اخر الاخبار

منذ سنوات، تحاول منظمات ومواطنون يمنيون مقاضاة المسؤولين بشكل مباشر وغير مباشر، عن الحرب الدائرة في بلادهم منذ آذار 2015. قبل تسع سنوات، اقاموا دعوى قضائية ضد الرئيس أوباما، وضد رئيس وكالة المخابرات المركزية بتريوس في محكمة أمريكية، وبعد قتل مدنيين اثنين في واحدة من الغارات التي لا تعد ولا تحصى بطائرات بدون طيار، كان من المفترض أن تصيب إرهابيي القاعدة، لكنها أصابت المارّة.

في عام 2018، حاولوا مقاضاة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، العقل المدبر للحرب في اليمن. ثم دولة الإمارات، القوة الثانية في التحالف، التي تدخلت في الحرب، لكنها انسحبت من التحالف منتصف عام 2019، بسبب الخلافات مع زعيمة التحالف، السعودية.

الآن، جاء دور مقاضاة أكبر الشركات العسكرية الأمريكية. العمالقة (رايثيون ولوكهيد مارتن وجنرال ديناميكس)، التي تسلّح العالم بكل أنواع الأسلحة، والتي يتهمها عوائل ومواطنون يمنيون بـ “المساعدة في جرائم الحرب والقتل الكيفي” عبر تزويد التحالف الذي تقودهُ السعودية بمعداتٍ حربية.

الدعوى المرفوعة أمام محكمة محلية في واشنطن، تشملُ أيضاً، ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد، وكذلك وزير الخارجية الأمريكي بلينكين، ووزير الدفاع الأمريكي أوستن، المسؤولين عن الموافقة على عقود شراء الأسلحة من الشركات المذكورة.

حالتان من القضايا المرفوعة تتعلقان بمذبحة في حفل زفاف في عام 2015، وأخرى في جنازة في العام التالي، أسفرتا عن مقتل 43 و100 على التوالي. وتقام الدعوى بموجب قانون أمريكي يعود للعام 1991، يتيح لضحايا الجرائم الحصول على تعويض، إذا كان الجناة موجودين في الولايات المتحدة. وجاء في نص الدعوة: “عامًا بعد آخر، تسقط القنابل على خيام حفلات الزفاف والجنازات وقوارب الصيد والحافلات المدرسية، مما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين ودفع اليمن للتحول الى أكبر أزمة إنسانية في العالم”.

وفي ألمانيا أيضاً

في ألمانيا، فشل ثلاثة يمنيين، فقدوا ذويهم في هجوم بطائرة مسيّرة أمريكية، في دعواهم أمام المحكمة الإدارية الاتحادية في مدينة لايبزيغ. وطالبوا ألمانيا بتحمل المسؤولية القانونية والسياسية عن حرب الطائرات الأمريكية المسيّرة في اليمن، ووقف استخدام القاعدة العسكرية الأمريكية في رامشتاين، ولا سيما محطة إطلاق الأقمار الصناعية. تعمل القاعدة العسكرية الأمريكية في رامشتاين كمركز لتحليل البيانات ونقلها، ولا غنى عنها للتحكم بهجمات الطائرات الأمريكية المسيّرة.

لا تنفرد شركات السلاح الأمريكية فقط بتصدير الأسلحة لأطراف الحرب في اليمن، بل تجني شركات الأسلحة الألمانية أيضًا أموالًا طائلة من دوامة الموت هناك. تقوم طائرات ايروفايت، ايروباص، بإلقاء القنابل المصنوعة في مصانع راينميتال على المدنيين في صنعاء ومدن أخرى في اليمن. فيما تقوم زوارق الدورية من حوض بناء السفن، فول كاست في مكلنبورغ، شرق المانيا، التي تم تسليمها إلى المملكة العربية السعودية، بمحاصرة الساحل اليمني، وبالتالي تمنع وصول الغذاء والدواء إلى البلاد.

دعوى قضائية ضد راينميتال

اقامت “مبادرة الصرخة”، إحدى حملات حركة السلام في ألمانيا، دعوى قضائية ضد شركة راينميتال العملاقة لصناعة الأسلحة، والتي تتخذ من مدينة دسلدورف الألمانية مقراً مركزياً لها. ووفقاً لما أوردتهُ نسخة الأحد من جريدة “دي فيلت” الألمانية، واسعة الانتشار، بدأ المدعي العام إجراءات أولية، بشأن اتهام الشركة بـ “المساعدة في جريمة حرب”.

الى الآن يدعي المستشار الألماني اولاف شولتس، الذي كان يشغل في الحكومة السابقة، منصب نائب رئيس مجلس الأمن الاتحادي، المسؤول عن منح موافقات تصدير السلاح: تتخذ الحكومة الفيدرالية “مسارًا واضحًا، في عدم التصدير إلى مناطق الحرب” (أوكرانيا استثناء بسبب الحرب الدفاعية). هذا الادعاء تدحضهُ حقائق تصدير السلاح إلى الإمارات العربية المتحدة. يضاف إلى ذلك، وافقت الحكومة الألمانية الحالية في نهاية أيلول الفائت، على تصدير معدات عسكرية وذخائر للطائرات المقاتلة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

كارثة إنسانية

قبل أيام، أعلنت الأمم المتحدة أرقاماً جديدةً عن الكارثة الإنسانية في اليمن: 375 ألف قتيل، 60 في المائة منهم ماتوا بسبب الجوع والمرض، 21 مليون جائع بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، 17 مليون يعيشون تحت خط الفقر، و4,5 مليون نازح داخل البلاد.

ووفقًا للأمم المتحدة، لقيَّ ما لا يقل عن 11 ألف طفل مصرعهم أو شوهوا أو جرحوا منذ بدء الحرب. وكما أعلن مدير اليونيسف راسل في منتصف كانون الأول الفائت، بعد زيارة للبلاد، من المرجّح أن يكون العدد الفعلي أعلى من ذلك بكثير. لقد تم، منذ عام 2015، تجنيد قرابة 4 آلاف فتى. ويتعرّض مئات الآلاف من الأطفال اليمنيين لخطر الموت؛ بسبب أمراض يمكن الوقاية منها. وقرابة 2.2 مليون يعانون من سوء التغذية الحادة.

نددت الأمم المتحدة بعدم وجود استعداد دولي للمساعدة: في الفترة التي سبقت مؤتمر المانحين في 27 شباط الفائت، ناشدت الأمم المتحدة وشركاؤها المجتمع الدولي، ودعوا إلى التزامات مالية بقيمة 4,3 مليار دولار. لدعم مليون محتاج.  أعلن مكتب الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، النتيجة بعد انتهاء أعمال مؤتمر المانحين: كان هناك 31 تعهدًا بالتبرع. بلغ مجموعها أقل من 1.2 مليار دولار فقط.

عرض مقالات: