اخر الاخبار

في اعقاب الاشتباكات المسلحة التي حدثت في بيروت نهاية الاسبوع الماضي، والتي راح ضحيتها ستة أشخاص على الأقل وجرح العشرات، رفض الحزب الشيوعي اللبناني إعادة البلاد إلى ‏مرحلة الصدام والاقتتال الأهلي بطابعه ‏المذهبي والطائفي.

وتتوجه اصابع الاتهام الى مسؤولين واحزاب سياسية في الانفجار الذي حدث في مرفأ بيروت قب اكثر من عام، وحدث الانفجار بعدما أدى حريق إلى تفجير 2750 طنا من نيترات الأمونيوم كانت مخزنة في الميناء لمدة ستة أعوام تقريبا، دون مراعاة شروط السلامة.

وطلب القاضي المكلف بالتحقيق في القضية التي تقع تحت وطأة الصراعات السياسية في لبنان، استجواب نائبين عن حركة أمل بشبهة الإهمال في قضية الانفجار.

رفض وإدانة

وأعلن الحزب الشيوعي اللبناني، رفضه وإدانته الصريحة لإعادة البلاد إلى ‏مرحلة الصدام والاقتتال الأهلي بطابعه ‏المذهبي والطائفي، معتبراً أن ذلك الهدف منه “‏الانتقال بالبلد المنهار إلى أجواء الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي وفدرالية ‏الأمر ‏الواقع في زمن البؤس والخراب”.

وحمّل الشيوعي اللبناني مسؤولية ما حصل لـ”أسلوب التجييش الطائفي وزجّ ‏الشارع بمواجهة الشارع والتهديدات ‏والاتهامات بتسييس التحقيق بجريمة ‏انفجار المرفأ من قبل حزب الله وحركة امل، والتي كان بالامكان عبر ‏رفع ‏الحصانات دحض الادعاءات قضائياً بالأدلة الدامغة، اظهاراً للحقيقة ‏وتحقيقا للعدالة”.

ودان الحزب استعمال القوات اللبنانية “السلاح واعمال القنص وكذلك ادانته لكلّ الذين شاركوا في استعمال السلاح والعنف ‏وترويع الأهالي والمدنيين”، داعياً إلى “المحاسبة ‏الشديدة”، ومحذراً من “الاتجاه الصريح نحو إعادة احياء خطوط التماس”.

وأكد الحزب أن ما حصل من “اشتباك عنفي في بيروت وضواحيها راهناً يصبّ في ‏مصلحة المشاريع الأميركيّة والصهيونيّة في ‏المنطقة، ويدفع لبنان دفعا نحو ‏الفدرالية الطوائفية”.

ودعا إلى أن “القوى الأمنية إلى وقف هذا الاقتتال ‏فوراً، وإلى استكمال التحقيق ليأخذ مجراه ‏القانوني بشفافية مطلقة من ‏أجل كشف الحقيقة وضمان حقوق أهالي الضحايا، ومحاسبة كل المرتكبين ‏مهما علا شأنهم ‏وإلى أية جهة انتموا، سواء في الداخل أو الخارج”.‏

قصة الاشتباك

واندلع إطلاق النار الخميس أثناء تظاهرات، نظمتها حركة أمل وحزب الله احتجاجا على القاضي المكلف بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت العام الماضي.

وقالت مصادر وتقارير اعلامية، إن “الاشتباكات بدأت بعدما أطلق قناصة من على أسطح البنايات النار على المتظاهرين”.

واتهمت حركة أمل وحزب الله “حزب القوات اللبنانية” بإطلاق النار. لكن الحزب، ذا الجذور المسيحية، نفى ضلوعه بذلك.

وبدأت الأحداث أمام قصر العدل بتجمع مئات الأشخاص ممن يقولون إن التحقيق أخذ “طابعا سياسيا”. وطالب المتظاهرون بتنحية القاضي طارق بيطار. ولكن الوضع ما لبث أن تصاعد.

واندلع إطلاق نار كثيف بمجرد مرور المتظاهرين بميدان في منطقة الطيونة.

واضطر سكان المنطقة، إلى الهروب من منازلهم، واختبأ أطفال المدارس تحت طاولاتهم بعد تبادل رجال، يعتقد أنهم من فصائل شيعية ومسيحية مسلحة، إطلاق النار باستخدام أسلحة آلية وقاذفات هاون في الشوارع.

وتواصل الاشتباك لساعات قبل أن يعود الهدوء إلى المنطقة.

ونقلت “رويترز”، عن شاهد قوله، إن المعلمين في إحدى المدارس أمروا التلاميذ بالاستلقاء أرضا على بطونهم ووضع الأيدي فوق الرؤوس.

وأفادت مصادر طبية وعسكرية بأن بعض الضحايا أصيبوا برصاصات في رؤوسهم. ومن الضحايا امرأة أصيبت برصاصة وهي في بيتها.

ودعا رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي “الجميع إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة لأي سبب من الأسباب”.

وقال الجيش إنه نشر قواته للبحث عن المهاجمين، محذرا من أنهم “سيطلقون النار على أي مسلح في الشارع”. وفي وقت لاحق، أعلن الجيش اعتقال تسعة أشخاص “من الجانبين، بينهم سوري”.

استجواب نائبين

وفي وقت سابق، رفضت محكمة شكوى تقدم بها وزيران سابقان ونائبان عن حركة أمل، كان القاضي بيطار طلب استجوابهما بشبهة الإهمال في قضية انفجار الميناء.

وينفي الرجلان، وهما علي حسن خليل وغازي زعيتر، مخالفة القانون، ويتهمان القاضي بالانحياز.

ونددت عائلات الضحايا بالشكوى، التي تسببت في تعليق التحقيق للمرة الثانية في غضون ثلاثة أسابيع.

واتهمت العائلات القيادات السياسية في البلاد بمحاولة حماية نفسها من المحاسبة.

وتوجه أقارب الضحايا برسالة إلى أعضاء الحكومة في الاسبوع الماضي، قالوا فيها: “ارفعوا أيديكم عن القضاء”. وجاء هذا بعدما طالب وزراء متحالفون مع حزب الله بتنحية القاضي بيطار.

وحدث الانفجار بعدما أدى حريق إلى تفجير 2750 طنا من نيترات الأمونيوم كانت مخزنة في الميناء لمدة ستة أعوام تقريبا دون مراعاة شروط السلامة.

وكان كبار المسؤولين على دراية بوجود هذه المادة وبخطورتها، ولكنهم لم يفعلوا شيئا لتأمين تخزينها، أو نقلها إلى مكان آخر أو التخلص منها.

قاضي ذو شخصية غامضة

بعد شهور من توليه التحقيق في حادث انفجار مرفأ بيروت عام 2020، الذي أسفر عن مصرع أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من ستة آلاف، وجد بيطار نفسه في قلب معركة محتدمة بين القوى السياسية المختلفة في لبنان.

وجاء تعيين بيطار قاضياً للتحقيق في الانفجار في شباط 2021 خلفاً لفادي صوان، الذي أمرت محكمة التمييز الجزائية بتنحيته، بعد قبول دعوى تطالب بذلك عقب طلبه استجواب رئيس الوزراء اللبناني السابق حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين.

ويعتبر بيطار، الذي يحقق في أكبر قضية تشهدها البلاد منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005، شخصية غامضة إلى حد ما بالنسبة للبنانيين، فهو لا يتحدث كثيرا للصحافة، ولا يظهر في مناسبات عامة.

وشغل بيطار منصب قاض منفرد جزائي في طرابلس بين عامي 2004 و2010، حيث تولى النظر في قضايا جرائم مالية. ثم عين مدعياً عاماً استئنافياً في شمال لبنان حتى عام 2017، وتولى التحقيق في جرائم طالت بعض الشخصيات السياسية والإعلامية.

وإضافة إلى مهمته كمحقق عدلي في انفجار مرفأ بيروت، يشغل بيطار منصب رئيس محكمة جنايات بيروت منذ عام 2017.

وخلال توليه رئاسة المحكمة، نظر في عدد من القضايا الجنائية الكبيرة التي شغلت الرأي العام، من بينها جرائم قتل وإتجار بالمخدرات وإتجار بالبشر، ووصفت بعض القرارات التي صدرت عن محكمته بالمتشددة.

ففي أيار من العام الجاري، تم تداول اسم بيطار بشكل واسع في لبنان بعد إصداره حكما في قضية طفلة لبنانية بترت أصابعها نتيجة خطأ طبي. إذ أصدر حكماً بدفع الجهات المتسببة بالضرر مبلغ مليار ليرة (حوالي 650 ألف دولار) لعائلة الطفلة، إضافة إلى راتب شهري مدى الحياة لها، ما أثار غضبا داخل القطاع الطبي.