اخر الاخبار

لا زالت تأثيرات نتائج انتخابات الجمعية الوطنية الفرنسية تتفاعل، ويبدو انها ستحدد ملامح مشهد السياسة الفرنسية خلال السنوات المقبلة، بما في ذلك انعكاساتها الإيجابية على نشاط اليسار الفرنسي بمعناه الواسع. وقبل تناول اهم هذه الملامح، لابد من التذكير بالنتائج النهائية للانتخابات البرلمانية.

نتائج نهائية

أتت النتائج النهائية والرسمية للانتخابات بالشكل التالي: حصل تحالف اليسار (التحالف الشعبي الاجتماعي الايكولوجي الجديد) 142 مقعدا، يسار متنوع 13 مقعد، الجمهوريون (يمين محافظ) 64 مقعد، يمين متنوع 9 مقاعد، واليمين المتطرف (التجمع القومي) 89 مقعدا، وقوى أخرى 14 مقعدا. وحصل تحالف “معا” بزعامة الرئيس الفرنسي ماكرون على 246 مقعدا، خاسر بذلك الأكثرية المطلقة، ومعها قرابة 100 مقعد مقارنة بانتخابات 2017.

اهم المتغيرات

من أهم التغييرات في ميزان القوى البرلمانية في فرنسا هو رفع عدد نواب اليسار إلى ثلاثة اضعاف، ومساعدة بعض أطرافه على تشكيل كتلها البرلمانية المستقلة. ضم تحالف اليسار حركة فرنسا الآبية بزعامة ميلونشن، وحزب الخضر الفرنسي، والذي على عكس شقيقه الألماني لا يزال يتبنى سياسات يسارية، ولم يجد ما يمنع وجوده في تحالف انتخابي يضم الشيوعيين أيضا، والحزب الشيوعي الفرنسي، وأكثرية ما تبقى من الحزب الاشتراكي.

المشهد السياسي الفرنسي الجديد يعكس حقيقة ان قوى اليسار، إذا ما استمرت بالعمل المشترك، يمكن أن تكون القوة الثانية في البرلمان الفرنسي بعد كتلة الرئيس الفرنسي. وبالتالي سيكون لها بصمة واضحة على السياسات الاقتصادية والاجتماعية، من خلال المطالب التي دافعت عنها في الحملة الانتخابية، مثل رفع الحد الأدنى ا للدخل ر إلى 1500 يورو، وخفض سن التقاعد إلى 60، وغيرها، والتي يمكن عكسها بشكل مشاريع قوانين في البرلمان الجديد. بالإضافة إلى دورها المؤثر في المناقشات الكبيرة داخل وخارج البرلمان، وكذلك في النشاطات السياسية والاجتماعية خارج البرلمان بالتعاون مع النقابات العمالية والحركات الاجتماعية الأخرى، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تجذير الصراع السياسي الاجتماعي في البلاد، في وقت يتعرض فيه الرئيس ماكرون وشركاه لضغط شعبي قوي يصعب عليهم تجاوزه.

كتل برلمانية متعددة

اقترح جان لوك ميلونشون، زعيم فرنسا الابية، تشكيل كتلة برلمانية واحدة لجميع أطراف تحالف اليسار في البرلمان، لأن ذلك سيكون الأفضل في المشاركة في اللجان البرلمانية. لقد تم رفض المقترح من أطراف التحالف الأخرى: الشيوعيون والاشتراكيون والخضر. وأشير إلى احتواء اتفاقية التحالف على حق الأحزاب المشاركة فيه في تشكيل كتلها البرلمانية المستقلة. وواضح جدا ان هذه الأحزاب لا تريد العمل خلف حركة فرنسا الأبية التي ستتزعم التحالف في هذه الحالة وتصبح وجهه الأبرز بينما يتقلص حضور الآخرين في الراي العام، كقوة سياسية مستقلة، ارتباطا بالصلاحيات التي تتمتع بها زعامة الكتلة في النظام البرلماني الفرنسي.

في ضوء النتائج النهاية تستطيع جميع أطراف التحالف تشكيل كتلها البرلمانية المستقلة لأن الحد الأدنى لتشكيل كتلة برلمانية هو توفر 15 نائبا: فرنسا الأبية لديها 75 نائبا، الاشتراكيون لديهم 32 نائبا، الخضر لديهم 23 نائبا، والشيوعيون لديهم 12 نائبا في البر الفرنسي يضاف لهم 7 – 8 نواب من مناطق ما وراء البحار، الذين اشتركوا بقوائم محلية، والقريبون جدا من الحزب الشيوعي. وعلى الرغم من ذلك سيستمر العمل البرلماني المشترك لأطراف تحالف اليسار عبر شكل تنسيقي في إطار جامع تجري مناقشة امكانياته بين هذه الاحزاب.

لقد عقدت الكتل اليسارية منفردة اجتماعاتها لاختيار قياداتها، وتم الخميس عقد اول اجتماع مشترك بين أطراف تحالف اليسار في هيئة يتم فيها” الجمع بين تنوع التعبيرات واتساق القرارات” وأن تكون مكانًا “للنقاش والتنسيق الدائم بين مختلف مكوناتها، لصياغة مشاريع القوانين المقدمة للسلطة التشريعية”.

ماكرون يتلقى رفض اليسار

تلقى الرئيس الفرنسي، الذي أعطى الشركاء في البرلمان مهلة امدها 48 ساعة،  رفضا من قوى اليسار لمقترحه القاضي عمليا بتشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس برنامجه بعد اجراء عدد من التعديلات عليه ويمكن هنا الإشارة إلى تعقيب السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسيل على مقترح الرئيس الذي التقاه الثلاثاء الفائت، والذي جاء عبر تغريدة له أكد فيها على هزيمة برنامج الرئيس “برنامج الانهيار الاجتماعي”، وان الرئيس يرفض مسؤوليته قي الهزيمة الانتخابية، وان ماكرون يتحدث عن الأسلوب فقط، وليس هناك أي تغيير يخص  زيادة الرواتب، وفرص العمل ، وجميع المفردات الاجتماعية التي تمس حياة الناس. من جانبه كثف النائب الشيوعي بيير دارفيل موقف أطراف تحالف اليسار حيال ما قاله الرئيس، واكد على ان مقترحات اليسار مطروحة على الطاولة. وفي أروقة الجمعية الوطنية، و”الأمر متروك له لتحمل الوضع الراهن، فهو المسؤول عنه. لم يتم انتخابه قناعة ببرنامجه، وإلا لكان قد حصل على الأغلبية. في الثامنة من مساء الأربعاء”. وأشار إلى ان الرئيس فقد أغلبيته المطلقة في المجلس. وانه يتجاهل بشكل واضح ان الأصوات التي حصل عليها في انتخابات الرئاسة جاءت لمنع ماري لوبان من الفوز في الجولة الثانية.

ورفض الجمهوريون منح “شيك على بياض لمشروع غير واضح”. وتحدثت تحليلات عن احتمال حصول تحالف بين ماكرون والجمهوريين من أجل تشكيل أكثرية في البرلمان، لكن ذلك لم يتبلور بعد.

 ماري لوبان قالت ان الرئيس يحاول ان ينقذ ما تبقى من وظيفة الرئاسة، وان حزبها سيدرس ما طرح.

عرض مقالات: