اخر الاخبار

في مساء 29 نيسان 1975، أقلعت آخر طائرة هليكوبتر من سطح السفارة الأميركية في سايغون، حاملة أكبر عدد ممكن من المتعاونين مع الجيش الأمريكي ونظام فيتنام الجنوبية التابع له. وبعد ساعات قليلة، في 30 نيسان 1975، دخل جنود جبهة التحرير الوطني إلى سايغون المحررة. لقد انتهت حرب فيتنام. وانتصرت إرادة شعب علّم البشرية أن هزيمة الإمبريالية ممكنة. وهتفت الملايين التي تضامنت مع نضال الشعب الفيتنامي، وغنوا لسايغون الحرة. في البلاد العربية يتذكر الكثيرون رائعة أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام "سايغون عادت للثوار".

محطات تاريخية

توج انتصار 30 نيسان 117 عامًا من النضال التحرري لفيتنام وشعوب الهند الصينية. في عام 1858، احتلت القوات الفرنسية الهند الصينية، المنطقة التي تضم حاليًا فيتنام ولاوس وكمبوديا. وفي عام 1930 تأسس الحزب الشيوعي في الهند الصينية في هونغ كونغ، الذي انحدر منه الحزب الشيوعي الفيتنامي لاحقًا، وكان هوشي منه الشخصية الأبرز في تاريخ الحزب وفيتنام الحديث.

في عام 1941، تأسست رابطة استقلال فيتنام لمحاربة المحتلين اليابانيين والقوة الاستعمارية الفرنسية التي تعاونت معهم. وفي الثاني من أيلول 1945، أعلن هو تشي مينه استقلال البلاد وقيام جمهورية فيتنام الديمقراطية. وفي 6 كانون الثاني 1946، جرت أول انتخابات للجمعية الوطنية، وبدأ عهد البلاد الاشتراكي.

على الرغم من ذلك، كانت باريس عازمة على الحفاظ على إمبراطوريتها الاستعمارية واستعادتها. وبدعم من بريطانيا، عادت القوة الاستعمارية الفرنسية في عام 1945، واحتلت جنوب فيتنام وحاولت إعادة الشمال تحت سيطرتها. وقاوم جيش الشعب ذلك. لقد استمرت حرب الهند الصينية حتى النصر الحاسم الذي حققه مقاتلو الحرية في معركة "ديان بيان فو" في عام 1954. لقد اضطرت فرنسا إلى الاستسلام للفيتناميين. وفي مؤتمر السلام في جنيف، حصلت لاوس وكمبوديا على استقلالهما، وتم تقسيم فيتنام بين الشمال الذي تحكمه جبهة التحرير الوطني، والجنوب الذي يسيطر عليه الإمبراطور باو داي. وكان من المقرر أن يستمر التقسيم لمدة أقصاها عامان.

في 1 تشرين الأول 1955 استولى نجو دينه ديم، بدعم أمريكي، على السلطة، وأعلن قيام "جمهورية فيتنام" في الجنوب، التي تولى رئاستها. وكان الهدف الأساسي هو منع إجراء الانتخابات الحرة المخطط لها، لأنها كانت ستؤدي على الأرجح إلى انتصار الفيت مينه والشيوعيين. وكانت واشنطن تخشى أن يتحول جنوب شرق آسيا بأكمله إلى منطقة "حمراء".

كذبة الحرب

نتيجة للرفض الواسع للنظام التابع في الجنوب، لم تجد واشنطن بديلًا من الاحتلال المباشر لجنوب فيتنام، فأشاعت كذبة قيام زوارق فيتنامية شمالية سريعة، بمهاجمة سفينتين حربيتين أميركيتين بشكل متكرر ودون سبب. وعلى إثر ذلك قصفت الطائرات الأمريكية الموانئ ومواقع الدفاع الجوي في شمال فيتنام.

لقد تم إسقاط قنابل على جمهورية فيتنام الديمقراطية أكثر من تلك التي أسقطت على أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية. وكان الهدف المعلن هو إعادة البلاد إلى العصر الحجري (كما هو الحال في العراق لاحقًا). ولكن فيتنام لم تكن وحدها. لقد تضامن الاتحاد السوفييتي وجمهورية الصين الشعبية مع الشعب الذي تعرض للهجوم وساعداه بالمال والأسلحة وأشكال الدعم الأخرى.

في عام 1973، وعلى الرغم من الهجمات المستمرة التي تشنها القوات الأميركية، زار الرئيس الكوبي فيدل كاسترو المنطقة التي تسيطر عليها جبهة التحرير في جنوب فيتنام وافتتح سفارة بلاده هناك. وخرج الملايين في جميع أنحاء العالم إلى الشوارع للاحتجاج ضد الحرب الأمريكية، وفي الولايات المتحدة تحول الاحتجاج ضد العدوان إلى حركة جماهيرية.

أيار الأحمر

في عام 1973 اضطرت واشنطن إلى توقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع فيتنام الديمقراطية وسحبت كل قواتها من الجنوب. وفي المقابل، أطلقت جمهورية فيتنام الديمقراطية سراح جميع أسرى الحرب الأميركيين. لم يكن بعدها لدى النظام في الجنوب ما يواجه به قوات جبهة التحرير، لقد تم اتخاذ القرار بتحرير العاصمة سايغون. وعشية الأول من أيار 1975، انتهت الحرب وأصبحت فيتنام حرة. وبعد مرور عام واحد، اتحد الشمال والجنوب لتشكيل جمهورية فيتنام الاشتراكية وعاصمتها هانوي؛ وسُميت سايغون مدينة هوشي منه.

كان ثمن الحرية باهظًا. دمرت البلاد، ووصل عدد الضحايا إلى 3 ملايين مواطن. وأدى الغاز السام، الذي استخدمته الولايات المتحدة، إلى مقتل أكثر من مليون فيتنامي، وبعد فترة طويلة من نهاية الحرب؛ أنجبت الأمهات أطفالًا معاقين. بالمقابل قُتل أكثر من 60 ألف جندي من المعسكر المعادي.

قال تو لام، الأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي، في اجتماع مع قدامى المحاربين في أوائل نيسان 2025: "ستتذكر أجيال الفيتناميين إلى الأبد التضحيات العظيمة لأولئك الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم من أجل بقاء الأمة وتنميتها". لم يكن النصر في ربيع عام 1975 ذا أهمية تاريخية للشعب الفيتنامي فحسب، بل شجع أيضًا حركات التحرير في جميع أنحاء العالم وعززها، وأصبح واضحًا أن هزيمة الإمبريالية ممكنة.

عرض مقالات: