اخر الاخبار

أعلن تحالف “من أجل العمل والحرية” اليساري في تركيا، والذي يضم حزب الشعوب الديمقراطي الى جانب مجموعة من أحزاب اليسار التركي، أنه سيدعم مرشحاً مشتركاً للمعارضة، ولن يقدم مرشحه الخاص في انتخابات الرئاسة المقبلة في 14 أيار القادم.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده بيرفين بولدان الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي في أنقرة أخيراً. وبهذا القرار، يلتزم التحالف اليساري بمسؤوليته التاريخية ضد “حكم الفرد”، أي النظام الرئاسي لرجب طيب أردوغان. وسيلعب ناخبو اليسار، خصوصاً الكرد، دور صانع الملوك، خاصة في حالة الذهاب إلى جولة انتخابات ثانية بين أردوغان ومرشح المعارضة.

ويضم تحالف اليسار كل من : حزب الشعوب الديمقراطي، وحزب العمال الذي يمتلك 4 مقاعد نيابية في البرلمان الحالي، وحزب العمل، وعدد من الأحزاب اليسارية الصغيرة الأخرى.  وسيدعم التحالف زعيم الحزب الجمهوري (الكماليون)، ومرشحه كمال كيليجدار أوغلو، الذي أعلن ترشيحه بداية آذار الحالي، وهو مرشح تحالف لستة أحزاب بقيادة الحزب الجمهوري. ويضم تحالف الستة: حزب “الخير” اليميني القريب من حركة الذئاب الرمادية الفاشية، وحزب إسلامي صغير، وثلاثة أحزاب يمينية محافظة.

وما يجمع أحزاب المعارضة غير المتجانسة هدف أساسي، يتمثل بهزيمة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وحزبه “حزب العدالة والتنمية الإسلامي”، فضلاً عن التخلص من النظام الرئاسي الذي مرره أردوغان بأكثريته البرلمانية، كأخطار لسلطته الاستبدادية.

وقد تم حذف القضية الكردية، من برنامج تحالف الستة، بضغط من حزب “الخير” القريب من الذئاب الرمادية الفاشية. وكان مرشح المعارضة قد زار حزب الشعوب الديمقراطي، لغرض ضمان دعم تحالفهم اليساري.

وأكد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أن “عنوان حل جميع المشاكل، بما في ذلك القضية الكردية، هو الجمعية الوطنية الكبرى التركية”.  ومثلَ ذلك تنازلاً شكلياً، وغزلاً مع الناخبين الكرد، وفي الوقت نفسه رفض أيضًا مفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستاني وزعيمه المسجون عبد الله أوجلان، معيداً بذلك موقفه السابق قبل قرابة عشر سنوات.

وفي الانتخابات البرلمانية، التي ستجرى أيضًا في 14 أيار، وبسبب قضية منع نشاط “حزب الشعوب الديمقراطي”، المطروحة أمام القضاء، لاتهام الحزب بكونه ذراع حزب العمال الكردستاني المتهم بالإرهاب، سيشارك الحزب في الانتخابات البرلمانية باسم «حزب اليسار الأخضر»، الذي تأسس بالفعل كحزب بديل.  بحسب ما أعلنه ميثات سنكر، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي. 

وفي إطار تحالف اليسار، تمكن حزب الشعوب الديمقراطي من اقناع حلفائه بتقديم قائمة مشتركة. ومع ذلك، فإنّ مرشحي حزب العمال يريدون استخدام شعار حزبهم الخاص؛ إلى جانب الشعار المشترك للوصول إلى الناخبين البعيدين عن الحركة الكردية.

تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم مرشح المعارضة المشترك كيليجدار أوغلو. ومع ذلك، كما حدث في الانتخابات السابقة، من المتوقع أن يكون هناك تلاعب كبير. ومع عدم تسجيل أكثر من 100 ألف حالة وفاة بسبب الزلزال، وعدم تمكن الناخبين الكرد والعلويين من العودة الى مناطق سكناهم المدمرة؛ بسبب نقص مساعدات الدولة، سيفتح باب التزوير واسعاً. فضلاً عن عدم توفر إمكانية التصويت عبر البريد في تركيا.

ومن المستبعد للغاية أن يتخلى أردوغان طواعية عن السلطة؛ لأنه سيواجه القضاء والسجن أيضاً، في حال عدم إعادة انتخابه. إن انضمام “حزب القضية الحرة” الكردي الإسلامي المتطرف إلى التحالف الحكومي المكون من “حزب العدالة والتنمية” وحزب “الحركة القومية الفاشي”، يساهم في انتشار الخوف من العنف. صحيح أن نسبة الأصوات صغيرة التي يمتلكها هذا الحزب، إلا أن الأخير الذي يدعو إلى إقامة دولة شريعة كردية، يعتبر خلفاً لحركة حزب الله السنية السرية، وهي جزء من المليشيات المسلحة التي ناصبت حركة التحرر الكردية العداء، ومسؤولة عن مئات عمليات القتل الوحشية للنشطاء، مستفيدة من حماية الدولة في التسعينيات.

استراتيجية الرئيس

تقوم استراتيجية الرئيس على أمرين: الأول، تدوير ملفات الاتهام لمنافسيه، كما حدث مع محافظ إسطنبول أكرم اوغلو، الذي هزم مرشح أردوغان في انتخابات 2019 المحلية، والذي كان يمكن أن يكون مرشح المعارضة المشترك. لقد تلقى حكماً ابتدائياً بقضية فساد كيدية، ولا تزال القضية في أروقة محاكم الاستئناف. أما الجانب الثاني في استراتيجية الرئيس، تقديم رشىً مؤقتة للسكان، عبر قرارات لدعم الفئات الأكثر فقراً. على سبيل المثال، تمت زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المائة مقارنة بشهر تموز 2022، وتم فرض إمكانية التقاعد المبكر على العديد من الموظفين. يمكن أيضًا توقع تنازلات انتقائية مماثلة من حزب “العدالة والتنمية” إلى قاعدته في الأشهر المقبلة.

يذكر أن تكتيكات حزب “الشعوب الديمقراطي” وقوى يسارية تركية، كانت وراء هزيمة مرشحي حزب “العدالة والتنمية الإسلامي” الحاكم، في الانتخابات المحلية عام 2019، وذلك في المدن الثلاث الكبرى: أنقرة، واسطنبول، وازمير، حينها جرى دعم مرشحي المعارضة على حساب مرشحي السلطة.

عرض مقالات: