أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أمس الأربعاء، أن 853 شاحنة مساعدات فقط دخلت القطاع خلال 10 أيام، من أصل نحو 6 آلاف شاحنة كان يجب أن تدخل لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات، في الأثناء وثقت صحيفة لوموند شهادات أطباء عادوا من غزة، وآثار الصدمة التي تعرضوا لها جراء وحشية القصف الإسرائيلي.
عجز حاد في المساعدات
وقال في منشور على تلغرام: "إجمالي عدد شاحنات المساعدات التي دخلت قطاع غزة منذ 10 أيام بلغ 853 شاحنة فقط، من أصل نحو 6 آلاف شاحنة كان ينبغي أن تدخل خلال نفس الفترة، أي بمتوسط 85 شاحنة يوميا".
وأوضح المكتب الحكومي أن الحد الأدنى المطلوب يوميا لتأمين الاحتياجات الصحية والغذائية والخدمية للفلسطينيين في غزة لا يقل عن 600 شاحنة، ما يشير إلى عجز حاد في تدفق المساعدات.
ورغم "سماح" إسرائيل بدخول تلك الشاحنات، فإنها سهلت عمليات سرقتها ووفرت الحماية لذلك، وفق بيان سابق للمكتب الإعلامي.
ومؤخرا، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن "ثلث سكان غزة لم يأكلوا منذ عدة أيام"، واصفا الوضع الإنساني في القطاع بـ "غير المسبوق في مستويات الجوع واليأس".
مجاعة "ترتكب" منذ 22 شهراً
ورغم تكدس شاحنات المساعدات على مداخل قطاع غزة، تواصل إسرائيل منع دخولها أو التحكم في توزيعها خارج إشراف الأمم المتحدة.
والثلاثاء، أكدت الأمم المتحدة أن قطاع غزة بحاجة إلى مئات شاحنات المساعدات يوميا لإنهاء المجاعة التي يعانيها جراء الحصار وحرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 22 شهرا.
لا كلمات تصف بدقة جحيم القطاع
قالت صحيفة لوموند إن 5 أطباء وممرضتين نفذوا عدة مهمات إنسانية في قطاع غزة منذ تشرين الثاني 2023، حدثوها عن استحالة تلبية احتياجات السكان هناك، وكيف أثرت هذه التجربة فيهم.
وتبدأ الصحيفة -حسب المقابلة التي أجرتها كلوتيلد مرافكو- بشهادة طبيب الطوارئ الفرنسي مهدي الملالي (33 عاما) الذي قضى 3 أسابيع في غزة أثناء مهمة نظمتها منظمتا الرحمة وبال ميد أوروبا، فهو يقول إنه لا كلمات تصف بدقة جحيم قطاع غزة، ويعتذر بعد أن غلبته العواطف قائلا "جزء مني عالق هناك. أجد صعوبة في التوقف عن التفكير".
ويقول جراح العظام فرانسوا جورديل إنه يعود وقد تغير تماما، مؤكدا أن غزة حالة فريدة، "القصف متواصل، والناس لا يستطيعون الفرار. جميع السكان متضررون".
5 إلى 6 صواريخ في الدقيقة!
وقد اتفق 5 أطباء وممرضتان، بينهم 6 فرنسيين وسويسرية، شاركوا في مقابلة مع الصحيفة، على أنهم صدموا من النسبة المرتفعة جدا للأطفال بين الضحايا والجرحى الذين عالجوهم، مستنتجين من ذلك الطبيعة العشوائية للقصف الإسرائيلي.
وأول ما رآه الأطباء عند وصولهم أنقاضا وهياكل مبان محطمة، وكان أزيز الطائرات المسيرة المزعج والانفجارات التي تمزق السماء ملء أسماعهم طوال الوقت.
وقد أحصى فرانسوا جورديل، الذي سافر مع منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية "أحيانا ما يصل إلى 5 أو 6 صواريخ في الدقيقة"، يقول "كان القصف عنيفا للغاية، كزلزال. اهتز المستشفى بأكمله بفعل موجات صدمية. المرضى على الأرض ممزقون".
30 جريحا من عائلة واحدة
وتحدثت كارين هوستر بصراحة، وهي ممرضة نفذت حوالي 20 مهمة إنسانية حول العالم منذ عام 2014، وسافرت إلى غزة 3 مرات في عام 2024 كمديرة للأنشطة الطبية في منظمة أطباء بلا حدود، وهي تقول "كان المرضى مستلقين على الأرض، منزوعي الأحشاء. عندما ماتوا، دفعناهم إلى زاوية. لم يكن لدينا وقت لنقلهم إلى المشرحة لأن جرحى آخرين كانوا يصلون".
ويتذكر مهدي الملالي أنه استقبل في المستشفى الإندونيسي حوالي 30 جريحا من عائلة واحدة كانوا نائمين وقت الانفجار، يقول "كانت الأم مضطربة بعض الشيء، لم تكن تدري ماذا تفعل. أخبروها أن أحد أبنائها قد توفي. قبلته على جبينه، ثم بدأت تعد أطفالها الآخرين وهي تبحث عن ابنها الرابع الذي لم يكن موجودا، ولم يعثر عليه قط".