اخر الاخبار

جاءت كلمة البابا المتلفزة الموجة للمشتركين في المؤتمر الرابع للحركات الشعبية في أمريكا اللاتينية، في 16 تشرين الأول الجاري، امتدادا لنقده للنظام الرأسمالي، وعواقبه الكارثية. والاجتماع العالمي للحركات الشعبية هو تجمع للمنظمات الشعبية والحركات الاجتماعية التي تناضل ضدعدم المساواة في العمل وملكية الأراضي والرعاية الصحية والقضايا الاجتماعية الأخرى.  وشارك في أعمال هذه الدورة حركات اجتماعية، أبرزها حركة المعدمين البرازيلية، واتحادات اجتماعية أخرى، والنقابات العمالية، والعمال الزراعيون، وممثلو سكان الأحياء الفقيرة، والهنود الحمر، وممثلو شبكات دولية، يمثلون خمس قارات.  وعقد المؤتمر مثل المؤتمرات التي سبقته تحت شعار “الأرض، السكن، العمل”. وتشكل قيم العدل والتنمية المستدامة والتضامن قاسما مشتركا بين البابا الأمريكي اللاتيني والحركات الشعبية التي تناضل من أجل حقوق المحرومين اجتماعيا. وعلى خلفية أزمة كورونا المستمرة، عقد المؤتمر الحالي في الفضاء الافتراضي.

عدالة في التوزيع

وخاطب البابا الحركات الشعبية: حان وقت العمل. يجب ألا نعود إلى الأنماط القديمة في الطريق، إلى مزيد من العدالة، ودعا إلى توفير دخل أساسي غير مشروط وساعات عمل أقصر. داعيًا إلى الحلم والعمل معًا للخروج من أزمة ما بعد كورونا أقوى. وشدد البابا على ضرورة مشاركة الجميع بلدانا ومنظمات وافراد، “لأننا إذا عدنا إلى الأنماط القديمة، فسيكون ذلك بمثابة انتحار”. و” ان هذا النظام، بمنطق الربح الذي لا يلين، يتحدى سيطرة الإنسان. لقد حان الوقت لكبح القاطرة التي تندفع نحو الهاوية”.  لقد خرج السعي المستمر للربح عن السيطرة. ولابد من تطوير بدائل للعولمة الرأسمالية، تتجاوز “ثقافة الإقصاء”. ويرى البابا في الحضور: “ جيش التضامن والأمل والمشاركة “ وكذلك “الشعراء الاجتماعيون الحقيقيون، الذين يستخدمون القوة الإبداعية لابتكار وتنفيذ حلول إنسانية لأكثر مشاكل المستبعدين والمجتمعات المنسية الحاحا”.

تواصل تاريخي لتحقيق العدالة

فاجأ البابا المؤتمرين بمقارنة السامري الصالح، المستوحاة من الانجيل بحركات مثل “حياة السود ضرورية” و”انا أيضا” المناضلة ضد العنصرية. وأطلق البابا تسمية “سامريون جماعيون” على الحركات التي تصدرت الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد لأسباب عنصرية.

قال البابا فرانسيس: “لقد استمرت هذه الحركات، لأنها رأت مدى انتهاك كرامة الإنسان من خلال إساءة استخدام السلطة”. وبهذا المعنى، فإن الحركات الشعبية هي أيضًا “سامريون جماعيون”.

وفي كلمته، دعا البابا شركات الأدوية العملاقة إلى إطلاق براءات اختراع اللقاحات الخاصة بالوباء وجعلها في متناول الفقراء، وخصوصا في البلدان التي لم يتم فيها تلقيح أكثر من 4 في المائة من السكان.

ودعا المجموعات المالية والمنظمات الدولية إلى منح قروض للدول الفقيرة. وقال البابا إن شركات التعدين والنفط والعقارات والزراعة يجب أن توقف عمليات تجريف الغابات وتدهور البيئة، ويتعين على مصنعي وتجار الأسلحة وقف أنشطتهم تمامًا.  ويجب على عمالقة التكنولوجيا، ومالكي وسائل التواصل الاجتماعي التوقف عن “استغلال هشاشة الإنسان من أجل الربح دون التفكير في زيادة خطاب الكراهية، واستمالة الناس، والأخبار المزيفة، ونظريات المؤامرة والتلاعب السياسي.” وسأل البابا ا المؤسسات الإعلامية “باسم الله “يوقف” منطق التضليل والافتراء.

وبلا ذكر لأسماء البلدان التي تتعرض لسياسات الحصار والعقوبات مثل كوبا وفنزويلا وغيرهما، طالب البابا   الدول المتسلطة بأنهاء العقوبات المفروضة، “ضد أي دولة ومنطقة في العالم”، و “يجب حل النزاعات في الهيئات المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة”، لأن “التضامن ليس فضيلة أخلاقية فحسب، بل مبدأ اجتماعي أيضًا، يهدف إلى معارضة الأنظمة غير العادلة”.

البابا والاتهام بالشيوعية

وعبر البابا عن دهشته من مواجهة مقاومة، حتى من كنيسته الكاثوليكية، لمجرد تناوله المشاكل الاجتماعية واقتراحه الحلول. وأطلق على البابا “عدد من الألقاب” التي لا تؤدي إلى النيل من منزلته، وفي إشارة غير مباشرة لاتهامه بالشيوعية، أوضح فرانسيس: “ ان هذا لا يغضبني، إنه يحزنني”. إن هذا كله جزء من “مؤامرة ما بعد الحقيقة” التي تنتمي إلى الثقافة المنبوذة والنموذج التكنوقراطي وتريد إيقاف أي بحث عن بدائل للعولمة الرأسمالية.

وكان الصحفي ومؤسس جريدة “الجمهورية” الايطالية بوجينا سكالفاريز، قد التقى البابا بعد أيام قلائل من اختتام اللقاء العالمي الثالث للحركات الشعبية 3 - 5 تشرين الثاني 2016:

سكالفاري: أي ان حضرتك تتمنى مجتمعاً تهمين عليه المساواة.

وكما تعلم ان هذا هو البرنامج الاشتراكي لكارل ماركس وبعده الشيوعية. هل تفكر بطراز مجتمع ماركسي؟

البابا: هكذا يقال لي في الغالب، وجوابي كان دوما، إن الشيوعيين هم من يفكر مثل المسيحيين. السيد المسيح تحدث عن مجتمع يكون فيه الفقراء والضعفاء والمهمشون اصحاب القرار. وليس الدوغمائيون، ولا البرابرة، بل الشعب.، الفقراء، سواء كانوا يؤمنون بان الله متسام ام لا، وهؤلاء هم الذين علينا مساعدتهم، للوصول إلى المساواة والحرية”.

 

عرض مقالات: