اخر الاخبار

على اثر تداعيات سقوط العاصمة الافغانية كابول بيد حركة طالبان، وفرض السيطرة عليها، إثر انسحاب الجيش الامريكي من البلاد، الذي اكد أن القوات الافغانية اصبحت قادرة على حماية البلاد، دان الحزب الشيوعي الامريكي، العقلية الرأسمالية التي تحدثت عن خسارة أفغانستان، في سقوطها الاخير.

انسحاب مأساوي

ويقول الحزب الشيوعي الامريكي في بيان نشر على صفحته في فيسبوك، إن “قرار سحب القوات الأمريكية من أفغانستان كان قرارا صحيحا، اذ لم يكن لدى هذه القوات ‏عمل هناك في المقام الأول”، مؤكداً أن “طريقة المغادرة كانت مأساة”. ‏

ويضيف الحزب في بيانه، ان “السياسة  الخارجية والعسكرية للإمبريالية الأمريكية تمر بأزمة عميقة، ويجب استخلاص ‏الدروس وأهمها أن الحرب لم تكن أبدا خيارا أو حلا قابلا للتطبيق”.‏

وفي سياق المقارنات بين ما حدث في افغانستان وفيتنام، يرى الحزب أن “هذا أسوأ بكثير، سواء من حيث الخسائر ‏البشرية والعواقب السياسية، وكذلك أن “طالبان” ليست جبهة التحرير الوطني”، محذرا من أن “ما سيحدث في الأيام والأسابيع والأشهر القادمة من المرجح ‏أن يكون له تأثير أكثر تدميراً بكل الاشكال الممكنة تقريبا”.‏

ويشير بيان الحزب الى أن سقوط كابول رافقته “مشاهد للناس وهم يحاولون يائسين مغادرة البلاد. هناك الكثير من ‏الانتقادات والاتهامات المتبادلة في الصحافة الرأسمالية حول كيفية خسارة أفغانستان.. ‏خسارة الحرب تعادل خسارة دولة!.. هذه العقلية هي المشكلة. فأفغانستان ليست لنا ‏لنخسرها”.  ‏

‏ويذكر أن “أحد الإجابات على السؤال عن سبب سقوط كابول بهذه السرعة، هو أن الجنود والشرطة، ‏الذين تم تمويلهم وتدريبهم من قبل الولايات المتحدة، بتكلفة تقدر بنحو 2 تريليون دولار، لم ‏يدعموا الحكومة”.

ويتابع انن “نمط الحكومة التي فرضتها الولايات المتحدة على الشعب ‏الافغاني، كان على النقيض من مراكز السلطة التقليدية.  بل إن مطالبة الولايات المتحدة بأن يدافع ‏الأفغان عن حكومة فاسدة فرضها جيش الاحتلال الأمريكي هو أمر يكشف الغطرسة”.‏

فوضى صنعتها امريكا  ‏

ويشير الحزب الى أن “الإمبريالية الأمريكية مسؤولة عن الفوضى التي يسميها النقاد أفغانستان، فقد بدأت حكومة ‏‏بوش الحرب في السابع من تشرين الأول عام 2001 بدعوى إنهاء الإرهاب في ‏ذلك البلد وهزيمة القاعدة والتخلص من أسامة بن لادن”، لافتاً الى أن “بن لادن غادر أفغانستان إلى ‏باكستان في كانون الأول 2001 ، وبدلاً من ملاحقته هناك، قام “بوش وشركاؤه” بتوسيع الحرب ‏لفرض إرادتهم على شعب بأكمله”.

ويلفت الشيوعي الامريكي إلى أن “الفوضى تعود الى اعوام  1979 - 1989، عندما مولت الولايات المتحدة “المجاهدين”، فقد ‏كانت القوات المتطرفة تقاتل الحكومة المدعومة من السوفييت. وعندها بدأ البرنامج الذي صممته ‏وكالة المخابرات المركزية، “عملية الإعصار”، تحت إدارة كارتر وتم تكثيفه في عهد ريغان‏، مما كلف دافعي الضرائب الامريكان في النهاية حوالي 3 مليارات دولار”.

ويبيّن أن “الرؤيا السياسية “للمجاهدين” كل ما كانت تريده هو الإطاحة بالسوفييت خلال الحرب الباردة. ‏وخلال الحرب الأهلية شكلت العديد من قوات حركة طالبان، التي أصبحت القوة المهيمنة ‏في عام 1996”، مشيراً الى أن “الولايات المتحدة قامت بتدريب وتسليح وتمويل القوات نفسها التي حاربت ‏في ذلك الوقت لمدة 20 عاما”.‏

حرب مكلفة

ويذكر الحزب في بيانه أنه “بعد عشرين عاما من حرب غير شرعية وغير قانونية وغير أخلاقية، وغير ‏إنسانية، تمكنت الحرب من إسقاط أكثر من 38000 مدني أفغاني قتيلاً، ومن المرجح أن يكون هناك 100000 شخص فقدوا أرواحهم.. قُتل أكثر ‏من 2400 جندي أمريكي، وانتحر أربعة أضعاف عدد القتلى في الحروب منذ 11 سبتمبر”.‏

وينوه البيان الى أن “الولايات المتحدة أنفقت على أفغانستان أموالا ‏أكثر مما أنفقته على “خطة مارشال”، وهي ذات المجهود الهائل لإعادة بناء أوروبا الغربية بعد ‏الحرب العالمية الثانية”، مؤكداً أن “انفاق الحكومة الامريكية وصل الى 90 مليار دولار لتدريب الجنود والشرطة الأفغان، و10 مليارات ‏دولار لمحاربة تجارة المخدرات مع زيادة إنتاج الأفيون، و24 مليار دولار على التنمية ‏الاقتصادية، وأن كل ذلك دون جدوى”.‏

ويتابع أن “الشركات الخاصة هي من استفادت‏ من هذا التدفق الهائل لأموال دافعي الضرائب، فقد ‏تولى مقاولو الخدمات ـ التي قدمها الجيش في السابق ـ إعداد الطعام، والغسيل، والنقل، ‏ومراقبة الحركة الجوية، وحتى الأمن”، مؤكداً أن “المقاولين ينتمون الى شركات معروفة مثل فدأكس و ‏بوينغ و ريثيون، فضلاً عن شركات غير معروفة حققت ارباحاً هائلة: شركة فلور، التي تلقت 3.1 مليار دولار‏ خلال سنوات 2016-2021، وشركة كولومبيا هليكوبترز، وشركة‎ ‎أمنتم المتخصصة في مراقبة الحركة ‏الجوية”.

ويشير الشيوعي الامريكي الى أن “المقاولين حصدوا منذ العام 2002 حتى الآن 104 مليارات دولار، ومع هذا الكم ‏الهائل من الأموال، لا بد أن يكون هناك فساد وتكاليف زائدة، كما في حالة فلور”.‏

‏وعلّق الجنرال سميدلي بتلر، الذي ساعد في أوائل القرن العشرين على جعل أمريكا ‏الوسطى منطقة آمنة لشركة يونايتد فروت كومباني ثم ندم عليها لاحقا، قائلاً: “الحرب ابتزاز ‏واحتيال”، “تُحسب فيها الأرباح بالدولار والخسائر بالأرواح”.

ما موقف النساء؟ ‏

‏وقالت خبيرة الشرق الأوسط وزميلة معهد الدراسات السياسية، فيليس بنيس، في ندوة عبر ‏الإنترنت من كودبنك، إنّ المرأة في افغانستان ليست أفضل حالا بسبب احتلال الولايات المتحدة ‏لأراضيها، وسوف تعاني النساء بلا شك في ظل حكم طالبان.

وتضيف بنيس أن الحركة تقوم “بإبعاد ‏النساء عن مناصب في القطاع العام”.

وأشارت بنيس إلى أنه عندما حكمت ‏طالبان أفغانستان قبل عام 2001 ، كانت وفيات الأطفال هي الأعلى مقارنة بأي دولة أخرى ‏وبعد 20 عامًا من التدخل الأمريكي ، لا تزال أفغانستان على رأس القائمة.‏

وتلاحظ بينيس في مقال نشرته صحيفة “نيشن” أن أول امرأة عضو في البرلمان الأفغاني، ‏‏”مالالاي جويا” ، ذكّرتنا قبل الانسحاب بأن “للنساء والمجتمع المدني في أفغانستان ثلاثة أعداء: طالبان، وأمراء الحرب المتنكرون في زي الحكومة، والاحتلال العسكري الأمريكي.

 وأضافت ‏انه إذا كان بإمكانك التخلص من أحدهما، سيبقى لدينا عدوان”.‏

مطالب عاجلة

ووجّه الشيوعي الامريكي مجموعة مطالب الى إدارة بايدن تمثلت بإنهاء غارات ‏القصف وهجمات الطائرات بدون طيار التي تم تكثيفها قبل بضعة أسابيع، وإنهاء جميع أنشطة المرتزقة والمقاولين العسكريين، والعمل العمل مع القوى الإقليمية والأمم المتحدة لحل الأزمة.‏

وضمن مطالب الحزب كان ايضاً، “دعم إنشاء ممر إنساني لضمان مغادرة العاملين في المجال الإنساني الأفغان والأجانب بأمان، والسماح للاجئين وطالبي اللجوء بإعادة التوطين في الولايات المتحدة، و‏الاعتراف رسمياً بمسؤولية الولايات المتحدة عن الضرر الذي ألحقته الحرب بالشعب ‏الأفغاني ودفع تعويضات تخدم الشعب الأفغاني بدلاً من طالبان.‏

إعادة ترتيب الداخل الامريكي

‏علاوة على ذلك، يؤكد الحزب ضرورة أن يصر على أن يحتفظ الكونغرس بمسؤوليته الدستورية لشن ‏الحرب، وأن لا نترك الأمر للرئيس لاتخاذ هذا القرار الدائم، وعلينا المطالبة بتخفيضات كبيرة ‏في الميزانية العسكرية، وإغلاق القواعد العسكرية الموجودة في أكثر من 135 دولة، وإنهاء ‏البرنامج النووي، واستخدام تلك الأموال لتلبية الاحتياجات الإنسانية في الداخل والقضايا ‏الإنسانية في الخارج، فضلاً عن إنشاء إدارة سلام على مستوى مجلس الوزراء تتمتع بوضع ‏مساوٍ لوزارة الدفاع.‏

‏وشخّص الحزب أنه “نادراً ما تدور الحرب حول “الصواب مقابل الخطأ”؛ يتعلق الأمر حقيقة بالقوة الإمبريالية ‏والمال. نحن بالفعل ضد الحرب القادمة، ونرى أنه من خلال العمل من أجل مجتمع عادل ‏ومتساوٍ في المواطنة، يمكننا منع الحرب القادمة”.‏

‏وعاد في ختام بيانه ليقول: “لقد حان الوقت لأن نفهم الطبيعة العسكرية لسياسة الولايات المتحدة والرأسمالية. دعونا ننهي ‏العقلية القائلة بأن أفغانستان، أو أي دولة أخرى، هي بلدنا حتى نفوز بها أو نخسرها”.