اخر الاخبار

في وقت تعاني فيه قوى اليسار الجذري في أوربا من مصاعب جمة، ويصعب على اكثرها الوصول إلى إجابات ناجعة على الاسئلة المطروحة، يواصل حزب العمل البلجيكي نجاحاته الجماهيرية والانتخابية. وتقف وراء هذا النجاح جهود متميزة ووضوح فكري، وعملية تجديد متواصلة في بنى الحزب وآلياته وادواته، مكنته من التحول من حزب ماركسي صغير لم تتجاوز عضويته 800 رفيقة ورفيق في عام 2003،  منخرطين في 80 منظمة فقط، وبقوة تصويتية تزيد على 56 ألف ناخب بقليل، وليس له سوى 5 مقاعد في مجالس البلديات، إلى حزب قوي ومؤثر تبلغ عضويته في عام 2021، 24 ألف رفيقة ورفيق، و400 منظمة، بقوة تصويتية تقترب من 600 ألف ناخب، ولديه 169 مقعدا في البرلمانات المحلية، و12 مقعدا في  البرلمان الوطني، و31 مقعدا في برلمانات ولايات البلاد.

وفق نظامه الداخلي يعقد الحزب مؤتمره الوطني مرة كل خمس سنوات، وفي الخامس من كانون الثاني الحالي، عقد الحزب مؤتمره الوطني الأخير، الذي أطلق عليه “مؤتمر الوحدة”، والمقصود هو وحدة البلاد، ردا على مشاريع تقسيم بلجيكا التي يتبناها القوميون. وانتخب المؤتمر رئيسا جديدا للحزب هو راؤول هديبو، الذي سيخلف بيترز ميتينز الذي قاد سلسلة نجاحات الحزب المتوالية، والذي قال انه سينتقل لمواقع عمل أخرى تتعلق باستراتيجيات الحزب المستقبلية.

حصل زعيم الحزب الجديد على 94,1 في المائة من أصوات المندوبين، في جلسة الختام التي عقدت في الفضاء الافتراضي.

الحاجة الى الحزب

وفي خطابه في المؤتمر شدد راؤول هديبو على أن “الطبقة العاملة والشباب بحاجة إلى حزب أكثر من أي وقت مضى. حزب يضع حدًا لليمين وسياسة الانقسام التي يتبناها القوميون. حزب يقدم مشروعًا اجتماعيًا وبديلاً حقيقيًا. هذا الحزب هو حزب العمل البلجيكي، الذي سنعمل على تطويره وفق التوجهات التي أقرها المؤتمر “.

وأضاف زعيم الحزب: “الانفصاليون يستعدون لتقسيم البلاد في عام 2024. هناك سيناريو لمشروع كونفدرالية يجري الاتفاق عليه بين القوميين الفلمنكيين، والديمقراطيين الاجتماعيين في المناطق الناطقة بالفرنسية. وفي الوقت نفسه، يتبنى الفاشيون في فلامس بيلانغ نهج الحرب. وان مشروع الكتل الانفصالية هو مشروع مناهض للمجتمع يهدف إلى تقسيم وتفكيك الضمان الاجتماعي. ولا يكسب العاملون بأجر منه شيئًا. ولهذا لن نسمح لهذا السيناريو بأن يصبح حقيقة.

وعلى الرغم من أكثر من 30 عامًا من الدعاية القومية، فإن غالبية المتحدثين بالهولندية والفرنسية يريدون الآن “بلجيكا أكثر” وليس مزيدا من الانقسام. وإذا كان هناك انقسام في بلجيكا اليوم، فهو بين السكان من جهة والسياسيين من جهة أخرى “. ولهذا يجعل الحزب، خلال السنوات الخمس المقبلة النضال من أجل وحدة البلاد أولوية، لا سيما من خلال حملة “نحن واحد”.

أمضت منظمات الحزب، ومندوبو المؤتمر البالغ عددهم 883 مندوبا ، عامًا في العمل على التوجهات الجديدة، وأقرت وثيقة بعنوان “حزب الطبقة العاملة. حزب الشباب. حزب الاشتراكية”. وقال راؤول هديبو: إن

مشاركة شعبية واسعة

 “مؤتمرنا هو نتيجة لعملية ديمقراطية عظيمة استمرت أكثر من عام. وقد تم عقد اجتماعات لثلاثة وثمانين لجنة في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى مئات المساهمات في أكثر من 500 صفحة من التقارير وأكثر من ألف صفحة من الاقتراحات والنقد والتعديلات شارك كل مندوب بنشاط في العملية. فأي حزب في بلجيكا يمكنه التباهي بمثل هذه المشاركة الشعبية في صياغة توجهاته الأساسية؟”.

بالإضافة إلى أهمية وحدة بلجيكا، فإن الحزب يضع الطبقة العاملة والشباب في مقدمة أولوياته. وبهذا الشأن يقول راؤول هديبو: إن “الطبقة العاملة المنظمة في المصانع هي القوة الدافعة للمقاومة الاجتماعية. إن فخر هذه الطبقة هو الذي يحدد نغمة مقاومة الرأسمالية. فخر الطبقة التي تدرك أن المجتمع بدونها لن يكون ولا يتحرك، فليس مالكو الأسهم هم من يدير المصانع أو القطارات، وينظف غرف الفنادق أو يرعى الناس. نرى ذلك كل يوم، وفي أزمة كورونا الحالية. ولهذا نريد منح العاملات والعمال مكانة مركزية في حزبنا”.

وأضاف: “في هذا المؤتمر نريد أيضًا منح الشباب مكانة مركزية. كسب الشباب من الطبقة العاملة والطلاب والشباب المدافعين عن المناخ، والذين يقفون ضد العنصرية والتمييز على أساس الجنس والتطرف اليميني. وكل من يريد بناء عالم آخر. نريد أن يكون لهم مكانهم في حزبنا وفي منظماتنا الشبابية “.

نريد مجتمعاً مختلفاً

وفي الختام افرد المؤتمر مساحة واسعة لمناقشة الأسئلة المجتمعية، مع قرار واضح لصالح الاشتراكية، وبهذا الخصوص أكد راؤول هديبو: “ نريد مجتمعا مختلفا، اشتراكية، بمنطق مختلف عن المجتمع الرأسمالي الحالي. مجتمع يمكن فيه لعلمائنا البحث من أجل إسعاد الناس وليس من أجل قرارات مجالس إدارات العديد من الشركات متعددة الجنسيات. مجتمع يمكن فيه تنفيذ تخطيط بيئي حقيقي يقوم على أساس الاحتياجات البشرية وعلى حدود الطبيعة أيضا”.

عرض مقالات: