اخر الاخبار

تواصل إن الحكومة الاتحادية دعمها الثابت للإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. وهي لا تكتفي بتزويد الأسلحة التي يُذبح بها سكان غزة فقط، بل ترفض أيضاً السماح بعلاج الأطفال المصابين بجروح خطيرة في داخل أراضيها.

نشرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ المحافظة الألمانية واسعة الانتشار في 2 تموز تقريرا بعنوان: «كرة طاولة حتى الموت». يتناول التقرير الكيفية التي تمنع فيها وزارتا الخارجية والداخلية الألمانية علاج أطفال غزة المصابين بجروح خطيرة في المستشفيات الألمانية.

لقد وافقت عدة مستشفيات على تحمل تكاليف العلاج. لكن الحكومة الألمانية منعت دخول الأطفال الجرحى. وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم 3 تموز، رفضت وزيرة الداخلية نانسي فيزر تحمل أي مسؤولية وأعلنت بقسوة أن ألمانيا التزمت أخيرًا باستقبال أطفال من أفغانستان، وأن الدور الآن قد على الدول الأخرى للتعامل مع أطفال غزة.

يذكر تقرير الصحيفة بالتفصيل كيف تمكنت المديرة الإدارية للجمعية الألمانية لجراحة التجميل والترميم، كيرستين فان آرك، من تنظيم أسرة المستشفيات للأطفال المصابين بجروح خطيرة في غزة في غضون أسابيع قليلة. لقد وافق، منذ بداية اذار الفائت، 40 من كبار الجراحين في ألمانيا على استقبال ما مجموعه 40 طفلاً وعلاجهم مجانًا، مع ضمان تكاليف الإقامة والسفر.

ويمضي التقرير ليقول إن الأطفال الـ 32 الذين تم اختيارهم للعلاج في ألمانيا: «يعانون من إصابات خطيرة، وان الأمر يتعلق بإنقاذ حياتهم من إصابات في الحجاب الحاجز أو الأحشاء». وإصابات كبيرة من الحروق الناجمة عن الانفجارات، فضلا عن أضرار جسيمة في الأنسجة الرخوة أو الأعضاء الداخلية أو إصابات في الأطراف، والتي لا يمكن بسببها إنقاذ الذراعين والساقين إلا من خلال العلاج الفوري خارج غزة.

وقام المنظمون بأجراء مفاوضات مع السفارة الألمانية في القاهرة التي سينقل الأطفال عبرها جوا الى المانيا. ووفق المعلومات المتوفرة، تمت مناقشة الموضوع عدة مرات في مجلس الوزراء الألماني، دون نتيجة، ونصحت وزارة الخارجية الألمانية نقل الأطفال المصابين، دون مرافق من ذويهم.

وبالنظر لحالة الطوارئ الاستثنائية، يجري النظر في هذا الأمر. لكن منظمات مساعدة الأطفال التي تم الاتصال بها، مثل منظمة «أنقذوا الأطفال» أو الجراح في مستشفى جامعة بون، يان فيناندز، نصحوا بعدم جلب الأطفال بمفردهم، علما ان يان فيناندز كان يعمل في أحد مستشفيات غزة.

يعاني الأطفال المصابون من صدمات نفسية حادة ويجب اتخاذ قرارات طبية تغير حياتهم ولا يتحمل مسؤوليتها سوى ذويهم. وقد أكد كبار الجراحين اعتماد على تجارب سابقة ملموسة عدم جدوى نقل الأطفال بمفردهم، لأنهم سيعانون من الاغتراب، والاختلاف الثقافي والشعور بالوحدة.

وبعد ثلاثة أشهر من بدء عملية الإنقاذ المخطط لها، وفي 10 حزيران الفائت، وافقت وزارة الداخلية الألمانية، لأول مرة على إجراء مقابلة. ويأمل المنظمون أخيرا في تحقيق انفراج بشأن مسألة التأشيرة. لكن الأمور تسير بشكل مختلف. وتصف الصحيفة النتيجة بأنها «مدمرة» وتضيف: «إن موقف الوزارة لا يزال متشددا: يجب أن تؤخذ المخاطر الأمنية بشأن المرافقين، في الاعتبار، وهناك عدم وضوح أيضا بشأن عودتهم.  لذلك هناك خوف من جلب إرهابيين أو طالبي لجوء إلى البلاد. ومن الواضح أن فرصة شفاء الأطفال المصابين بجروح خطيرة ستحتاج مزيدا من الوقت».

قال فرانك بيتر، مؤسس منظمة «بلاسيت» المشاركة في الحملة، والتي تساعد ضحايا الإرهاب والعنف في جميع أنحاء العالم من خلال الاستعانة بجراحي التجميل: «كيف يمكن أن يتم نقل أكثر من 100 طفل إلى إيطاليا، وتم نقل العديد من الأطفال المصابين إلى الولايات المتحدة وأبو ظبي والجزائر وعمان والكويت، ولا يمكن نقلهم إلى ألمانيا، على الرغم من ان كل شيء منظم».

لقد استغرب الجراحون، ولهذا السبب يلجؤون الآن إلى الراي العام. تقول كيرستين فان آرك إنها تشعر بخيبة أمل أكثر من غضبها. «اعتقدت أننا نعيش في بلد إنساني. ولهذا السبب لم نستسلم». إنها لا تستطيع أن تفهم لماذا يمكن اعتبار الأطفال المصابين بجروح خطيرة خطراً على الأمن. يبدو الأمر كما لو أنهم يلعبون معك كرة طاولة. في بعض الأحيان يكون لديك انطباع بأنهم يرسلوك من إدارة إلى أخرى حتى تُحل المشكلة ذاتيا، ويموت الجميع».

وفي هذه الاثناء، مات أغلب الأطفال الذين تم اختيارهم في اذار الفائت، او لا يمكن العثور على الأحياء منهم في غزة.

منذ بداية نشرين الأول الفائت، ووفق إحصاءات هيئة الصحة (حتى 4 تموز2024)، قُتل ما لا يقل عن 38,011 ألف مواطن، بينهم قرابة 16 ألف طفل وأكثر من 10,5 ألف امرأة، في قطاع غزة. وأصيب 87,445 ألف فلسطيني، جراء حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة. علما ان الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير، لعدم إحصاء المفقودين والمدفونين تحت الأنقاض.

قالت وكالة الأمم المتحدة (الأونروا) إن أكثر من 50 ألف طفل في قطاع غزة يحتاجون إلى علاج طبي فوري من سوء التغذية الحاد. ووفقا لمنظمة إنقاذ الطفولة، يفقد 10 أطفال أحد الساقين او كلاهما كل يوم في غزة منذ بدء حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

عرض مقالات: