اخر الاخبار

بأمر من مكتب الشرطة الجنائية في ولاية بافاريا الألمانية والادعاء العام في عاصمتها ميونيخ، نفذت حملة مداهمات في مدن المانية عديدة ضد حركة “الجيل الأخير” يوم 24 أيار الفائت. وتم الإعلان عن تفتيش 15 هدفا. ويبرر الادعاء العام هذا السلوك، باتهام الحركة بالقيام بأعمال اجرامية استنادا الى المادة 129 من قانون العقوبات الألماني. الهدف من عمليات التفتيش هو العثور على دليل على هيكل عضوية “الجيل الأخير”، ومعرفة المزيد عن مصادر تمويلهما ومصادرة ممتلكاتها. وبناءً على تعليمات الادعاء العام، تمت مصادرة الصفحة الرئيسية للحركة وربطها بأحد مواقع شرطة بافاريا. وتم نشر نص وفق تعليمات المدعي العام في ميونيخ: “تمثل الجيل الأخير جمعية إجرامية وفق المادة 129 من قانون العقوبات” (تحذير: التبرع للجيل الأخير يترتب عليه عقوبة دعم جمعية إجرامية). ونشر الإعلان باللغتين الألمانية والإنكليزية.

وتم تغيير صيغة الإعلان لاحقا. عند سؤاله من وسائل اعلام، أقر المدعي العام في ميونيخ أن هذه الصيغة غير صحيحة، وأنه لم يكن هناك سوى شك أولي في أن “الجيل الأخير” يمكن أن تكون منظمة إجرامية.

ويشتهر مكتب المدعي العام في ميونيخ بعدم الدقة في تفسير صلاحياته. ولا تزال الذاكرة تحتفظ بتعاملهم غير القانوني مع رفع اعلام ورموز وحدات الحماية الشعبية السورية. وبهذا الإعلان، انتهك المدعون “الجنائيون” مرة أخرى سيادة القانون. يقول المحامي الجنائي مارك زولر من جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ تقرر المحاكم وليس مكتب المدعي العام ما إذا كانت منظمة ما مصنفة على أنها “منظمة إجرامية” - حتى لو كان مقرها في ميونيخ: “اي شيء آخر هو تحيز خالص ويتعارض مع شرط الحياد والموضوعية الذي تتصف بها المؤسسات الحكومية”.

وفي الوقت الذي خرج فيه الرئيس السابق لشركة آودي لصناعة السيارات من قاعة المحكمة مبتسما، بعد صفقة مع الادعاء العام ودفع غرامة مالية، عن مشاركته المسؤولية عن ارتفاع نسب الانبعاث من سيارات الديزل، يبغي تجريم نشطاء حماية المناخ، وارسالهم الى السجون.

وسبق للادعاء العام في بداية تشرين الثاني الفائت احتجاز عشرات من حماة المناخ احترازيا لمدة 30 يوما، ودون محاكمة. يومها شنت صحافة اليمين المتطرف حملة ضد المعتقلين واتهامهم بكونهم يقتربون من منظمة “أر أي اف” (رف) المتطرفة التي كانت ناشطة في السبعينيات.

 لقد سارع ألكسندر دوبريندت رئيس كتلة الحزب المسيحي الاجتماعي المحافظ الذي يحكم الولاية: يجب منع نشوء “ار أي اف” مناخية، ودعا الى عقوبات أكثر شدة ضد “فوضوي المناخ”. وساهم ماركوس سودر رئيس وزراء الولاية من الحزب نفسه في الحملة العدوانية، ان نشطاء المناخ يمكن ان يتحلوا الى ار أي اف مناخية”. قال سودر: “هناك دائما خطر أنه مع وجود حركة كبيرة، ستنشأ نواة صغيرة تصبح أكثر عدوانية وتطرف”. وكان وزير العدل من الحزب الديمقراطي الحر، الشريك الصغير في حكومة الولاية، ماركو بوشمان يفكر بصوت عالٍ بالفعل، ويطالب بأحكام بالسجن على الحركة الاحتجاجية المدافعة عن المناخ.

من هم المجرمون؟

بعد حملة التفتيش، وفي اليوم نفسه أصدرت حركة الجيل الأخير بيانا أشار ضمن أمور، الى: “تقودنا الحكومة الاتحادية إلى جحيم المناخ، وتواصل حكومة المستشار شولتس الضغط على دواسة الوقود. علينا أن نتفرج على استمرار تدمير سبل عيشنا، ومعه حريتنا وديمقراطيتنا. سنواصل النضال لحماية الأرواح”.

ويتساءل نائب رئيس حزب اليسار، لورينز غوستا بوتين، متى ستكون هناك مداهمة على الوزراء الاتحاديين و”كل أولئك الذين يتجاهلون قرار المحكمة الدستورية الاتحادية لعام 2021 بمنعهم حماية المناخ”. في نيسان 2021، قضت المحكمة الدستورية بأن الأجيال القادمة لها حق أساسي في حماية المناخ. وهذا ما تقوله حركة الجيل الأخير: “الحكومة الاتحادية تخرق قوانينها الخاصة. وتخرق الدستور كل يوم. ونحن نحتج في الشوارع كل يوم”.

وردّ نشطاء حماية المناخ أنفسهم على عمليات تفتيش المنازل على تويتر ووصفوا الإجراءات المتخذة بحقهم بأنها “مجنونة تمامًا”. وكان المستشار الألماني أولاف شولتس، قد انتقد قبل أيام، بهذه الكلمات سلوك “الجيل الأخير”.

يذكر ان الأيام التي تلت حملة التفتيش قد شهدت مسيرات تضامنية في كبريات المدن الألمانية وبضمنها العاصمة برلين، وتلقى النشطاء تضامنا واسعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من حركة “جمعة من اجل المستقبل”، ومن العديد من الحركات البديلة. وساهم في حملة التضامن سياسيون ينتمون الى اليمين التقليدي المعارض في البرلمان الاتحادي، ناهيك عن قوى اليسار والعديد من المثقفين والقانونيين، وممثلي فئات وشرائح اجتماعية ومهنية مختلفة.

عرض مقالات: