اخر الاخبار

تتسع الحرائق في باريس، ورجال الإطفاء يُحيّون المحتجين، على الرغم من العمل تحت حراسة قوات الشرطة. يثبت الفرنسيون مرةً أخرى، رفضهم للتراجع أمام رئيس مستبد. لقد شهدت شوارع فرنسا، الخميس الفائت، وحسب تقديرات اتحاد نقابات «سي جي تي» اليساري، مشاركة أكثر من 3,5 مليون في الغضب الفرنسي على تجاوز الديمقراطية وسلطة المراسيم، فيما تحدثت الشرطة عن مشاركة مليون فقط. وفي ذروة الحركة الاحتجاجية، تم بالملموس تحديد موعد الإضراب التالي. ومن المتوقع أن تُشلّ الحياة، الثلاثاء المقبل في عموم البلاد. وعلى الرغم مع ذلك، انشغلت وكالات ومؤسسات الإعلام السائد، الجمعة الفائت، بتأجيل زيارة الملك البريطاني تشارلز الثالث، بسبب «الاضطرابات العنيفة»، كما أعلن قصر الإليزيه، ينبغي أن يكون من الممكن استقبال تشارلز في ظل الظروف التي تتوافق مع العلاقة الودية.

 صباح الجمعة، أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانين، عن اعتقال 457 مواطناً، وإصابة حوالي 440 من رجال الشرطة والدرك في اليوم السابق. ولم يتحدث عن عنف قوات الأمن الموثق في العديد من شبكات التواصل الاجتماعي. وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، اكدت أن صورة رجل الشرطة الذي انهار بعد أن اصطدم حجر بخوذته، «تسببت في رعب» للجمهور أكثر من مقاطع الفيديو، التي تبين رجال الشرطة يضربون المتظاهرين بالهراوات بعنف، حتى بعد سقوطهم أرضا!

  وأشار دارمانين إلى اضرام 903 حرائق، في جبال النفايات والقمامة التي تكدست، بسبب الإضراب، في العاصمة، وأبدى أسفه لوجود «تطرف» مارسهُ «متطرفون يساريون»، «أرادوا مهاجمة». الجمهورية».

كثير من العمال لا ينتظرون الموعد التالي للنضال الذي أعلنتهُ النقابات. في هذا السياق طلبت هيئة الطيران المدني من شركات الطيران إلغاء 33 في المائة من الإقلاع المخطط له في مطار باريس أورلي اليوم الأحد. وتبعاً لذلك، يجب إلغاء 20 بالمائة من الرحلات الجوية ليوم الاثنين. وكذلك عكست الشبيبة روح نضالية وثابة، حيث الإضراب يعم المدارس والجامعات، وتستمر التظاهرات العفوية، وكما قال أحد الطلاب: «نحن هنا لمواصلة الضغط».  ولا نريد أن نحصر نشاطنا، حتى بالمواعيد التي تحددها النقابات.

الشيوعي الفرنسي يطالب باستفتاء عام

في حوار صحافي مع عضو مجلس الشيوخ، والسكرتير الوطني السابق للحزب الشيوعي الفرنسي (2010 – 2018)، عرض فيهِ رؤية الحزب بالأحداث المتسارعة في البلاد، أشار إلى ان ما يحدث غير مسبوق. لقد أدى الهجوم المستمر على قانون التقاعد، باعتباره حجر الزاوية لنظام الرعاية الاجتماعية في فرنسا دائماً إلى تظاهرات ضخمة. لكن هذه المرة كان الأمر غير عادي. الغضب كبير جداً. ملايين الفرنسيين يتظاهرون، وانتشرت الإضرابات على نطاق واسع، والاتحادات النقابية مجتمعة تقف في الطليعة، وفي استطلاعات الرأي، يطالب 90 بالمائة من العُمّال بإلغاء القانون، الذي فرض بالمراسيم الجمهورية. كنّا دائماً في الحزب الشيوعي الفرنسي ندعو إلى إلغائه، والبلاد لا تواجه أزمة اجتماعية خطيرة فقط، بل تواجه الآن أزمة سياسية وديمقراطية أيضاً.

الاحتجاج على رفع سن التقاعد إلى 64 عاماً، بلورَ استياءً اجتماعياً عميقاً. منذ أيلول كان هناك العديد من الإضرابات لزيادة الأجور والحفاظ على القوة الشرائية. ويتفاقم نقص العاملين في قطاع الخدمات العامة، بدءاً بالمستشفيات والمدارس. بشكل عام، لقد تدهورت ظروف العمل. منذ الوباء، كان الناس يتساءلون، عن جدوى العمل لفترة أطول عندما يكون هناك الكثير من انعدام الأمن والبطالة، وقبلهما المزيد من «الأرباح الهائلة « لكبريات الشركات، لا أحد يقبل ذلك بعد الآن.

ردت الحكومة بتوظيف مادة دستورية (49 / 3) لتمرير مشروعها بمرسوم جمهوري، بعيداً عن البرلمان، وفي تجاوز صريح للديمقراطية، مثل هذا التصرف استفزازاً غير مقبول. وضاعف من الغضب. تحاول الحكومة الآن أيضًا تشويه سمعة المتظاهرين وقمعهم. لكن هذه الإجراءات لن تحد من زخم المعارضة.

الأزمة السياسية باتت الآن واضحة. أعيد انتخاب إيمانويل ماكرون، لأن غالبية الفرنسيين أرادوا عدم انتخاب زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان. ولم يستطع ماكرون الحصول على أغلبية في الجمعية الوطنية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. كان يعتقد أن  بإمكانه الاعتماد على اليمين التقليدي (الجمهوريون) لتحقيق أغلبية. لكن خيط الدعم أصبح رفيعاً جداً.  والوضع الآن غير مستقر بشكل دائم. تحاول مارين لوبان التأثير من الأبواب الخلفية. لذلك تقع على عاتق اليسار مسؤولية كبيرة في تقديم بديل حكومي والفوز بأغلبية تشريعية في حال حل البرلمان. والحزب الشيوعي يعمل بنشاط لتحقيق ذلك. ويطلق حملة لتنظيم استفتاء عام على القانون قيد الصراع.

عرض مقالات: