اخر الاخبار

في ظل استمرار المجازر اليومية بحق الفلسطينيين، لا سيما منتظري المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، تتكثف التحركات السياسية الإقليمية والدولية سعياً لوقف الحرب المستمرة منذ تشرين الأول عام 2023، وسط وعود أمريكية بإنجاز هدنة "قريبة جداً". الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعلن أن "إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً"، مشيراً إلى أن المبادرة تتم بالتنسيق مع مصر وقطر اللتين ستقدمان المقترح النهائي لجميع الأطراف خلال الأسبوع المقبل، بحسب تعبيره. وأضاف ترامب في حديث للصحافيين قبل توجهه إلى فلوريدا: "سأكون حازماً مع نتنياهو بشأن إنهاء الحرب، ونأمل أن نتوصل إلى هدنة خلال الأيام القليلة المقبلة"، مشدداً على أنه سيضغط على حكومة الاحتلال لإنجاح المبادرة.

تعويضات سياسية

لكن صحيفة هآرتس العبرية، كشفت عن مخطط يجري التفاوض عليه خلف الكواليس، يتضمن تقديم ما وصفتها بـ"تعويضات سياسية" لإسرائيل، لتليين موقف وزراء اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو، الذين يعارضون وقف الحرب دون مكاسب سياسية واضحة. وتشمل هذه التعويضات، بحسب مصادر إسرائيلية وأمريكية وخليجية لم تُكشف هوياتها، إعادة إطلاق محادثات تطبيع مع السعودية، وصفقة مماثلة مع سلطنة عمان، وإعلاناً محتملاً من سوريا لإنهاء حالة العداء مع إسرائيل. وتهدف هذه التحركات إلى "إقناع نتنياهو بقبول اتفاق تبادل أسرى يتضمن وقفا كاملا للقتال"، وفق المصدر.

موقف عائلات الأسرى

في المقابل، تتصاعد الضغوط الشعبية والسياسية داخل إسرائيل، إذ أصدرت عائلات الأسرى المحتجزين في غزة بياناً شديد اللهجة، اعتبرت فيه أن تصريحات ترامب "تحمل رسالة واضحة لنتنياهو بأن الوقت قد حان لإنهاء الحرب"، مضيفة: "المخطوفون لا يستطيعون الانتظار، ونحن أيضاً". وأكدت العائلات أن "الجنود لا يجب أن يدفعوا حياتهم ثمناً لمصالح سياسية شخصية"، في إشارة إلى اتهام المعارضة الإسرائيلية لنتنياهو بـ"إطالة أمد الحرب لخدمة استمراره في السلطة، وإرضاء شركائه في اليمين المتطرف".

مقترح قطري جديد

في سياق متصل، كشفت وسائل إعلام عبرية أن دولة قطر قدمت مقترحاً جديداً لإسرائيل يتضمن تبادلاً للأسرى ووقف إطلاق نار مؤقت.

ووفقاً لهيئة البث العبرية، فإن المقترح يشمل إطلاق 10 أسرى إسرائيليين أحياء، وتسليم جثامين 18 آخرين، مقابل انسحاب جزئي للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية.

أما صحيفة معاريف، فنقلت أن المقترح القطري ينص على وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً، مع إطلاق سراح ثمانية رهائن أحياء في اليوم الأول، ثم رهينتين إضافيتين في اليوم الخمسين، وإعادة 18 جثة على ثلاث مراحل. كما يشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى محور موراج. ورغم التفاؤل الأمريكي، تؤكد مصادر مطلعة على المفاوضات أن خلافات جوهرية لا تزال قائمة بين إسرائيل وحركة حماس، ما يهدد فرص التوصل لاتفاق نهائي في الوقت القريب.

القتال مستمر.. ومجازر يومية

وعلى الأرض، لا تزال آلة الحرب الصهيونية مستمرة في قتل المدنيين، حيث تُسجل مجازر شبه يومية بحق الفلسطينيين، خصوصاً في المناطق التي تشهد تجمعات لمنتظري المساعدات. وتؤكد مصادر طبية أن أعداد القتلى والجرحى تتزايد بشكل يومي، في ظل غياب ممرات آمنة وانعدام المساعدات الإنسانية الكافية. ورغم الوعود الأمريكية بالهدنة، تبدو الصورة الميدانية مختلفة، حيث تواصل قوات الاحتلال عملياتها العسكرية في شمال ووسط القطاع، وسط تصعيد في القصف الجوي والمدفعي.

في ضوء التصريحات الأمريكية المتكررة، والتحركات القطرية والمصرية، تظل التساؤلات قائمة: هل نحن أمام صفقة سياسية متعددة الأطراف تنهي الحرب على حساب القضايا الجوهرية؟ أم أنها مجرد محاولة لإنقاذ نتنياهو من مأزقه الداخلي؟ وهل سيكون لهذه الهدنة المؤقتة أثر فعلي في تخفيف معاناة المدنيين، أم ستكون فصلاً جديداً من لعبة الوقت؟

القتل او الجوع!

من جانب اخر، دعت 169 منظمة حقوق إنسان ومنظمة إنسانية من إسرائيل والعالم، حكومة الاحتلال إلى الوقف الفوري لعمل "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) والسماح للأمم المتحدة باستئناف توزيع الغذاء على السكان في غزة.

وجاء في بيان مشترك نُشر أمس الاول الثلاثاء، أن نظام توزيع الغذاء الذي أنشأته إسرائيل عبر المؤسسة يضع الفلسطينيين أمام "خيار مستحيل" – إما الجوع أو المخاطرة بالتعرض لإطلاق النار.

وأشارت المنظمات إلى أن إسرائيل والمؤسسة استبدلا 400 نقطة توزيع غذاء كانت تعمل أثناء وقف إطلاق النار بأربع نقاط فقط تخضع لسيطرة جيش الاحتلال، ما اضطر مليوني شخص لدخول مناطق عسكرية والتعرض لإطلاق نار يومي أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء.  وأضاف البيان: "مدنيون جوعى وضعفاء يُجبرون على السير لساعات عبر مناطق خطرة"، مؤكدًا أن هذه المناطق تحولت إلى ساحات مجازر متكررة في تجاهل صارخ للقانون الإنساني الدولي. وأضاف البيان، أنه حتى في حال تمكن بعض العائلات من الحصول على بعض المواد الغذائية من المؤسسة، فإنها لا تستطيع طهوها بسبب نقص المياه النظيفة وغاز الطهي. ومن بين الموقعين على البيان: منظمة العفو الدولية، أطباء بلا حدود، أوكسفام، أنقذوا الأطفال، إضافة إلى معظم منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية، مثل جمعية حقوق المواطن، بتسيلم، أطباء من أجل حقوق الإنسان، و"جيشا".