اخر الاخبار

انتشرت صورة جانبن آنيز، رئيسة سلطة الانقلاب اليمين البوليفي، وهي تقبع في سجن النساء في العاصمة لاباز داخل بوليفيا وفي جميع انحاء العالم. وكانت رئيسة الانقلاب قد اعتقلت بأمر قضائي في منزلها في ولاية بيني، ويأتي الاعتقال لأغراض التحقيق بشأن مسؤوليتها عن انقلاب تشرين الثاني 2019 الذي أطاح بالرئيس اليساري المنتخب ديمقراطيا إيفو موراليس.

وصدرت أوامر مماثلة باعتقال اثنين من وزراء حكومتها وستة من ضباط الجيش وقادة الشرطة السابقين، وهناك أوامر باعتقال ثلاثة وزراء آخرين ولكنهم يتواجدون خارج البلاد. وجميعهم متهمون بالتآمر وأعمال الشغب والإرهاب في سياق قضية “الانقلاب” الضخمة التي رفعتها النائبة السابقة عن حزب “حركة من اجل الاشتراكية” ليديا باتي، والتي تجري متابعتها الآن من قبل النائب العام.

الإجراءات القضائية السريعة وضعت أقطاب الانقلاب ومناصريهم الدوليين في موقف الدفاع. في الداخل نظمت لجان المواطنين اليمينية سلسلة من الاحتجاجات في العاصمة ومدن أخرى. وفي الخارج عبر الداعمون السابقون للانقلاب عن استنكارهم: عبر الأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية لويس الماغرو عن “قلقه من إساءة استخدام الآليات القانونية” التي “أصبحت مرة أخرى أدوات قمع بيد الحزب الحاكم”. وفي الولايات المتحدة قالت بورتر، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “تتابع الولايات المتحدة بقلق الأحداث المتعلقة باعتقال الحكومة البوليفية مؤخرًا لمسؤولين سابقين في الدولة”.

إن فرضية “الاضطهاد السياسي”، التي عززتها اتحادات وسائل الإعلام الكبيرة و”قصص الانتقام في بوليفيا وانقلاب لم يحدث قط” تجعل من الضروري استعادة ما حدث لتأكيد جملة من الحقائق: لقد كان هناك بالفعل خرق للنظام الدستوري وأن رئيسة الانقلاب لم توظفه فقط، بل كانت فاعلا رئيسيا في المؤامرة.

لقد سمت نفسها رئيسة للبلاد في جلسة برلمانية لم يتحقق فيها النصاب، وبحضور عدد قليل من أعضاء مجلس الشيوخ. بالضد مما نص عليه النظام الداخلي للبرلمان: “يجب حضور الأغلبية المطلقة من الأعضاء حتى تكون الجلسة شرعية”.

خليفتها في إدارة الجلسة غير الشرعية، خالف الدستور النافذ الذي ينص على أنه في حالة غياب رئيس الجمهورية ونائبه ورئيسي مجلس النواب ومجلس الشيوخ، تتم الدعوة لانتخابات مبكرة في غضون 90 يومًا كحد أقصى”. وجانين آينز لم تنتخب رئيسة لمجلس الشيوخ لكونها لا تملك سوى 9 مقاعد في البرلمان، فكيف تكلف بمهام رئيس الجمهورية.

وعندما أدت اليمين الدستوري كانت محاطة بالعسكر، وقام القائد العام للقوات المسلحة بتقليدها الوشاح الرئاسي. وكان قد دعا قبل 72 ساعة إلى استقالة الرئيس الشرعي إيفو موراليس. لقد كانت مشاركة العسكر هائلة، حيث تجاهلوا مهامهم الأمنية واقتحموا الحياة السياسية علانية، بشكل أعاد إلى الأذهان انقلابات القرن العشرين التقليدية.

لقد مارست سلطة الانقلاب برئاسة آينز الاضطهاد السياسي والتجريم والنفي القسري للرئيس الشرعي موراليس ونائبه ألفارو غارسيا لينيرا وعشرات السياسيين البارزين، إلى جانب عمليات الخطف والحرق العمد لمساكن كوادر حزب “حركة من اجل الاشتراكية” واعتقال أكثر من 500 منهم بطريقة كيفية وقتل 36 في مجزرة مدينة سينكاتا وساكابا. لقد كان الهدف من هذه البربرية تعزيز سلطة الانقلاب.

وزارة شؤون المستعمرات

الفتيل الذي أشعل الفوضى وفتح الباب أمام حركة الانقلاب كان اتهام منظمة الدول الأمريكية حكومة اليسار بتزوير الانتخابات، وهو اتهام لا أساس له من الصحة إطلاقا، وهذا ما تم تأكيده لاحقًا. ورد فعل السيد الماغرو الحالي واضحا جدا، لهذا السبب تريد الحكومة البوليفية تقديمه إلى العدالة، وكما أعلنت وزارة الخارجية البوليفية: “بعد الضرر الهائل الذي ألحقه بالشعب البوليفي بتدخله الاستعماري [وصف جيفارا منظمة الدول الأمريكية بانها وزارة شؤون المستعمرات في حكومة الولايات المتحدة]، لا يتمتع السيد ألماغرو بالسلطة الأخلاقية ولا السلوكية للتحدث عن أوضاع بوليفيا. لقد كلفت ممارساته أرواح بشرية وعليه أن يتحمل مسؤولية سلوكه المتحيز الذي يفتقر إلى الموضوعية”.

يكتسب رئيس منظمة الدول الامريكية سمعة سيئة أكثر فأكثر. قال الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز في مقابلة تلفزيونية اخيرا: “إيفو موراليس كان ضحية انقلاب. ومنظمة الدول الأمريكية كانت مسؤولة وإذا كان لديه أي كرامة فعليه ان يتنحى”. كما دعت الحكومة المكسيكية الماغرو إلى “الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لبوليفيا وعدم مواجهة حكومة منتخبة ديمقراطياً”.

تتخذ بوليفيا الخطوة الأولى نحو تحقيق الحقيقة والعدالة، بخصوص أحدث تجاوز على الديمقراطية في المنطقة. وستواجه آنيز وفريقها أيضًا دعاوى قضائية أخرى تتعلق بقضايا الفساد والقمع خلال 371 يومًا هي عمر سلطة الانقلاب.

ستكون النتيجة القانونية والملموسة والنموذجية حاسمة بالنسبة لتحقيق شعار “لن تحدث الانقلابات في أمريكا اللاتينية ثانية”.

عرض مقالات: