اخر الاخبار

حبست الخرطوم انفاسها في الايام القليلة الماضية تحسبا لنزاع قد يقع في أيّة لحظة بين الجيش وقوات الدعم السريع، اثر تصريحات متناقضة صدرت عن قيادات في الطرفين في مناسبات مختلفة.

فقد اطلق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي مواجهة مع قادة الادارة الاهلية، اثناء رحلته الى غرب دافور لتهدئة الاوضاع بعد مذابح وقعت في منطقة (كرنديق) غرب مدينة الجنينة، واصفا أولئك القالدة بانهم مجرمون وينتمون الي فلول النظام السابق، ومحذرا اياهم من توظيف الادارة الاهلية لخدمة اجنداتهم الحزبية. وقال حميدتي في وقت لاحق ان الانقلاب الذي قاموا به في ٢٥ تشرين الثاني ٢٠٢١ا يعتبر فاشلا بكل المقاييس وكان الهدف منه خدمة مصالح الاخوان المسلمين، وانه نادم على المشاركة فيه ويقف الآن قلبا وقالبا الى جانب الاتفاق الاطاري، الذي تم توقيعه بينهم وبين المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.

لكن عبد الفتاح البرهان قائد الجيش اعلن من ولاية نهر النيل، حيث منطقة اهله وعشيرته، انهم سوف ينفذون الاتفاق بالطريقة التي تروق لهم . ولم تمض ايام حتى صرح الفريق شمس الدين الكباشي بان القوات المسلحة لن تحمي دستورا وضعه عشرة اشخاص في اشارة الى دستور قيادة نقابة المحامين الذي تاسس عليه الاتفاق الاطاري المسنود من الآلية الرباعية بما فيها من تمثيل لدول الترويكا والامم المتحدة والاتحاد الافريقي. 

ولم يفق الناس من هول الدهشة حتى فاجأهم الفريق ياسر العطاء بضرورة دمج قوات  الدعم السريع داخل القوات المسلحة. واضاف انه “لاتوجد دولة محترمة فيها جيشان”. وشاع في الخرطوم ان الفريق البرهان استبدل مجلس السيادة، الذي يشغل حميدتي منصب نائب الرئيس فيه، بالمجلس الاعلى للقوات المسلحة، كما وحّد هيكل رواتب القوات النظامية. والمعروف ان رواتب الجنود وصف الضباط في الدعم السريع اعلى بكثير من امثالهم منتسبي القوات الاخرى .

واصبح واضحا ان المواجهة التي طال انتظارها واقعة لامحال، فانشغل المكوّن المدني بالحيلولة دون وقوعها، الى جانب سعيه للحد من تمدد سلطة العساكر مجتمعين. فاعلنت الحرية والتغيير - المجلس المركزي عن مسعى للتوسط بين الطرفين.  كما صرح احد ابرز قيادات الطرف الاخر في الحرية والتغيير، وهو مني اركو مناوي، بان المواجهة داخل المكون العسكري ليست في مصلحة البلاد وانهم سوف يسعون للصلح بينهم.

ويرى خبراء ان حميدتي لن يضيع وقته اذا وقعت الكارثة وسينسحب الى اقليم دارفور ويقوم من هناك بحرب استنزاف طويلة قد تستغرق العقدين او العقود القادمة من تاريخ السودان. مما سيعقد الاوضاع في مركز السلطة ، حتى قد يجعل من الصعب عليها الاحتفاظ بالاقليم الملتهب، الذي يبلغ عدد سكانه ٨ ملايين نسمة تنتشر وسطهم ٣ ملايين قطعة سلاح بحسب احصائيات الامم المتحدة. فيما يستبعد بعض المراقبين وجود خلاف اصلا داخل المكون العسكري، ويقولون ان ما يحدث هو تبادل ادوار يهدف الى تقوية قبضتهم مجتمعين على السلطة، وتأمين بقائهم فيها اطول فترة ممكنة، على عكس ما يشير اليه الاتفاق الاطاري الذي وقعوا عليه مجبرين تحت الضغط الدولي. 

ويستشهد هذا الفريق من الخبراء بحقيقة ان الدعم السريع شريك في التصنيع الحربي الذي يمثل تاج راس الاستثمارات العسكرية، كما يقوم بنشاط اقتصادي كبير في الزراعة والتعدين والتصدير والاستيراد بشراكة مع الجيش، ولم يسبق للجانبين ان اختلفا حول منجم من الذهب او مزرعة او على عائدات التجارة الداخلية والخارجية.  انما هم يريدون ممارسة المزيد من الابتزاز لبعض القوى المدنية، التي اصبحت معزولة في الشارع بعد تنصلها عن شعارات الثورة  وموافقتها علي التفاوض مع العساكر.

ويبدو ان تحركات هؤلاء العساكر اراد لها اصحابها والجهات التي تقف خلفهم من فلول النظام السابق، ان تستبق التوقيع على الاتفاق النهائي وتشكيل الحكومة المدنية المزعومة.

لكن مصادر متابعة في الخرطوم تتخوف من ارتباط هذا الصراع بين عساكر السودان بالنزاع الدولي والاقليمي في القارة. 

خصوصا وانه حدث عقب ذلك مباشرة ان سافر حميدتي الى الامارات وعاد منها قبل يومين، في وقت اقلعت فيه طائرة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان متوجهة به الى  قطر.

عرض مقالات: