اخر الاخبار

أعدت وزارة الداخلية الاتحادية في آذار 2020 “ورقة عمل” وضعت تصوراً دراماتيكياً لمخاطر كورونا، بهدف إضفاء الشرعية على الإجراءات السياسية المتشددة. وتظهر الرسائل الإلكترونية المتبادلة كيف ضغطت الحكومة على العلماء للتعاون معها في ذلك.

هذا ما كشفت عنه صحيفة “دي فيلت” الالمانية المحافظة واسعة الانتشار، في عددها الصار يوم 7 شباط الجاري. وفضحت الصحيفة الضغط الحكومي على العلماء من أجل طرح معطيات وفق هواها حول وباء كورونا. وطالب نواب المعارضة بالتحقيق في الموضوع من قبل البرلمان، وحذروا من الإضرار بمصداقية المحافل السياسية والعلمية.

وبحسب هذه الرسائل الإلكترونية المتبادلة بين وزارة الداخلية والمؤسسات والمعاهد العلمية، مارس وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر من الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ في آذار 2020 ضغوطاً مشددة على معاهد البحث العلمية والجامعات، مطالبا في ورقة اعتبرت في حينها داخلية وسرية، بوضع “موديل احصائي” يضفي شرعية على الإجراءات السياسية المتشددة التي ستتخذ لاحقاً.

وفي أول رد فعل له، ذكر ديتمار بارش، رئيس كتلة حزب اليسار البرلمانية، أن وزارة زيهوفر اضطلعت بقسط كبير من سياسة مكافحة كورونا، لكنها سجلت هدفاً في مرماها بضغطها على العلم من أجل تبرير سياستها. وأضاف أن مهمة العلم تقديم الاستشارات للساسة، ودعمهم خلال الأزمة، لكن على العلم أن يبقى مستقلاً. فيما السياسة المفروضة مسبقاً على العلم تقع في تعارض مع استقلاليته. وحينما يفرط العلم باستقلاليته فأنه يفرط بمصداقية العلم والسياسة. والمصداقية والثقة هما العاملان الأساسيان في الأزمة لتوفير الثقة والقبول بالإجراءات المتخذة.

وهاجم فولفغانغ كوبيكي، نائب رئيس الحزب الليبرالي، سياسة الحكومة قائلاً إن اسلوب تعامل وزارة الداخلية “يليق بالدول المتسلطة”. وقال إن من يشيع الخوف رغبة في تمرير الإجراءات السياسية “يضع السكين على رقبة دستورنا الديمقراطي”. “من الواضح أن القضية لا تدور حول وضع قرارات تعتمد العلم والاستدلال العلمي أمام المواطنين، وإنما حول فرض هذه الإجراءات بأساليب قمعية”.

وكانت صحيفة” دي فيلت” قد نشرت تقريراً يتحدث عن مراسلات إلكترونية تملأ 200 صفحة بين وزارة الداخلية والمعاهد العلمية والجامعات، تضغط على العلماء من أجل التعاون في رسم سياسة وزارة الداخلية تجاه وباء كورونا.

وجاء في التقرير أن وزارة الداخلية الاتحادية، خلال الموجة الأولى للوباء في اذار2020، سلطت ضغوطها على العلماء من مختلف معاهد الأبحاث والجامعات خدمة لأهداف سياسية. ودعت الوزارة معهد روبرت كوخ (الرسمي) والمؤسسات الصحية والعلمية الأخرى إلى بلورة “نظام إحصائي” يمكن على أساسه لسلطات وزير الداخلية الاتحادي زيهوفر تبرير شدة الإجراءات المتخذة من قبل وزارته.

وفي رسائله الإلكترونية المتبادلة مع هذه المعاهد، طالب وزير الدولة للشؤون الداخلية ماركوس كيربر بـ „ تطوير موديل إحصائي يمكن على أساسه تبرير إجراءات ذات طبيعة وقائية وتعسفية يجري التخطيط لها”.

وقالت الصحيفة، إن العلماء عملوا على أساس هذه الرسائل، بالتعاون مع الوزارة وخلال أربعة أيام فقط، على وضع ورقة عمل “سرية” يجري لاحقاً تمريرها إلى الصحافة. وتمت أيضاً صياغة “أسوأ سيناريو ممكن” يموت خلاله مليون ألماني بسبب كورونا إذا واصل المجتمع حياته كما كانت قبل جائحة كورونا.

والمعروف ان قوى اليسار والحركات الاجتماعية قد رافقت السياسات الحكومية بنقد دائم مطالبة بدعم للفئات الأكثر فقرا من السكان، وعدم استغلال الأزمة للتضيق على الحقوق الديمقراطية بحجة مواجهة الوباء.