اخر الاخبار

 في الثامن من أيار حسب تقويم وسط أوربا، والتاسع من أيّار حسب التوقيت الروسي، انتهت الحرب العالمية الثانية في أوربا باستسلام المانيا النازية. لهذا فان هذا اليوم من أيار هو يوم انتصار الحرية على الفاشية والعنف، وقد تحقق هذا النصر بفضل تحالف قوى عالمية واسعة، كان الدور الرئيس فيها لشعوب الاتحاد السوفيتي وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة وفرنسا، وللمقاومة ضد الفاشية، في أوربا والصين وشرق آسيا، والتي كان الشيوعيون يشكلون قوتها الأساسية. لقد أدت الحرب العالمية الثانية إلى سقوط أكثر من 60 مليون ضحية من العسكريين والمدنيين، كان نصيب الاتحاد السوفيتي منها 20 مليونا على الأقل (تقول الحكومة الروسية الآن انه 6. 26 مليون). وشكلت وحشية النازيين وحلفائهم وصمة عار في تاريخ البشرية، وشملت جرائم الإبادة الجماعية التي اقترفوها ملايين الأبرياء في أوربا، لأسباب عرقية ودينية وثقافية. ولهذا فمن الضروري ان تبقى الذاكرة الجمعية للشعوب حية ولا تنسى ما حدث. ورغم خلط الأوراق الذي احدثه الغزو الروسي لأوكرانيا، وسعي بلدان الناتو لإطالة امد الحرب وتسعير الكراهية ضد كل ما هو سوفيتي ارتباطا بالذكرى السنوية، وضد كل ما هو روسي في سياق الحرب الأيدولوجية بين روسيا بوتين والمعسكر الغربي. لقد أنهى الانتصار على الفاشية الألمانية خطط فئات الرأسمالية الألمانية الأكثر رجعية. ويعد يوم التحرير من النازية والفاشية أهم حدث في تاريخ الحركة العمالية العالمية والإنسانية، بعد انتصار ثورة أكتوبر 1917، التي كانت نقطة انطلاق لسلسلة من ثورات الشعوب وانتفاضاتها، في الصين والهند وإندونيسيا وغيرها الكثير مما لم يكن يمكن تصوره لولا دحر الفاشية واستسلامها غير المشروط.

الاستذكار

وتحتفل قوى اليسار والسلام والتقدم والنقابات والحركات الاجتماعية، وكل المناضلين من أجل عالم أفضل، بيوم الانتصار على الفاشية باعتباره انتصارا للحياة على الموت. وكانت محاكمات نورنبيرغ بعد الحرب محطة تاريخية أصدر فيها العالم قراره بحق الفاشية. ووجد شعار “لا للحرب.. لا للفاشية ثانية” صدى واسعا في العالم.  وفي الذكرى الـ 78 هذا العام أيضا، يجري منذ يوم الجمعة الفائت، هناك عدد لا يحصى من الاحتفال بهذه المناسبة، وبأشكال مختلفة. وتشير المعلومات المتوفرة حتى ساعة اعداد هذا التقرير، الى عقد برلمان ولاية ساو باولو البرازيلية جلسة خاصة بهذه المناسبة. وفي العاصمة الأرجنتينية، بوينس آيرس، تم تنظيم مسيرة رمزية بمشاركة 40 مواطنا ؟؟؟؟ جملة عنوان “فوج خالد”.

في ألمانيا، أعلنت العديد من البلديات والمنظمات في شرق البلاد وغربها عن فعاليات استذكار في يومي 8 و9 ايار. في ولاية هامبورغ، يتم الاحتفال بيوم الثامن من أيار. وكما حدث في 2022، قامت برلين باستثناء مزعج يوم الجمعة، اذ حظرت الشرطة في العاصمة الألمانية، رفع اعلام أوكرانيا وروسيا والاتحاد السوفياتي على النصب التذكارية السوفيتية. لقد رفعت المحكمة الإدارية في برلين الحظر المفروض عن الأعلام الأوكرانية في نفس اليوم، وفي يوم الأحد رفعت الحظر عن الاعلام الروسية. وقدمت منظمة برلين للحزب الشيوعي الألماني التماسا للشرطة والمحكمة يوم الأحد لرفع الحظر عن “رفع علم الاتحاد السوفياتي السابق”. وعلى عكس عام 2022، بعد وقت قصير من بداية الغزو الروسي في 24 شباط، لن يكون هناك خطاب متلفز للمستشار الألماني. لكن كلوديا روث، المفوضة الفيدرالية للثقافة، ستلقي كلمة في حفل موسيقي في برلين بمناسبة يوم التحرير. وسيتم عزف مقطوعات موسيقية لـ 15 ملحنا، تم اعتقالهم وقتلهم في معسكر اعتقال تيريزينشتات النازي. ودعا حزب اليسار الالماني يوم الأحد إلى إعلان الثامن من ايار يوم عطلة رسمية، كيوم “للتحرر ومناهضة الفاشية” على مستوى البلاد وفي الاتحاد الأوروبي. وأوضح الرئيس المشارك للحزب مارتن شيرديوان سيكون لهذا الاعلان “تأثير رمزي خارج حدودنا”. في ثلاث دول من الاتحاد الأوروبي (فرنسا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك)، يعتبر الثامن من أيار عطلة رسمية.

حضور العداء للشيوعية

وفقا لوزير التعليم الأوكراني، أولكسندر تكاتشينكو، أقر البرلمان الأوكراني، الأربعاء الفائت، قانونًا من شأنه تسهيل ازالة الآثار المرتبطة بروسيا أو الاتحاد السوفيتي. كجزء من قرار “التفكيك” الذي صدر في عام 2015، وتمت بالفعل ازالة أكثر من 2500 نصب تذكاري بحلول أوائل عام 2022 وتم تغيير أسماء أكثر من 900 مجمع سكني وحوالي 50 ألف شارع. وفي نهاية عام 2022، أعلن تكاتشينكو أنه تمت إزالة 28 نصبا تذكاريا لألكسندر بوشكين، وتسعة لماكسيم غوركي وعشرات للمحررين السوفييت. ويحدث شيء مماثل في بولندا: هناك اشرف كارول ناوروكي، رئيس معهد إحياء الذكرى، شخصيا على إزالة مسلة يوم الجمعة، والتي أحيت ذكرى سقوط 676 جنديًا من الجيش الأحمر في غلوبتشيز (محافظة أوبول). وتم كذلك في تشرين الأول 2022، ازالة نصب تذكاري آخر للجنود السوفييت. وتحدث نوروكي يوم الجمعة الفائت عن “مادة دعائية” وادعى: “إنها غير تاريخية لأنها تشير إلى أحداث لم تقع”. وعبر عن غضبه لأن النصب التذكاري، الذي أزيل في الخريف، قد تم تجديده قبل بضع سنوات بمنح مقدمة من الاتحاد الأوروبي.

الاحتفالات الروسية

معروف ان الشعب الروسي يعتز بالاحتفال بيوم الانتصار، في الحرب الوطنية العظمى، على الفاشية، وتجري سنويا احتفالات جماهيرية ورسمية. وفي هذا السياق يجري رسميا توظيف انتصار شعوب الاتحاد السوفيتي لصالح سياسات جمهورية روسية الاتحادية الحالية. ويشير العديد من المتابعين إلى ان احتفالات هذا العام ستجري تحت ظروف استثنائية، بسبب التطورات الأخيرة في الحرب، وكذلك بسبب التكاليف المترتبة على احتفالات رسمية واسعة النطاق.

عرض مقالات: