اخر الاخبار

بعد عام من العمل المتواصل سلم المؤتمر الدستوري التشيلي، الاثنين الفائت، مشروع الدستور الجديد إلى الرئيس غابرييل بوريك.  وسيحل الدستور الجديد بعد اقراره محل الدستور النافذ، والموروث من عهد دكتاتورية أوغستو بينوشيت (1973-1990).

بعد الانقلاب العسكري المدعوم من واشنطن ضد الرئيس اليساري المنتخب ديمقراطيا سلفادور أليندي، قبل قرابة 50 عامًا، أقام الديكتاتور نظامًا فاشيًا استند دستوره على النموذج الليبرالي الجديد للاقتصادي الأمريكي ميلتون فريدمان. ويرى كثيرون أن هذا الدستور كان سببا رئيسيا للفجوة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء في الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية.  لقد كان إلغاء دستور الدكتاتورية الفاشية مطلبًا رئيسيًا للاحتجاجات الجماهيرية التي هزت تشيلي منذ عام 2019.

وقال الرئيس اليساري، الذي تولى منصبه في الأول من اذار، اثناء مراسم تسليم مشروع الدستور الجديد في العاصمة “سانتياغو دي تشيلي”: “يمكننا أن نفخر بأننا، في أعمق أزمة شهدتها بلادنا منذ عقود، اخترنا المزيد من الديمقراطية “. في تشرين الأول 2020، صوت في استفتاء عام أكثر من 78 في المائة من الناخبين لصالح تغيير الدستور الحالي، بالضد من معارضة اليمين. وفي حزيران 2021، تم انتخاب أعضاء المؤتمر الدستوري، الذي تشكل في 4 تموز، بعد حصول ممثلي الأحزاب اليسارية والحركات الاجتماعية والشعوب الأصلية على الأغلبية.

مضامين تقدمية

وكان المؤتمر الدستوري هو الأول في العالم الذي شغل النساء والرجال مقاعده مناصفة. ونص المشروع، بين أمور أخرى، على حصول الجميع على الرعاية الصحية، وتعزيز التعليم العام، وحق السكان الأصليين في أراضيهم وأقاليمها ومواردهم الطبيعية.

يضمن مشروع الدستور الجديد حق التصويت في سن 16عاما والتصويت الإجباري لسن عاما18. ولا يُسمح للأشخاص المدانين بانتهاكات حقوق الإنسان أو الجرائم الجنسية أو الفساد بتولي مناصب عامة أو الترشح للانتخابات.

بالإضافة إلى ذلك، يتم منح مقاعد للشعوب الأصلية في جميع غرف البرلمان على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية، اعتمادًا على النسبة المئوية للسكان الأصليين في الدائرة الانتخابية المعنية. وفي الوقت نفسه، يجب هيكلة الأحزاب السياسية ومؤسسات الدولة والشرطة والجيش وكذلك البرلمانات على أساس المساواة بين الجنسين. ويستبدل مجلس الشيوخ بمجلس محلي لممثلي المناطق.

يوم تاريخي

 ووصفت صحيفة باجينا 12 الارجنتينية في عددها الصادر الثلاثاء، يوم تسليم مسودة مشروع الدستور ب “اليوم التاريخي” الذي شهد احتفالا أقامه السكان الأصليون (المابوتيشي ) الذين شاركوا في صياغة الدستور الجديد في وسط العاصمة سانتياغو، وتم  خلاله رفع أعلام تشيلي والومابوتشي على أنغام اغنية “حق العيش بسلام” للفنان الشيوعي فيكتور جارا، الذي قُتله الفاشيون في عام 1973، بالتناوب مع “بيلا تشياو”، نشيد المقاومة الإيطالية المناهضة للفاشية.

تعبئة مضادة

في حين شدد الحزب الشيوعي التشيلي على “أن الدستور الجديد المقترح يعكس رغبات الملايين من الناس في جميع أنحاء البلاد”، أعلن السياسيون اليمينيون عن التعبئة لمعارضة تعديل دستور 1980، والذي كتب وأقر من قبل حفنة من ازلام الفاشية، بينما جاء مشروع الدستور، ليمثل مخرجا سياسيا لتهدئة الاحتجاجات الحاشدة في 18 تشرين الأول 2019، المطالبة بمزيد من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في بلد يسود فيه الظلم الاجتماعي. وتحت ضغط الاحتجاجات وافقت حكومة سيباستيان بينيرا اليمينية في النهاية على اجراء استفتاء تشرين الأول 2020.

وعند تسلمه المسودة، قال الرئيس بوريك: “كان لا بد من حدوث الكثير، وكان لابد من التضحية بالكثير من الأرواح من أجل التمكن من مناقشة الدستور الذي جاء نتيجة لنقاش ديمقراطي”. وبشأن استفتاء 4 أيلول المقبل، والذي سيتم فيه التصويت على المسودة المكونة من 388 مادة في 178 صفحة، دعا رئيس الجمهورية المواطنين، حتى ذلك الحين، إلى مناقشة “ النص المقترح على أوسع نطاق”. وقال بوريك إنه “نقاش حول مستقبل ومصير تشيلي خلال العقود الأربعة أو الخمسة المقبلة”. وأكد “سيكون الشعب صاحب الكلمة الأخيرة في تقرير مصيره”.

وفي نداء نشر على موقعه، حث الحزب الشيوعي التشيلي أنصاره على التصويت للدستور الجديد لأنه “يفتح الباب لبلد أكثر إنسانية وعدلاً وتوازنًا ويمثل أحلام وآمال أولئك الذين يعيشون بكرامة ويريدون الأمن والمستقبل الأفضل. “. في 4 ايلول، “ستكون لدينا فرصة لإسماع صوتنا”.

عرض مقالات: