا ابناء النجف الكرام لكم ان تفخروا بابنكم حسين أحمد الرضي/ سلام عادل، ان الذي علمني ان للمسرح رسالة للتوجيه والتوعية هو الشهيد الحبيب والمناضل الصلب، بالرغم من نحافة جسمه ورقة مشاعره وطيبة قلبه.

كان مؤمناً اشد الايمان بعدالة قضية حزبه ولولا ذلك الايمان الحقيقي لما ضحى بحياته عندما اغتالته فئة باغية حقيرة.

كان حسين بهي الطلعة لا تفارق الابتسامة شفتيه والحيوية تشع من عينيه.. كان حلو الحديث يقنع مستمعيه بأفكاره ومبادئه ويقتصد بالكلام ولا يلجأ للثرثرة.

كما قلت: سلام عادل علمني ان المسرح رسالة للتوجيه والتوعية عندما كان معلماً للتربية الفنية في ثانوية الديوانية وجعلني اشترك في لعبة كرة السلة في اواسط الاربعينيات في الديوانية وبعد ان شاهدني امثل في مسرحية “البخيل” لموليير من اخراج احمد الحبوبي، اختار حسين الرضي “في سبيل التاج” لماذا؟ لا أعرف.. ربما قلة النصوص. والسبب الثاني ان فيه لمسات من الوطنية وهو داعية وطني معروف من اجل حزبه وشعبه، وعهد إليّ دور البطولة/ الملك، ودور آخر الى الطالب نجيب ناجي يوسف/ ابن الملك، وقد علمت لاحقاً انه تزوج ثمينة شقيقة نجيب وقام برسم مناظر المسرحية، كان خطاطاً ورساماً.

عندما قدمت “في سبيل التاج” في المدرسة الابتدائية في الديوانية كان يمثل دور المرأة في المسرحية عصمت كتانه الذي اصبح فيما بعد ممثل العراق في الامم المتحدة. اللطيف ان احد المتفرجين تحرش بكتانه وبتعليق ساخر، فما كان من كتانه الا ان يترك التمثيل على اثر ذلك، ولم نستطع اقناعه بالعدول عن قراره.

عندما فصل سلام عادل من الوظيفة جاء الى بغداد وكان ذلك عام 1946- 1947 عندها قرر ان يخرج مسرحية “في سبيل التاج” لمصطفى لطفي المنفلوطي لحساب مدرسة التفيض الاهلية، كنا نتدرب في باحة المدرسة وحصلت اعتراضات فاضطررنا لنقل البروفات الى مكان آخر، وقدمت المسرحية على قاعة الملك فيصل (قاعة الشعب حالياً).

بعدها افترقنا.. لم نلتق الا في مرات متفاوتة، وذات يوم كنت اسكن في راغبة خاتون وسمعت طرقات على الباب، اسرعت لفتح الباب واذا به يرتدي العباءة، ومما قاله لا ابقى طويلا عندكم، لم يمض ربع ساعة وخرج قال: اخشى عليكم.

واخيرا حدث ما حدث عندما جاءت السلطة الباغية في الثامن من شباط 1963، سلطة القتل والتشريد.. سادتي: ماذا اقول.. اقول كان ذلك آخر لقاء لي مع المناضل الشريف.. سيبقى ذلك الشهيد خالداً في اذهان العراقيين.

عرض مقالات: