أدى سقوط نظام الأسد، ووصول جماعات إسلامية متطرفة إلى السلطة ولو مؤقتا، إلى تصاعد التوتر على الحدود السورية التركية واندلعت معارك بين المجموعات الإرهابية المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية. وأعلن مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان من سجنه في تركيا، عن استعداده لإطلاق دعوة تاريخية، وفق مفهومه "الأمة الديمقراطية"، الذي يعني قيام دولة ديمقراطية في تركيا تعترف بحقوق القوميات والمجموعات الثقافية، وتلبي حاجات الأكثرية. وفي رسالة أصدرها أوجلان من عقب لقاء بنواب وقيادات بارزة من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد، شدد أ على أن المرحلة تستوجب الجنوح إلى السلام وتفرض استعجال الحل.
في المقابل وفي وقت سابق دعا الرئيس التركي أردوغان مسلحي القوات الكردية في سوريا إلى إلقاء أسلحتهم وإلا سيُدفنون معها..
فهل ستنجح دعوة أوجلان في الوصول إلى حل سلمي للقضية الكردية في تركيا، مستفيدا من ضغط حلفاء ومنافسي تركيا في الهيمنة على سوريا؟ وهل سيصب ذلك في مصلحة الإدارة الذاتية التي يقودها الكرد شرقي الفرات في سوريا؟
حبس انفرادي
منذ اختطافه عام 1999، ظل عبد الله أوجلان محتجزاً في الحبس الانفرادي في سجن جزيرة إمرالي في بحر مرمرة. لكن ذلك لم يضعف تأثيره السياسي، داخل حزب العمال الكردستاني، في مجريات صراع الكرد مع حكومة اردوغان لنيل حقوقهم المشروعة. وجذبت زيارة أعضاء البرلمان لأوجلان يوم السبت، والتي وافقت عليها وزارة العدل لأول مرة منذ قرابة عشر سنوات، الكثير من الاهتمام. لقد وصفت النائبتان سيري ثرية أوندر وبرفين بولدان الحوار مع اوجلان بـ "المحادثات الشاملة حول حل دائم للمسألة الكردية والتطورات الحالية في الشرق الأوسط". لقد " تحدث أوجلان لصالح تعزيز الأخوة التركية الكردية مرة أخرى. وان الأحداث في غزة وسوريا أظهرت أن حل المشكلة التي تتفاقم بسبب التدخلات الخارجية لم يعد من الممكن تأجيله. وأحد أهم الأماكن لعملية الحل هو البرلمان.
تأثير المتغيرات في المنطقة
وكان بولدان وأوندير قد شاركتا بالفعل في المحادثات بين أوجلان وممثلي الدولة بين عامي 2013 و2015. وقد تم إلغاء عملية الحوار، التي كانت جارية، في ذلك الوقت من قبل رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، الذي فضل الاعتماد على التحالف مع حزب الحركة القومي التركي الفاشي باعتباره مؤيد الأغلبية. والغريب ان زعيم الحزب المذكور دولت بهجلي، هو الذي كسرفي تشرين الأول 2024 المحظور، عندما اقترح، بدعم من أردوغان، دعوة أوجلان إلى البرلمان ليعلن انهاء الكفاح المسلح، ارتباطا بما يشهده الشرق الأوسط من متغيرات على خلفية حرب الإبادة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني وسقوط حكومة الأسد في سوريا، والضغط الأمريكي الاسرائيلي لفرض ما يسمى "بالشرق الأوسط الجديد"، يبدو أن الحكومة التركية تأمل في توظيف تأثير وجلان لاستعادة الهدوء على جبهة حربها ضد الشعب الكردي. وقد أوضح أوجلان الآن استعداده من حيث المبدأ العمل على "نموذج جديد" للسلام والديمقراطية لأنه يتمتع بالكفاءة والتصميم على تقديم مساهمة إيجابية تجاه مبادرة بهجلي وأردوغان.
من جانبهما اكدت النائبتان من حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب"، سيري ثرية أوندر وبرفين بولدان ان "أوجلان كلفنا بمهمة لالتقاء مع المعارضة ونحن سنؤدي هذه المهمة" وأضافت بولدان أنها ستعاود زيارة أوجلان رفقة أوندر عقب الانتهاء من اللقاءات والاتصالات التي سيجرونها".