اخر الاخبار

روّج مئات الأكراد حملة إلكترونية ‏بلغات عدة، تذكيراً بجرائم تركيا بحق الأكراد التي وصفوها بـ”الإبادة”، ‏مطالبين بأن يجدوا استجابة دولية على غرار ما حصل من صدور ‏قرارات من بعض الدول بشأن ما يوصف بـ”إبادة الأرمن” على يد تركيا ‏أيضا، و”إبادة الإيزيديين” على يد تنظيم داعش الإرهابي.

وجاءت هذه الحملة بمناسبة الذكرى الـ98 لتوقيع معاهدة لوزان، التي يعتبرها الاكراد مشؤومة، كونها أطاحت بالحلم الكردي الساعي لإقامة دولتهم المستقلة.

وحذرت ‏الحملة من “العثمانية الجديدة” التي يتبناها الرئيس التركي رجب طيب ‏أردوغان، متمثلة في خططه التوسعية لضم أجزاء من سوريا والعراق ‏وليبيا إلى تركيا، تحت زعم أنها “أراضي عثمانية”، سُلبت من تركيا في ‏معاهدة لوزان الموقعة 24 تموز 1923 بين الدول المنتصرة في الحرب ‏العالمية الأولى (بريطانيا، فرنسا، اليابان، إيطاليا، اليونان، رومانيا، ‏الدولة الصربية الكرواتية السلوفينية) وتركيا المهزومة في ‏الحرب.

وبموجب المعاهدة رُفعت يد تركيا عن البلاد والمدن التي تحتلها، ‏أو لها فيها امتيازات اسمية، مثل مصر وقبرص وليبيا واليمن، فيما أرجئ ‏الخلاف حول تبعية الموصل للعراق أم تركيا لتحكيم عصبة الأمم الذي ‏أسقط ادعاءات تركيا حولها، وتم ضم أقاليم شمالية سورية إلى تركيا، ‏وتشكلت تركيا الحديثة بحدودها في الأناضول وتراقيا الشرقية برئاسة ‏كمال أتاتورك.‏

اتفاق تركي - كردي

ورغم الخلافات الكبيرة بين الكرد وتركيا إلا انهما يتفقان على ‏رفض معاهدة لوزان، حيث إن أنقرة ترفضها بحجة أنها “سلبت” منها ‏أراضي تتبع السلطنة العثمانية، فيما يرفضها الكرد بحجة أنها أنهت حلمهم في إقامة دولة كردستان التي كانوا يأملون أن يساعدهم حلفاؤهم ‏الأوروبيون في إقامتها، ثمنا لمساعدتهم لهم في الحرب ضد تركيا.‏

وأطلقت منظمة “مؤتمر المجتمع الديمقراطي الكردستاني- أوروبا” وهي ‏منظمة كردية، على مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني ‏هاشتاغ “نرفض معاهدة لوزان”، ويطالب ‏بمحاسبة تركيا العثمانية والأردوغانية على الجرائم والانتهاكات بحق ‏المكونات والأقليات في المنطقة، خاصة الإبادة ضد الكرد والأرمن.‏

ويقول الصحفي الكردي وعضو الحملة “دلـشـير آڤـيـسـتا” لموقع “سكاي ‏نيوز عربية”، إن “الحملة تأتي في توقيت مهم؛ حيث تحُلُّ اليوم  ‏الذكرى السنوية الـ 98 لاتفاقية لوزان المشؤومة التي عُقِدت في العام ‏‏1923 وتم بموجبها تقسيم كُردستان إلى أربعة أجزاء، وحُرِم الشعب ‏الكُردي بالتالي من وطن لهم كسائر الشعوب الأخرى، وبات أكبر شعب ‏من حيث التعداد السكاني على مستوى العالم بلا وطن وبلا هوية، وتم ‏فرض هوية تلك الأنظمة الأربعة عليهم، وكذلك حرمانهم من كافة ‏حقوقهم، وعانوا بسبب هذا التقسيم مختلف الويلات من القتل والتهجير و‏التنكيل والاضطهاد”.‏

وهو يشير بذلك إلى ما يقوله الأكراد المتواجدون في العراق وتركيا ‏وسوريا وإيران من أن ترسيم الحدود في معاهدة لوزان، جعلهم موزعين ‏بين هذه الدول.‏

وبحسب دلشير فإن “لدينا الآلاف من الوثائق والثبوتيات التي تدين ‏تركيا.. وكل جهودنا تصب في سياق محاسبتها على جرائمها بحق الكرد ‏والأرمن والسريان والآشوريين والعلويين وبقية الأعراق والطوائف، ‏وآخرها جرائمها في مدينة عفرين وسار كانييه (رأس العين) وگري سپي ‏‏(تل أبيض)” في سوريا.‏

‏137 منظمة تذكر بمجازر تركيا

وجهت 137 مؤسسة ومنظمة عمالية وحقوقية، مذكرة إلى سكرتير ‏عام منظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، ورئيس المفوضية السامية ‏لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، ووزير خارجية سويسرا إكنازيو ‏كاسيس، ورؤساء المنظمات الدولية ذات الصلة،  لتذكير المجتمع الدولي ‏بالمجازر العثمانية.‏

وقالت المنظمات في بيان لها تابعته “طريق الشعب”، إن “دعاة التورانية في الاتحاد والترقي ‏حافظوا على ميراث أسلافهم العثمانيين القائم على جماجم الشعوب ‏الأصلية في الأناضول وبلاد الشام وشمال إفريقيا والبلقان، وبحق كل من ‏رفض غزواتهم وثقافتهم  كما حدث في إبادة الأرمن  في أعوام 1918 ـ ‏‏1914، وحملات الإبادة الممنهجة والتهجير القسري والتغيير ‏الديموغرافي والتشويه الثقافي بهدف محو الهوية القومية بحق اليونانيين ‏والعلويين والكرد، بخاصة في انتفاضة محمود الحفيد عام 1919 ‏وانتفاضة كوجكري عام 1921 وانتفاضة الشيخ سعيد عام  1925 ‏وانتفاضة أكري عام 1930 وانتفاضة ديرسيم عام 1936”.‏

كما لفتت المنظمات الى المخطط الجديد لأردوغان بضم أراضي في شمال ‏سوريا وشمال العراق، وهو ما يعني عند الكرد ضم أراضي يرونها ضمن ‏‏”أراضيهم”؛ ما ينهي آمالهم في إقامة ما يسمونها بكردستان الكبرى.‏

طموحات أردوغان التوسعية

من جهته، جدد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، في ذكرى توقيع معاهدة لوزان، الحديث عن ‏مخططاته التوسعية، محتفلا باحتلال تركيا لمناطق واسعة في شمال ‏سوريا وقبرص، وتدخلاتها في العراق، وتواجدها العسكري في ليبيا ‏وقبرص.‏

ويقول أردوغان في رسالة نشرتها وكالة الأناضول التركية، السبت، إن “النجاحات ‏الحاسمة التي حققناها في مختلف الساحات، بدءا من سورية وليبيا، ‏مرورا بشرق البحر المتوسط وصولا إلى مكافحة الإرهاب، هي أوضح ‏مؤشر على إرادتنا لحماية حقوق بلادنا ومصالحها”.‏

وتأتي هذه الرسالة عقب 4 أيام من زيارته لمدينة فاروشا في الجزء الذي ‏تحتله تركيا من جزيرة قبرص، وإعادة فتحه لها رغم أنها مدينة مغلقة منذ ‏أن هجرها السكان في سبعينات القرن الماضي عقب الاجتياح التركي ‏للجزيرة، حيث قررت الأمم المتحدة إبقاءها خاوية؛ لأن ملكيتها تعود ‏لدولة قبرص الشرعية، إلى أن يتم حل المسألة القبرصية عن طريق ‏التفاوض.‏

ويرى مراقبون أن تركيا تمهد للانسحاب من اتفاقية لوزان، عبر التوسع ‏واحتلال الأراضي التي سبق وأن تحررت من الاحتلال التركي في ‏الاتفاقية، معتمدة في ذلك على إثارة نزاعات عرقية ودينية بين السكان، ‏محورها تغذية الولاء لتركيا تحت مظلة دينية متجسدة في تنظيم الإخوان ‏الإرهابي، أو إحياء نعرات عرقية داخل بعض السكان المنحدرين من ‏أجداد عثمانيين استوطنوا هذه البلاد خلال الاحتلال العثماني البعيد، كما ‏تفعل في سوريا وليبيا والعراق.‏