اخر الاخبار

في ظل الوضع السياسي المتأزم الذي تشهده تونس مؤخرا، وتفاقم حدة التظاهرات وما يقابلها من قمع واساليب تعسفية قامت بها قوى السلطة، أصدر حزب العمال التونسي يوم أمس، موقفا جديدا، أدان فيه سياسات الدولة التي اعتبرها “التفاف على الثورة ومطالبها العادلة”، ومواقف بعض النقابات الأمنية “المتشددة” ازاء قوى اليسار، والمتظاهرين.

توجه فاشستي جديد

وذكر حزب العمال في بيان اطلعت عليه “طريق الشعب”، إن “بعض النقابات الأمنية قامت بخطوة تصعيدية ضد الاحتجاجات التي اندلعت يوم 14 يناير الماضي، للتنديد بسياسيات الدولة التي التفّت على الثورة وعلى المطالب العادلة والمشروعة للشعب، وخاصة شبابه المفقّر والمهمّش والمقموع. وقد استهدفت تحركات الأمنيين وبياناتهم وتصريحاتهم وتدويناتهم في الشّبكة الاجتماعيّة قوى سياسيّة بعينها وعلى رأسها اليسار التونسي ومنه حزبنا وأمينه العام الرفيق حمة الهمامي، كما تستهدف تنظيمه الشبابي، اتحاد الشباب الشيوعي التونسي”.

وأضاف البيان “اتسم خطاب هذه الجماعات الأمنية بالتكفير والتخوين والتحريض على مناضلات اليسار والقوى التقدمية عامة ومناضليهم بنفس ذلك الأسلوب الرجعي المتطرف الذي برز بشكل خاص في فترة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي. وقد وصل الأمر ببعض النقابات الأمنية إلى الدعوة إلى التصدي الحازم للتحركات الاحتجاجية بما فيها تحركات 6 فيفري (شباط) التي توافق الذكرى الثامنة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد دون التزام بتعليمات الوزارة والحكومة، وهو ما يكشف عن الطبيعة الفاشستية لهذه العصابات التي ترتدي جبة نقابية”، مبينا إن “حزب العمال الذي اطّلع على كل المواد المنشورة لوقفات وبيانات بعض الجهات الأمنية، فإنه يتوجّه إلى الرأي العام الوطني ويؤكد أن ردّ فعل بعض النقابات والجهات الأمنية إضافة إلى كونه يعكس عمق الأزمة السياسية، فإنه يقيم الدليل على تنامي التوجهات الفاشستية التي حكمت المنظومة الأمنية في بلادنا منذ انبعاثها. وكانت ثورة شعبنا التي قمعها جهاز أمن بن علي بالحديد والنار، فرصة جدّية سانحة لتغيير المنظومة الأمنية لكنّ الوقائع بخّرت هذا الاستحقاق مثله مثل بقية استحقاقات الثورة”. 

تحريض خطير ضد الناشطين

وأكد بيان الحزب “إن ممارسة حق التظاهر في أيّ مكان، بما في ذلك أمام مقرات السيادة المركزية والجهوية هو حقّ غير قابل للتصرف ضحّت من أجل تكريسه أجيال من المناضلين والمناضلات، والحزب يدعو إلى التمسك بهذا الحق وإلى عدم التفريط فيه، علما وأنّ ممارسة هذه الحقوق لا تستهدف الأمنيّين ولا كرامتهم ولا حرمتهم. وننبه إلى خطورة الحملات الإعلامية والسياسية التي تنظمها بعض الأطراف الأمنية ضد النشطاء والمحتجّين والمناضلين والمناضلات وتكفيرهم وتخوينهم وهتك أعراضهم وتقديمهم على أنهم (دعاة فوضى وشغب وعنف) لتأليب الرأي العام ضدّهم والتحريض عليهم. إنّ مثل هذه الحملات ليست جديرة إلاّ بالأنظمة الاستبدادية المتخلفة، علما وأنّ هذه الحملات لم تُشِر مطلقا إلى حجم التعنيف والتعذيب والاعتداء الهمجي على المتظاهرين والذي وصل حدّ قتل الشاب هيكل الراشدي في سبيطلة بتوجيه تصويبة مباشرة على الرأس أردته شهيدا”.

هل الحريات مضمونة؟

ويأتي هذا بعد يوم واحد من تأكيد الرئيس التونسي قيس سعيّد، على أن “الحريات مضمونة في البلاد، ولا وجود لعلاقة عدائية بين الأمنيين والمواطنين”.

ونقلت الرئاسة التونسية في بيان اطلعت عليه “طريق الشعب”، عن الرئيس قوله: “أن الدولة مستمرة ورئيس الدولة هو الضامن استمراريتها، ولا يقبل أن يتمّ ضرب المؤسسة الأمنية، كما لا يقبل بضرب الحريات، فلا نظام بلا حريات ولا دولة بلا أمن”، مبينا أن “الأمن في خدمة الدولة لا في خدمة أي جهة أخرى”، حسب قوله.

اضرابات وغضب واسع

من جهة أخرى، وضمن مشاهد الاحتجاجات والغضب الذي يعم قطاعات تونسية واسعة، نفذ الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة الاستشفائيون في تونس، يوم أمس، إضرابا عاما يشمل جميع المستشفيات الجامعية في كل أرجاء البلاد.

ويأتي ذلك، على خلفية عدم تطبيق الحكومة للنصوص الترتيبية المبرمة في 6 أكتوبر 2020، وتردي وضعية المنظومة الصحية العمومية، وفق ما قالت أحلام بلحاج الكاتبة العامة للنقابة.

وتتعلق تلك النصوص بـ ” مراجعة النظام الأساسي لقطاع الاستشفائيين الجامعيين وإحداث منحة التدريس والترفيع في منحة التكوين والبحث العلمي وسحب منحة العودة الجامعية على الاستشفائيين الجامعيين وتنظير الأطباء الاستشفائيين الجامعيين في الصيدلة وطب الأسنان مع نظرائهم الاستشفائيين الجامعيين”.

وقالت بلحاج في وقت سابق إن “القطاع الصحي في تونس كارثي”، داعية الحكومة إلى “التدخل لإنقاذه”.

وفي غضون ذلك، قالت إذاعة “موزاييك” التونسية إن “عددا من العاطلين عن العمل بولاية قفصة بدأوا إضرابا عن الطعام أمام مقر الولاية، للمطالبة بالتكفل بهم”.

وأوضحت أن المضربين يحتجون “تنديدا بما اعتبروه تسويفا نتيجة تأخر الإعلان عن فتح مناظرة لانتداب 500 معطل عن العمل، حيث طالبوا بالإسراع في تنفيذ السلطات التزاماتها بهذا الشأن، لاسيما أنه تم الإعلان عنها في عدة مناسبات سابقة ومنها المجلس الوزاري المنعقد”.