اخر الاخبار

لا يمكن أن تكون رمزية المكان الا دليلا آخر على الصلف الامبريالي: تلتقي مجموعة الدول السبع في هيروشيما، المدينة التي كانت الضحية الأشهر للقنبلة الذرية الامريكية. ومرة أخرى، تريد الولايات المتحدة تكريس حالة الحرب، كمدخل لحرب أخرى.

لم تكن قنبلة أب 1945 الذرية موجهة إلى اليابان، التي هُزمت عسكريا قبل هذا التاريخ، بل وجهت إلى الاتحاد السوفيتي، الذي كان آنذاك لا يزال حليفًا من الناحية الرسمية. أما قمة مجموعة السبع التي تنهي اعمالها اليوم الاحد 21 أيار، فتوجه رسالة الى منافسيها الأهم (الصين وروسيا) في صراع الهيمنة الذي يعيشه العالم.  ويبدو ان الولايات المتحدة وحلفاءها لا يريدون استيعاب حقيقة ان عالم القطب الواحد أصبح جزءا من التاريخ، اقتصاديا وحتى عسكريا.

لقد غيّر القصف الذري لهيروشيما وناغازاكي التوازنات الجيوستراتيجية بشكل لا مثيل له، وجعل الولايات المتحدة في وضع فريد. وظن مخططو الحرب النووية الأمريكية ان باستطاعتهم تدمير الاتحاد السوفيتي وازالته من خريطة العالم السياسية مرة واحدة والى الابد، وهو ما لم يتحقق لهم.  وليس هناك من يصدق ان الولايات المتحدة قادرة اليوم على تحقيق هيمنتها المطلقة على العالم بوسائلها القديمة.

ولا نأتي بجديد إذا قلنا ان الصين وليس روسيا هي الهدف من توظيف الحرب في أوكرانيا، والإصرار على تصعيدها. وفي هذا السياق جاء اختيار مكان انعقاد القمة. وقد مارست حكومة بايدن ضغوطًا هائلة على جيران الصين، لتكوين تحالف إقليمي مضاد لها. والظاهر أن المهمة نجحت، على الأقل في حالة اليابان وكوريا الجنوبية، ولكن أيضًا في حالة الدول التابعة الأكثر استعدادًا مثل أستراليا، التي يراد تطويرها لتصبح مستقبلا قوة نووية.

ويبدو أن رئيس الوزراء الياباني كيشيدا ونظيره الكوري الجنوبي يون سوك يول قد قبلا بمغامرة القيام بمهمة انتحارية. وفي وقت سابق لعقد القمة، أعلنت إدارة بايدن عن خطط لنشر غواصات نووية وحاملات طائرة بي 52 في كوريا الجنوبية، وتم إنشاء أربع قواعد عسكرية أمريكية جديدة في الفلبين. وفي اليابان، التي تعد أكبر “حاملة طائرات أمريكية غير قابلة للإغراق” في المنطقة، يُبني أيضًا المزيد من القواعد الأمريكية. وبدأت عمليا مناورات عسكرية مضادة للصين.

ملفات القمة الرئيسية

حتى قبل ان تنتهي القمة رسميا أصبحت واضحة طبيعة القرارات التي ستصدر عنها، مثلما كانت واضحة الملفات التي تناقشها، لان الهدف الرئيسي كان ولايزال السعي لتكوين جبهة موحدة لمواجهة الصين وروسيا، بالإضافة الى مناقشة التباينات بين دول المجموعة بشأن مسائل استراتيجية أخرى.

آنيا هيمنت الحرب الدائرة في أوكرانيا على أجواء القمة، بما في ذلك مناقشة استراتيجيات عسكرية وفق ما أشار له مستشار الأمن القومي الأمريكي ساليفان، وما تعهد به رئيس الوزراء الياباني المضيف فوميو كيشيدا، بشأن قيادة “جبهة موحدة في متابعة مشكلة أوكرانيا”.

وعلى هامش لقاء مع كيشيدا، أعلن بايدن الخميس أن مجموعة السبع تدافع عن “قيم مشتركة، خصوصا دعم الشعب الأوكراني الذي يدافع عن أرضه ذات السيادة، ومسؤولية روسيا عن غزوها الوحشي”.

عقوبات جديدة

وكشفت بريطانيا الجمعة حزمة عقوبات جديدة على قطاع التعدين في روسيا تستهدف الواردات الروسية من الألمنيوم والألماس والنحاس والنيكل، في مسعى للتضييق على إمكانيات روسيا في تمويل الحرب.

وعلى المنوال نفسه جاءت مواقف الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية. وإضافة الى ذلك ركزت المناقشات على تشديد العقوبات على روسيا، التي أدت حتى الآن وفق المجتمعين إلى انكماش الاقتصاد الروسي في الفصل الأول من العام الحالي.

السلاح النووي

وهاجمت القمة بشدة تهديدات الرئيس الروسي المتكررة باستخدام السلاح النووي في الحرب في أوكرانيا، في محاولة منه للتأثير النفسي على خصومه الأمريكيين والأوربيين.

ولتأكيد ذلك ستسلط الأضواء على هذه المخاطر عند قيام القادة السبع بزيارة حديقة هيروشيما التذكارية للسلام، التي أقيمت في موقع إلقاء القنبلة الذرية الأمريكية في 6 آب 1945،

تكريما لذكرى الضحايا الـ 140 ألفا الذين سقطوا بالسلاح النووي الأمريكي.

ولم تستجب القمة لمطالبة خبراء عسكريين وشخصيات سياسية لضبط الأسلحة النووية،

بحجة ان روسيا والصين وكوريا الشمالية تقف عائقا امام تحقيق ذلك.

الحرب الاقتصادية

وشغل ملف التصدي لصعود الصين الاقتصادي حيزا كبيرا في مناقشات القمة حتى الان،

لا سيما سبل التصدي  لما تسميه دول المجموعة “الابتزاز اقتصادي” الذي تمارسه بكين، من خلال تنويع الإنتاج وشبكات الإمداد.

في حين أبدت الحكومة الصينية استعدادها لفرض قيود على التجارة.

وبغض النظر عما ستقرره القمة بشأن “الابتزاز الاقتصادي”،

سيجد المعسكر الغربي صعوبة جدية في مواجهته عمليا. ففرنسا وألمانيا مصرتان على تأكيد أن التصدي لمخاطر “الابتزاز الاقتصادي”

لا يعني قطع العلاقات مع الصين، التي هي أحد أكبر الأسواق في العالم.

عرض مقالات: