اخر الاخبار

  التمرد الذي مارسه عدة آلاف من أنصار ترامب في 6 كانون الثاني، وبلغ ذروته باقتحام مبنى الكابيتول، مقر البرلمان الأمريكي، أثار موجة غضب ومعارضة في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن الحدث لم يؤخر انتخاب جو بايدن رئيسا جديدا للولايات المتحدة، إلا لفترة قصيرة، ورغم أن ترامب صرح في نهاية محاولته الفاشلة بضرورة انتقال السلطة السلمي، لا ينبغي أن تتاح لترامب وجمهرة الفاشيين واليمينيين المتطرفين الذين يدعمونه، فرصة جديدة لعرقلة الانتقال السلمي للرئاسة في 20 كانون الثاني. وتبقى الفرصة الوحيدة صعبة التحقق، افتعال تمرد جديد، وإعلان حالة الطوارئ، وهو أمر استبعده أغلب المتابعين.

وكان عشرة من وزراء الدفاع السابقين، قد حذروا ترامب، في مقالة مشتركة نشرت في الواشنطن بوست في 4 كانون الثاني، من مغبة زج الجيش في الصراع بشأن نتائج الانتخابات الذي يصر على افتعاله. وأن المسؤولين الداعمين لترامب، سيتعرضون لمحاسبة قانونية في حال تورطهم في محاولة انقلابية.

ويؤشر محللون يساريون في أوربا، خطرا كبيرا، في حال استخدم ترامب الأيام المتبقية له في السلطة، للقيام بالمزيد من الممارسات الاستفزازية، وقد تحاول الطغمة المحيطة به، ترك إرث صعب في السياسة الداخلية والخارجية، لا يمكن التراجع عنه بسهولة. بالإضافة إلى محاولة تشكيل كتلة يمينية متطرفة وعنصرية قوية من أنصار ترامب، للضغط خلال دورة الديمقراطيين الرئاسية، لمنع تنفيذ سياسات إصلاحية، وخلق تراكم يمهد الطريق امام عودته الى البيت البيض بعد انتخابات تشرين الثاني 2024.

بالإضافة الى ذلك شددت وسائل إعلام يسارية في الولايات المتحدة وخارجها على تواطئ الشرطة الاتحادية في تمكين دخول فاشي ترامب مقر السلطة التشريعية. وركزت مساهمات عديدة على الطبيعة الطبقية والعنصرية لمعسكر أنصار ترامب واعتماده على مليشيات وتشكيلات شبه عسكرية، مما يجعل اللحظة الفاشية حاضرة، وتؤسس لخطر داهم في المستقبل، ناهيك عن تبني مراكز داخل الحزب الجمهوري لسياسة ترامب الاقتصادية، والعودة لأشد الأشكال رجعية في سياسات المحافظين الجدد في عهد بوش الإبن.

لقد كشفت أعمال الشغب عن الوجه غير الديمقراطي لدولة تتزعم العالم الرأسمالي. وأثبتت الأحداث مرة أخرى، صحة المقولة التي مفادها إن جهاز القمع في جميع الديمقراطيات الغربية، لا يرى في العين اليمنى، ويمارس سياسة منافقة مكشوفة، فهو يضيق الخناق على الحركات الاجتماعية والسياسية التي تتحدى سلطة هيمنة رأس المال، ويغض النظر، عن بشاعات اليمين المتطرف والفاشيين الجدد، باستثناء عمليات القتل الصارخة التي لا يستطيع تجاوزها، ويبحث أحيانا عن تبريرات لبعضها.

والحدث يمثل امتحانا مباشرا للرئيس المنتخب بايدن وحكومته المرتقبة، في مدى جديتها، في توظيف أغلبيتها المضمونة في مجلسي الشيوخ والنواب، لإحداث، تغيير في سياسة الولايات المتحدة، وربما تكون هذه هي اللحظة التي يدرك فيها الديمقراطيون أن ترددهم لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، وأن الوقت قد حان لمحاربة عنف اليمين المتطرف والفاشيين الجدد بجدية. واعتماد توجه ملموس لتنظيف الأجهزة الأمنية من شبكات العنف والعنصرية، ومحاسبة النواب الجمهوريين الذين حرضوا على أعمال الشغب. أي أن عليهم اتخاذ خطوات لإضفاء الطابع الديمقراطي على سياسة واقتصاد الولايات المتحدة.

 في جورجيا انتصرت الحركات الاجتماعية

جاء انتصار الديمقراطيين في انتخابات الجولة الثانية في جورجيا، ليطوق التحرك الفاشي لترامب وانصاره. لقد حصل المرشحان الديمقراطيان على أصوات أكثر من الأصوات التي حصل عليها جو بايدن في انتخابات الرئاسة في الولاية. ويعود ذلك إلى انفتاح المرشحين على الناخبين السود واللاتينيين.

والنتيجة تؤشر إمكانية فوز الديمقراطيين، بأصوات أكثر في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 3 من تشرين الثاني، لو كان مرشحهم شخصية غير تقليدية مثل بايدن، وقادر على محاكاة ضحايا العنصرية، وعلى تقديم وعود اجتماعية وسياسية أعمق. لقد تعرض رجل الدين الأسود، وراعي الكنيسة التي بشر منها مارتن لوثر، ومرشح الديمقراطيين وارنوك، إلى هجمات قاسية من الجمهوريين، ونعت بالاشتراكي والمتطرف، بعد اقتطاع نصوص خطبه الدينية وإخراجها عن عمد من سياقها العام. لقد اعتمد المرشحان الديمقراطيان ما تطالب به الحركات الاجتماعية في تقديم مساعدة طارئة للمتضررين من الوباء قدرها ألفا دولار، وقد أثر هذا الدعم الملموس إيجابيا على التصويت لصالح الديمقراطيين.

ويعود هذا التحول إلى الانفتاح على أوساط الناخبين المترددين، وخصوصا في أوساط السود واللاتينيين، والخطة العشرية التي تبنتها ستاكي برامس رئيسة كتلة الديمقراطيين السابقة في برلمان الولاية، وعلى الضد من سياسات المركز القيادي للحزب الديمقراطي في واشنطن، وعلى الرغم من أنها فشلت في الحصول على منصب حاكم الولاية في انتخابات 2018، إلا أن التراكم الذي انتجته سياساتها أعطى ثماره هذه المرة.

لقد كانت النسوة السود التي تنتمي برامس اليهن مكانة طاقة انتخابية لدفع الأبناء الكسالى والمترددين للمشاركة في التصويت.

 

عرض مقالات: