اخر الاخبار

اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، أمس، مسؤولين ‏لبنانيين ‏كبارا بالتورط في الانفجار المدمر الذي هزّ مرفأ بيروت، في ‏شهر آب من العام ‏الماضي، في حين  أن منظمة العفو الدولية أكدت أن السلطات اللبنانية أمضت العام المنصرم وهي تعيق “بوقاحة” بحث الضحايا عن “الحقيقة والعدالة” في أعقاب الانفجار الكارثي الذي وقع.

ووصف  الرئيس الفرنسي نهج الحكومة اللبنانية الذي يعتمد على استراتيجية المماطلة بـ”إخفاق أخلاقي وتاريخي”، محملاً اياها مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية.

تظاهرات

وانطلقت يوم أمس، مسيرات عدة في بيروت ‏في ذكرى مرور عام على انفجار المرفأ، الذي أودى بحياة أكثر من مئتي ‏شخص، ودمر أحياء في المدينة، وفاقم انهياراً اقتصادياً ينهش البلاد، مطالبة ‏بالعدالة ومحاسبة المسؤولين عن الكارثة‎.‎

ووسط انتشار لقوى الجيش والأمن، انطلق عند الساعة الثالثة والنصف مئات المتظاهرين، بينهم محامون بردائهم الأسود ‏وأطباء بزيهم الأبيض، من نقاط عدة باتجاه المرفأ. ‎

ودعا أهالي الضحايا وأطباء ومحامون ومهندسون وأحزاب معارضة ‏ومجموعات تأسست خلال احتجاجات 2019 ضد الكتل الحاكمة إلى ‏التظاهر رافعين شعار “العدالة الآن”. ‎

وحملت إحدى المتظاهرات لافتة كتب عليها “ممنوع يلي فجرونا يضلوا ‏على الكراسي‎.”

وفي المرفأ وبحضور أهالي الضحايا، أقيمت صلوات إسلامية ومسيحية. ‏وعند تمام الساعة السادسة وسبع دقائق، أي لحظة وقوع الانفجار، ‏ستُتلى أسماء الضحايا‎.‎

وحدّد أهالي الضحايا الاثنين مهلة 30 ساعة للمسؤولين لرفع الحصانات عن ‏مسؤولين استدعاهم قاضي التحقيق طارق بيطار ليمثلوا أمام القضاء‎.‎

الإفلات من المساءلة

وقالت هيومن رايتس ووتش في التقرير الذي أصدرته قبل يوم واحد من ‏الذكرى ‏السنوية الأولى للانفجار المدمر، إن “المشاكل البنيوية في النظامين ‏القانوني ‏والسياسي في لبنان، تسمح للمسؤولين بالإفلات من المساءلة ‏والعقاب، ‏خاصة أنه لم يتهم أي منهم حتى الآن على خلفية الكارثة”‎.‎

وعرض التقرير الذي تابعته “طريق الشعب”، أدلة على “‏السلوك ‏الرسمي الذي يعكس الفساد وسوء الإدارة منذ زمن طويل في ‏المرفأ، وسمح ‏بتخزين أطنان من نترات الأمونيوم عشوائيا، وبطريقة غير ‏آمنة لست سنوات ‏تقريبا”‎.‎

وقالت مديرة قسم الأزمات والنزاعات في المنظمة، لمى فقيه، إن “الأدلة تُظهر ‏أن ‏انفجار المرفأ نتج عن أفعال كبار المسؤولين اللبنانيين وتقصيرهم، ‏إذ لم ‏يبلّغوا بدقة عن المخاطر التي تشكلها نترات الأمونيوم”. ‎

وأضافت أن “خزّنوا المواد عن سابق علم في ظروف غير آمنة، وتقاعسوا ‏عن ‏حماية الناس. بعد مرور عام، ما زالت جراح ذلك اليوم المدمر محفورة ‏في ‏المدينة بينما تنتظر عائلات الضحايا الإجابات”.

إعاقة وقحة

من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية، إن السلطات اللبنانية أمضت السنة المنصرمة وهي أعاقت “بوقاحة” بحث الضحايا عن “الحقيقة والعدالة” في أعقاب الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت.

ووعدت السلطات اللبنانية بإجراء تحقيق سريع، وبدلاً من ذلك، تقول منظمة العفو الدولية عن السلطات إنها “أعاقت بوقاحة مجرى العدالة عند كل منعطف، وتلكأت في تحقيقها برغم الحملة المتواصلة التي قام بها الناجون وأسر الضحايا من أجل العدل والمساءلة الجنائية”.

وأضافت أن “الجهود التي بذلتها السلطات اللبنانية بلا كلل ولا ملل طوال العام لحماية المسؤولين من الخضوع للتحقيق عرقلت على نحو متكرر سير التحقيق”، مشيرة إلى أن “السلطات اللبنانية أقالت القاضي الأول الذي عُيِّن للتحقيق بعدما استدعى شخصيات سياسية للاستجواب، وتستمر السلطات حتى الآن في رفض وتأخير طلبات قاضي التحقيق الجديد لرفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب، واستجواب كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية بشأن المأساة”.

حكومة متقاعسة

وقالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، لين معلوف، إن “الحكومة اللبنانية تقاعست على نحو مأساوي عن حماية أرواح شعبها، تماما مثلما قصّرت لمدة طويلة للغاية في حماية الحقوق الاجتماعية الاقتصادية الأساسية، وان تقاعسها تمثل في الوقوف في وجه محاولات القاضي لاستدعاء المسؤولين السياسيين، وبذلك هي وجّهت صفعة أخرى إلى الشعب اللبناني. ونظرا لحجم هذه المأساة، فمن المذهل أن نرى المدى الذي تستعد السلطات اللبنانية فيه لأن تذهب إليه لحماية نفسها من التحقيق”.

وطالبت المنظمة، مجلس حقوق الإنسان بتحديد ما إذا كان تصرف الدولة تسبب أو ساهم في حدوث الوفيات غير المشروعة، على حد وصفها.

وقتل أكثر من 217 شخصا، وأصيب 7 آلاف بجروح عندما انفجر 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020. وتسبب الانفجار بتشريد 300 ألف شخص، وأحدث دمارا وخرابا على نطاق واسع، وألحق أضرارا بمبان تبعد عن موقع الانفجار حتى مسافة 20 كيلومترا.

مساعدات فرنسية

وقال الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون، في كلمة ألقاها أمس الأربعاء في مستهل مؤتمر المانحين ‏للبنان، إن “فرنسا ستوفر المزيد من اللقاح ضد فيروس كورونا إلى لبنان”، ‏موضحا أن “الحديث يدور عن خطة لإرسال 500 ألف جرعة إضافية من اللقاح ‏إلى هذا البلد‎.”‎

وشدد الرئيس الفرنسي على أن “الأولوية بالنسبة للبنان ‏لا تزال تكمن في تشكيل حكومة ستعمل على تطبيق إصلاحات”، موجهاً انتقادات شديدة اللهجة إلى السياسيين في هذا البلد، محملا ‏إياهم “المسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية في بلدهم”‎.‎

وضع متدهور

وبعد مرور عام على انفجار هزّ ميناء العاصمة وأغرق لبنان في أزمة ‏اقتصادية، لم يشكل الساسة حكومة قادرة على إعادة بناء البلاد ‏بالرغم من الضغوط الفرنسية والدولية.

وقال أحد مستشاري الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ‏في مؤتمر صحفي: “بما أن الوضع مستمر في التدهور، فالحاجة إلى حكومة باتت ‏أكثر إلحاحا”.

وجمع مؤتمر العام الماضي ـ في أعقاب الانفجار ـ نحو 280 مليون دولار، ‏وحُجبت المساعدات الطارئة عما وصفها ماكرون آنذاك بأنها “أيدي فاسدة” ‏للسياسيين، وتم إيصالها عبر المنظمات غير الحكومية وجماعات الإغاثة‎.‎

وذكر مكتب ماكرون أن المساعدات الإنسانية الجديدة ستكون غير ‏مشروطة، لكن حوالي 11 مليار دولار من التمويل طويل الأجل الذي تم ‏جمعه في 2018 لا يزال محجوبا ومشروطا بسلسلة من الإصلاحات التي لا ‏بد أن تنفذها السلطات السياسية‎.‎

الى ذلك، أعلن البابا فرنسيس في الذكرى الأولى للانفجار الهائل في مرفأ بيروت، ‏أن لديه رغبة “شديدة” في زيارة لبنان‎.‎ وقال البابا إن الكثيرين في لبنان، الذي يعاني حاليا من أزمة اقتصادية حادة، ‏فقدوا إرادة الحياة‎.‎

وأضاف أنه يجب على المانحين مساعدة لبنان “على طريق العودة للحياة”‎.‎