دعا تقرير أصدره ويدعو تقرير معهد ستوكهولم العالمي لأبحاث السلام في 5 نيسان 2025 إلى اتباع استراتيجية أمنية تعاونية تدريجية مع كوريا الشمالية.
لقد كانت شبه الجزيرة الكورية بمثابة نقطة اشتعال جيوسياسية لعقود من الزمن. في حين تجري كوريا الجنوبية تدريبات عسكرية واسعة النطاق مع الولايات المتحدة وتتمتع بحماية المظلة النووية الأميركية، تنتهج كوريا الشمالية سياسة ردع وتجري اختبارات صاروخية بانتظام، وسط تصاعد سياسة وخطاب والتهديدات المتبادلة. ويقدم التقرير تحليلا للطريق المسدود الذي وصلت إليه محاولات نزع السلاح السابقة، ويقترح مسارا أكثر واقعية لبناء الثقة. يستكشف التقرير إمكانيات بناء الثقة في شبه الجزيرة الكورية لمعالجة ديناميكيات الصراع التي تكمن وراء العسكرة المفرطة في هذه المنطقة. وقد أصبحت هذه الديناميكيات، التي نشأت عن الحرب الكورية (1950-1953)، خطيرة بشكل متزايد بمرور الوقت مع الاعتماد الكبير على الردع من الجانبين.
لماذا فشلت الدبلوماسية السابقة
وينتقد التقرير بشكل رئيسي التعامل الدولي مع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، الذي بسياسة الإملاء والاكراه لغرض تحقيق هدف نزع السلاح الفوري لكوريا الشمالية، معتمدا العقوبات والعزلة السياسية لإقناع النظام الحاكم بالتخلي عن برنامجه النووي، ولكن دون نجاح يُذكر. وبدلاً من ذلك، يؤكد التقرير أن نزع السلاح المستدام لا يمكن أن يتحقق إلا في إطار التنازلات المتبادلة والتقارب التدريجي وبناء الثقة على المدى الطويل للنهج التدريجي بدلاً من الحد الأقصى من المطالب.
وبدلاً من نزع السلاح النووي الكامل والفوري، يدعو معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى التركيز على ضبط الأسلحة: فتجميد البرنامج النووي لكوريا الشمالية، على سبيل المثال من خلال وقف التجارب النووية والصاروخية والتحقق من إغلاق المنشآت في البلاد، يمكن أن يكون بمثابة خطوة أولى. وفي المقابل، يتعين تخفيف العقوبات، وخاصة تلك التي تؤدي إلى تفاقم حالات الطوارئ الإنسانية دون أن تكون ذات صلة بالأمن.
وتضم ترسانة كوريا الشمالية 50 رأسا نووياً، وتستعرض في كثير من الأحيان قدراتها من خلال تجارب صاروخية استفزازية. وفي حين لم يحدث صراع كبير في شبه الجزيرة منذ أكثر من سبعة عقود، فإن الحوادث العسكرية بين الكوريتين تشكل حدثاً متكرراً نسبياً. وتتضاعف المخاطر المرتبطة بهذا الأمر حالياً بسبب المبادئ العسكرية الاستباقية التي يتبناها كلا الجانبين والتي تعمل على تحريك ديناميكيات سباق التسلح وتخفض عتبة استخدام الأسلحة النووية.
بناء الثقة على عدة مستويات
وشدد التقرير على أن المخاوف الأمنية لكوريا الشمالية يجب أن تؤخذ على محمل الجد. إن التدابير الاستراتيجية لبناء الثقة ــ مثل الامتناع عن توجيه ضربات استباقية من جانب كوريا الجنوبية والولايات المتحدة أو استعادة قنوات الاتصال العسكرية ــ من شأنها أن تمنع التصعيد. ومن الضروري أيضًا العودة إلى التعاون الاقتصادي والثقافي بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية لتخفيف التوترات.
منذ عام 2020، اعتمد التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بشكل حصري تقريبًا على الضغط العسكري والاقتصادي كوسيلة لمواجهة التحدي النووي من كوريا الشمالية. إن هذا النهج يتقاسمه جزئيا بقية المجتمع الدولي، مع صدور العديد من قرارات العقوبات عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والتي تطالب كوريا الشمالية بالانضمام مجددا إلى معاهدة حظر الانتشار النووي لعام 1968 و"التخلي عن جميع الأسلحة النووية والبرامج النووية القائمة بطريقة كاملة وقابلة للتحقق ولا رجعة فيها". وتماشيا مع هذه المطالب، كانت الجهود الأميركية السابقة للتعامل مع كوريا الشمالية ــ مع احتوائها أيضا على عناصر بناء الثقة ــ تستند إلى حد كبير على الدبلوماسية القسرية. وقد عكس هذا المنطق القائل بأن الجمع بين العقوبة التي تخلقها العقوبات والمكافآت في شكل تخفيف العقوبات يمكن أن يقنع كوريا الشمالية بالتحرك نحو نزع السلاح، وهو الهدف الذي يميل إلى أن يتم تأطيره على نطاق أوسع باعتباره "نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.
مشاركة الجهات الفاعلة الإقليمية
ويقترح معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إشراك بلدان أخرى في الحوار، مثل الصين وروسيا واليابان. ومن الممكن أن يساعد هذا في جعل الضمانات الأمنية المقدمة لكوريا الشمالية أكثر مصداقية ــ على غرار الاعتبارات السابقة بشأن الضمانات الأمنية المتعددة الأطراف المقدمة لأوكرانيا.
الخلاصة: نزع السلاح يتطلب الوقت والصبر والثقة المتبادلة
ويذكرنا التقرير بأن إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية لا يمكن أن يكون هدفا قصير الأمد. وهذا يتطلب الصبر والتوقعات الواقعية وتحولاً نموذجياً في الدبلوماسية: بعيداً عن المواجهة والإنذارات النهائية، نحو نهج تعاوني موجه نحو الأمن حيث تكون الثقة بنفس أهمية السيطرة.