اخر الاخبار

محفزات كثيرة قدمتها الإدارة الأمريكية لقائد الجيش السوداني الفريق البرهان علها تدفعه للذهاب إلى جولة المفاوضات القادمة في جنيف بينه وبين قيادة الدعم السريع منتصف الشهر الجاري. على رأسها الاعتراف به كرئيس لمجلس السيادة بدلا عن "قائد الجيش" فقط، والذي أطلقته عليه المنظومات الدولية والإقليمية والدول الغربية وساوت بينه وبين قائد الدعم السريع، في ما عرف في الخطابات والتصريحات العالمية باسم طرفي النزاع. وهو وضع ظل مصدر قلق للجيش وللمساندين له. وبذلك تكون الإدارة الأمريكية قد اعترفت بالبرهان كرئيس للسودان رغم أنه قد حاز على هذا الوضع بانقلاب ٢٥ تشرين ٢٠٢١، مما قاد إلى تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.  

الاعتراف بالبرهان

ومن المتوقع أن تحذو الكثير من الدول الغربية والأفريقية والمنظمات العالمية حذو أمريكا وتخاطب البرهان باعتباره رئيس مجلس السيادة. فقد أكدت أمريكا انها ستوجه الدعوة للرجل بهذه الصفة.

وأضافت الخارجية الأمريكية بأنها تتفهم تحفظات الجيش السوداني المتعلقة بتنفيذ مخرجات منبر جدة 2 في ايار ٢٠٢٣ والمتعلقة بإخلاء قوات الدعم السريع لبيوت المدنيين والخروج عن الأعيان المدنية. وهي خطوة لم يقدم عليها الدعم السريع حتى الآن. بل زاد عليها احتلال مدن جديدة منذ ذلك التاريخ. كما وصفت أمريكا قوات الدعم السريع ربما للمرة الأولى بأنها مارست جرائم إبادة جماعية. تلك التهمة التي عجزت المحكمة الجنائية الدولية أن توجهها للرئيس السابق عمر البشير ووجهت له بدلا عنها تهمة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

وأضافت أمريكا بأن قوات الدعم السريع لهذا السبب لم تعد مقبولة من قبل السودانيين وليس لها مكان في مستقبل السودان. وأشارت إلى ما من شأنه أن يهدئ مخاوف السودان من مشاركة الإمارات في المفاوضات وسارعت بتوضيح بأنها ستكون مراقبا وليست وسيطا. هذه اللهجة تشكل تغييرا كبيرا في الدبلوماسية الأمريكية تجاه الحرب السودانية. وقد ابتدأتها بتقديم الجزرة. ولذلك سارعت دولة الإمارات بوضع تبرع سخي في الصندوق الدولي المخصص لإعانة الشعب السوداني في هذه الكارثة، يصل إلى 100مليون دولار. كما طالبت قوات الدعم السريع بأن لا تعرقل انسياب المساعدات أو تشكل اي تهديد بالنسبة لنشاط المنظمات العالمية.

التعامل مع المتغيرات الدولية

والجيش السوداني الذي يجيد التعامل مع المتغيرات الدولية ويحسب جيدا ردات الفعل العالمية خاصة الأمريكية أظنه استلم الرسالة. فقد طالبت الحكومة السودانية الوسطاء بمدها بأجندة التفاوض حتى تستطيع على ضوئها تحديد مستوى الوفد المشارك. وهي خطوة متقدمة حال مقارنتها بتأكيدات الفريق البرهان السابقة بأنهم لن يتفاوضوا مع أي جهة. فالسياسة مثل السوق وان العرض المطروح اليوم ربما لن يظل قائما غدا. كما أن الموقف الأمريكي فيه تنازلات ظل الجانب السوداني يبحث عنها منذ بداية الحرب ولم يظفر بها عن طريق فرض الأمر الواقع بقوة السلاح. حيث لازالت تتلاحق الهزائم وتوالي المدن سقوطها. وأصبحت قوات الدعم تسيطر على مثلث الخرطوم كوستي سنار وتقطع طريق الصادرات الذي يربط شرق البلاد بوسطها وغربها مما سبب شللا تاما للاقتصاد ووضع البلاد على حافة المجاعة. ومن غير المتوقع أن ترفض قيادة الجيش السوداني العرض الأمريكي بالجلوس للتفاوض. لكن تلك القيادة تعلم جيدا الثمن الذي تطلبه أمريكا في المقابل وبات معروفا للجميع. وهو فك الارتباط مع حلفاء الأمس واليوم من التيار الإسلامي والقبول بالتعامل مع حلفاء أمريكا من المدنيين الذين أن انقلب عليهم.

حضور محتمل لحمدوك في جنيف

وقد رشحت أنباء بأن عبد الله حمدوك رئيس الجبهة المدنية (تقدم) سيحضر مفاوضات جنيف، مع أن المفاوضات مخصصة فقط لوقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية للعالقين في مناطق النزاع دون ابتدار أي عملية سياسية. إلا ان بكري الجاك، الناطق الرسمي ل (تقدم)، قال لقناة الجزيرة بأنهم لن يقبلوا بأن يكون من تسببوا في الحرب جزءا من المشهد السياسي القادم. كما أعلن الدعم السريع بأنه لن يتفاوض مع أي جهة غير الجيش السوداني.   وكل هذه التصريحات تشير بوضوح إلى الجهة المعنية. فهل سيقبل الإسلاميون بالتنحي طواعية ام انهم سيفجرون المفاوضات القادمة ويواصلون الحرب؟

عرض مقالات: