اخر الاخبار

تطورت الاحداث الأمنية سريعاً في أفغانستان بعد اعلان الولايات المتحدة عزمها على ترك قواعدها العسكرية هناك، بحسب مراقبين.

وقال المراقبون انه بعد 20 عاماً من التواجد الأمريكي ظهر انها لم تقم بأي جهد لتسليم السلطة الى حكومة ديمقراطية، ما يعني انها فشلت فشلاً ذريعاً في تدخلها العسكري، إضافة الى عدم اجادتها للتفاهم مع القوى السياسية من اجل تداول السلطة سلمياً، بل تركت سلاحها سائباً لتسيطر عليه طالبان، ما يعني فشلاً سياسياً وعسكرياً آخر.

وفي التطورات السريعة التي حاولت “طريق الشعب” ملاحقتها،  اقتحمت قوات حركة طالبان، مساء امس ، العاصمة الافغانية كابول، بعد أن توقفت على مشارفها طوال النهار، حيث كان قادة الحركة يجرون مفاوضات داخل العاصمة على الآلية التي ستستلم بها السلطة.

وجاء ذلك في أعقاب استقالة الرئيس الافغاني أشرف غني.

وفي الوقت الذي يصر فيه مسؤولون في الحركة على رغبتهم في أن يتشكل مجلس انتقالي يتشارك فيه جميع الافغان، كان اخرون في الحركة يتحدثون عن رفضهم المجلس الانتقالي ويعبرون عن رغبتهم في استلام السلطة مباشرة. ويبدو من ذلك أن الزعامات في الحركة لم يتفقوا مسبقاً على آلية استلام السلطة.

اقتحام كابول

وبعد أن وقفت قوات طالبان على مشارف العاصمة كابول، طوال نهار الامس، أمرت الحركة قواتها بدخول أحياء العاصمة الأفغانية، بحسب بيان الحركة المنشور على موقعها الإلكتروني.

ووفقا لطالبان، تم ذلك لمنع أعمال النهب والعنف في المناطق التي غادرتها الشرطة وقوات الأمن.

وقالت الحركة ان “الإمارة الإسلامية أصدرت بيانا في الصباح جاء فيه أن قواتنا خرجت من كابل، ولا نريد دخول كابول بالوسائل العسكرية، ولكن الآن هناك تقارير تفيد بإخلاء مناطق في كابل، وتركت الشرطة وظيفتها في توفير الأمن”.

وأضاف البيان “أمرت طالبان قواتها بدخول مناطق كابل التي فر منها العدو  حتى لا يضر المعتدون بالناس ومنعا للسرقة والنهب”.

ولفت البيان إلى أنه “يجب ألا يشعر مواطنو كابل بأي خوف من المجاهدين، ولا يسمح لأي من المجاهدين دخول منزل شخص ما أو مضايقته”.

وأعلن مستشفى العاصمة الأفغانية كابل على “تويتر” أمس الأحد، عن إصابة أكثر من 40 شخصا خلال اشتباكات على مشارف العاصمة، مبينةً أنهم يخضعون للعلاج في المستشفى.

لا يمكن الفرار

ووصفت النائبة الأفغانية، فرزانا كوتشاي، كيف يحاول سكان كابول الفرار من العاصمة، من دون أدنى أمل في العثور على مكان آمن.  وقالت لبي بي سي: “لا أعرف، لا يمكنهم الذهاب إلى أي مكان، لم يعد هناك أي مكان لا يزال آمنا”. وأوضحت كوتشاي أن “الطائرات المغادرة لكابول، يوم أمس، ممتلئة بالركاب بشكل كامل، وأن حجوزات الرحلات الجوية قد نفدت، وأنها راجعت بعض أصدقائها الذين تمكنوا من الطيران إلى خارج كابول، ووجدتهم يعملون على اللجوء لدول الجوار مثل الهند.

وتابعت بقولها: “إنهم يقولون إن الرحلات الجوية ممتلئة، ونحن عالقون هنا، أولئك المغادرون، أين يمكنهم الذهاب، ليس لديهم خيار، عليهم البقاء هنا”.

وأضافت النائبة كوتشاي أنها علمت من نساء مناطق أخرى في أفغانستان التي سيطرت حركة طالبان عليها فعليا، أنهن لم يعدن يذهبن إلى العمل أو المدرسة، وعلقت على الأمر قائلة “بالنسبة للنساء، الوضع سوف يسوء كما كان متوقعا. ستسجن النساء في منازلهن”.

استقالة وهروب

وأفادت وسائل إعلام بأن الرئيس الأفغاني أشرف غني قدم استقالته من منصبه، على خلفية ‏دخول مسلحي حركة طالبان إلى مشارف العاصمة كابل. ‏

وطلب غني من القوات الحكومية، بحسب تلك الوسائل، “ضبط القانون ‏والنظام” في العاصمة كابل، على خلفية أنباء استقالته.  ‏ وجاء هذا الطلب في مكالمة أجراها غني، أمس الأحد، مع موظفي الأجهزة الأمنية بشأن ضمان ‏أمن سكان كابل، ونشرت الرئاسة الأفغانية تسجيل هذا الاتصال على حسابها في “تويتر”.  ‏

وأكدت شبكة “سي إن إن” أن عددا من المسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة ‏الأمريكية، منهم عدد من مستشاري غني، وصلوا إلى مطار كابل تمهيدا لإجلائهم من البلاد.  ‏

“أمريكي” مرشح لرئاسة السلطة

وفي السياق، أفادت مصادر افغانية مطلعة، أمس، بالاتفاق على تكليف، علي احمد جلالي، بقيادة الدولة لمرحلة ‏انتقالية امدها 6 اشهر.

ونقلت “فرانس برس”، عن المصادر قولها أن “هذا الاتفاق تم بعد محادثات في كابول شارك ‏فيها وفد من طالبان مع قيادات سياسية افغانية ابرزها عبدالله عبد الله الناطق السابق باسم تحالف ‏الشمال، والرئيس الافغاني السابق حامد كرزاي، وبحضور السفير الأميركي في كابل”.‏

‏واضاف المصدر أن “علي احمد جلالي، هو من البشتون، ويحمل الجنسية الأميركية، ويشغل ‏حاليا استاذ بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية في العاصمة الأميركية ‏واشنطن، وعمل 20 عاما في إذاعة صوت أميركا في واشنطن، كما أنه شغل منصب وزير ‏داخلية اسبق في الحكومة الافغانية”.‏

مجلس انتقالي

وأسفرت المحادثات التي جرت في القصر الرئاسي عن تشكيل  مجلس ‏انتقالي جديد تولى إدارة أفغانستان، يضم أطراف المحادثة الذين حضروا في القصر. ‏

ونقلت وكالة “نوفوستي” الروسية، عن مصدر مقرب من طالبان قوله إن ‏المجلس الجديد يضم الرئيس السابق حاكم كرزاي ورئيس المجلس الأعلى ‏للمصالحة الوطنية الأفغانية عبد الله عبد الله.‏

وذكر مصدر الوكالة، أن المجلس الجديد سيسلم السلطة إلى طالبان ‏لاحقا.‏

وكانت “نوفوستي” قد نقلت عن مصدر في القصر الرئاسي الأفغاني قوله ‏إن “طالبان”، خلال مباحثات جرت اليوم ( امس)، أعلنت أنها ترفض تسلم الحكم من ‏غني وإن الطرفين بحثا خيارات أخرى تقضي بتسليم الحكم إلى الحركة من ‏زعماء سياسيين آخرين.‏

انتقال سلمي 

من جهته، أكد متحدث باسم طالبان، إن “الحركة تجري محادثات مع الحكومة الأفغانية من أجل تسليم كابول سلميا.. لا نعتزم الانتقام من أحد وسنصفح عن جميع من خدموا الحكومة والجيش”.

وقال مسؤول في الحركة “لا نرغب في سقوط أي مدني أفغاني بريء قتيلا أو جريحا مع تولينا زمام الأمور، لكننا لم نعلن وقفا لإطلاق النار”. بحسب فرانس برس.

وأكد المتحدث: “نسعى لتشكيل حكومة يشارك فيها جميع الأفغان”.

بدوره، أكد وزير الداخلية الأفغاني عبد الستار ميرزا كوال، أن “انتقالا سلميا للسلطة إلى حكومة انتقالية سيجري في أفغانستان”.

وصرح ميرزا كوال في رسالة عبر مقطع فيديو أنه “لا ينبغي على الأفغان أن يقلقوا.. لن يحصل هجوم على مدينة كابول. وسيجري انتقال سلمي للسلطة إلى حكومة انتقالية”.

ويبدو ان قادة الحركة لم يتفقوا لغاية الان على الالية التي يريدون ان يتسلموا السطلة بها، حيث عادت الانباء مجدداً للتضارب بشأن تلك الالية.

وأفاد مصدران من الحركة، بأنها “رفضت تشكيل أي حكومة انتقالية في البلاد”.

ونقلت “رويترز” عن مسؤولين في طالبان قولهما إنه “لن يكون هناك أي حكومة انتقالية في أفغانستان وأن الحركة تتوقع تسليمها الحكم بالكامل”.

موقف روسي مغاير 

وعلى عكس معظم البلدان، أكدت الخارجية الروسية، أن موسكو لا تستعد لإخلاء سفارتها من كابل في ظل دخول مقاتلي حركة طالبان أطراف العاصمة الأفغانية.

وقال زامير كابولوف المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون أفغانستان ومدير الدائرة الثانية لآسيا في الخارجية الروسية في تصريحات صحفية: “ليست هناك استعدادات لإخلاء السفارة. أنا على اتصال بسفيرنا، إنهم يعملون بهدوء ويراقبون تطورات الأحداث عن كثب”.

وأضاف كابولوف أن “طالبان ضمنت الأمن ليس للسفارة الروسية فقط، بل وللبعثات الدبلوماسية للدول الأخرى أيضا”.وأكد “لقد تلقينا مثل هذه الضمانات منذ فترة طويلة، والأمر لا يتعلق بروسيا فقط. وتشمل الضمانات سلامة الجميع”.

أجلاء سفارات

لكن الخارجية الكندية أعلنت في بيان لها تابعته “طريق الشعب”، أن “بلادها ستعلق مؤقتا عملياتها الدبلوماسية في العاصمة الأفغانية كابل، وأن أفرادها في طريق العودة لبلادهم”. وقال وزير الخارجية الكندي مارك جارنو: “الوضع في أفغانستان يتطور بسرعة ويشكل تحديات خطيرة لقدرتنا على ضمان أمن وسلامة بعثتنا”.

وأضاف، أن “الكنديين هناك في طريقهم حاليا للعودة إلى كندا بأمان”.

وعلى الايقاع ذاته، أكدت السفارة الأمريكية في أفغانستان صحة الأنباء عن اندلاع حريق في مطار كابل، الذي تم نقل طاقمها إليه على خلفية دخول قوات “طالبان” العاصمة.

وذكرت السفارة الأمريكية في إنذار أمني أصدرته أمس، أن  “الوضع الأمني في كابل يتغير بشكل متواتر، وخاصة في المطار. هناك تقارير عن اندلاع حريق في المطار، ولذلك نوصي الأمريكيين بالتزام أماكنهم”.

قلق أوربي

ومن جهة أخرى، أعرب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب عن قلق عميق بشأن مستقبل أفغانستان، ودعا حركة طالبان إلى إنهاء العنف مع وصول مقاتليها إلى مشارف العاصمة كابول. وقال راب في تغريدة على تويتر “لقد شاركت قلقي العميق بشأن مستقبل أفغانستان مع وزير الخارجية قريشي”، في إشارة إلى وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي. وأضاف راب “نحن متفقان على أنه من الأهمية بمكان أن يتحد المجتمع الدولي في مطالبة طالبان بوجوب إنهاء العنف وحماية حقوق الإنسان”.

بدوره يعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الاثنين، اجتماعا لمجلس الأمن الوطني على خلفية التطورات في أفغانستان، حسبما أوردت قناة BFM TV التلفزيونية نقلا عن قصر الإليزيه.

وذكرت القناة أن رئيس الدولة الموجود حاليا في مقره الصيفي قلعة بريغانسون سيجري الاجتماع عبر تقنية الفيديو كونفرنس. من جهته أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن نقل سفارة بلاده في أفغانستان من مبنى وسط العاصمة كابل إلى مطار المدينة لمواصلة عملها على تنظيم إجلاء المواطنين الفرنسيين والأفغان ممن تعاونوا مع الفرنسيين.

وأوضح أن هذا القرار اتخذ “على خلفية التدهور الحاد للوضع الأمني في أفغانستان”.