اخر الاخبار

في عام الذكرى العشرين لتأسيس حزب اليسار الأوربي، الذي كان يمثل مظلة جامعة لأهم الأحزاب الشيوعية واليسارية الأوربية، سيكون هناك حزبان.   في 29 آب، تلقت الدائرة المسؤولة عن تأسيس الأحزاب في الاتحاد الأوربي طلبا لتأسيس حزب يساري جديد، إلى جانب حزب اليسار الأوربي EL، باسم "تحالف اليسار الأوروبي من أجل البشر والكوكب" ELA. وينص النظام الداخلي المقدم على أن "التحالف يجمع بين أحزاب يسارية خضراء ونسوية بهدف بناء أوروبا مختلفة".  وتشير أهداف الحزب الجديد إلى التقدم الاجتماعي وحقوق العمل والسلام والتضامن والمساواة والعدالة المناخية وحماية البيئة.  ووفق ديباجة النظام الداخلي إلى محاربة "العقائد الليبرالية الجديدة". تم التوقيع على وثائق التأسيسين من قبل: حركة فرنسا الأبية بزعامة جان لوك ميلنتشون، وتحالف اليسار الفنلندي، وحزب رازم (معا) البولندي، وحزب بوديموس الإسباني، وحزب "كتلة اليسار" البرتغالي، وتحالف الأحمر - الأخضر الدنماركي، وحزب اليسار السويدي. أربعة من الأحزاب المؤسسة للحزب الجديد كانت في إطار حزب اليسار الأوربي وغادرته في أوقات مختلفة، في حين لم يكن حزب بودوموس الإسباني، وحزب اليسار السويدي، وحزب رازم البولندي أعضاء فيه.

أسباب تشكيل الحزب الجديد

تشكيلة الحزب الجديد ليست سهلة الفهم، لذلك هناك رؤيتان حتى الآن لأسباب التأسيس، والذي وصفته وسائل إعلام يسارية بـ "الانشقاق"، ولكنه لا يشبه انشقاق الأحزاب التقليدية في البلدان المنفردة. القراءة الأولى تقول إن تأسيس هذا الحزب الجديد لا يعود إلى الانقسام في المواقف تجاه الحرب، حيث لا تزال هناك خلافات كبيرة بين الأحزاب المؤسسة نفسها، وخصوصا بشأن الموافقة على تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا وسياسة التضامن مع فلسطين، وهذه الخلافات والتباينات موجودة في حزب اليسار الأوربي والحزب الجديد. إن تأسيس الحزب الجديد يعود إلى الرغبة في كسر أنماط معينة في حزب اليسار الأوروبي، التي تبناها حزب اليسار الألماني، وحزب اليسار اليوناني، اللذان كان حتى قبل دورتين تشريعيتين الحزبين الرئيسيين في الكتلة البرلمانية.  بالإضافة إلى القلق المتزايد لبعض الأحزاب بشأن قدرة حزب اليسار الأوربي على التمثيل الفعال لقوى اليسار الأوربي التي أصبحت أكثر تنوعاً في أساليب عملها وآليات صنع القرار.

بالإضافة إلى ذلك لعب التنافس والخلافات بين أحزاب اليسار في البلد الأوربي المعين دورا في عملية ولادة الحزب الجديد، كالتباينات بين حركة فرنسا الأبية والحزب الشيوعي الفرنسي، او التقاطعات التي برزت أخيرا بين بودوموس وتحالف سومار في إسبانيا، وكذلك يمكن الإشارة إلى اعتراض حزب كتلة اليسار البرتغالي على اختيار فالتر بايير رئيس حزب اليسار الأوربي، والقائد الشيوعي النمساوي، كمرشح رئيسي للحزب في انتخابات البرلمان الأوربي الأخيرة.

الرؤية الثانية ترى ان تأسيس الحزب الجديد يعود إلى صراع داخل اليسار الأوروبي أججته الحرب في أوكرانيا، واعتبار أحزاب اليسار في شمال أوربا حلف الناتو ضمانا أمنيا ضد خطط العدوان الأخرى المحتملة من قبل الرئيس الروسي. نظراً لقربها الجغرافي من طرفي الصراع، وبالمقابل ترى أحزاب اليسار في جنوب أوروبا في الناتو بالمحرك الرئيس للتصعيد. وفي مؤتمر حزب اليسار الأوربي الانتخابي الذي انعقد في فيينا في نهاية عام 2022، تم الاتفاق على قاسم الحد الأدنى المشترك: "إدانة العدوان الروسي باعتباره جريمة والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار".

وأشار رئيس حزب اليسار الأوربي فالتر باير إلى اختلافات في هياكل الحزب التنظيمية. بالإضافة إلى أن آليات العمل، مثل مبدأ الإجماع الصارم، لم تعد تتوافق مع الوضع الحالي، هناك أيضا انتقادات لحقيقة أن الأحزاب الشيوعية، التي كان أداؤها في انتخابات الاتحاد الأوروبي أضعف من منافسيها في أحزاب اليسار الأخرى، ممثلة تمثيلا واسعا في لجان الحزب. وفي ضوء الصدع الوشيك، قام حزب اليسار الأوروبي بتشكيل مجموعة عمل لتقديم مقترحات في تشرين الأول المقبل.

وفقًا لمختلف الأحزاب اليسارية، فإن وجود كتلة اليسار في البرلمان الأوربي، باعتبارها الضمانة لنشاط فاعل في الأطر التشريعية للبرلمان الأوربي ليس في خطر. ولكن الحقيقة هي أن القوة الدافعة وراء هذه الكتلة البرلمانية، هو أن حزب اليسار الأوروبي يقف في مركز التوترات، وسوف يُضاف إليه قريبا حزب يساري أوروبي ثاني. ومن المعروف أن كتلة اليسار تأسست في البرلمان الأوربي قبل قرابة 50 عاما بمبادرة من الأحزاب الشيوعية حينها وتم إغناؤها تدريجياً بتشكيلات جديدة.

من ردود الفعل

تقول الشيوعية الإيطالية المخضرمة، والتي تعرف بأيقونة اليسار الإيطالي لوسيانا كاستيلينا في تعليق لها على تأسيس الحزب الجديد: "كان من الأفضل التأكيد على الحفاظ على الروح المشتركة، حتى لو كانت هناك تغييرات عميقة وضرورية". في حين ترى القيادية في الحزب الشيوعي الإيطالي إعادة التأسيس وعضوة السكرتارية العامة لحزب اليسار الأوربي إليونورا فورينزا: "سنواصل العمل من أجل وحدة اليسار الجذري بأكمله، في إشارة إلى كتلة اليسار الموحدة في البرلمان الأوربي، "لقد كانت الكتلة داخليا متنوعة دوما".

عرض مقالات: