اخر الاخبار

فاز تحالف اليسار الفرنسي « الجبهة الشعبية الجديدة» في الجولة الثانية للانتخابات التشريعية في فرنسا، وحل تحالف الرئيس ماكرون (معا) ثانيا، وجاء تحالف اليمين المتطرف (نازيون جدد) ثالثا. علما أن هناك 10 أحزاب يسارية صغيرة أخرى شاركت بالمنافسة. وبلغت نسبة المشاركة بالتصويت أكثر من 67 في المائة.

وحتى ساعة إعداد هذا التقرير، سيحصل تحالف اليسار على 180 – 215 مقعدا، وتحالف الرئيس 150 – 180 مقعدا، فيما ستكون حصة اليمين المتطرف، الذي كان يأمل الحصول على أغلبية مطلقة، 120 – 150 مقعدا، والجمهوريون (يمينيون محافظون على 60 – 65 مقعدا، والقوائم الأخرى على 5 – 10 مقاعد.

البرنامج الانتخابي لقوى اليسار

ضم تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» اليسار قوى اليسار بالمعنى الواسع: حركة فرنسا الأبية بزعامة ميلنشون، الحزب الشيوعي الفرنسي، حزب الخضر، الحزب الاشتراكي الفرنسي، والحزب المناهض للرأسمالية الجديد (أحد التيارات التروتسكية). وأشارت محاور برنامجه الانتخابي، الذي عد بعجالة: رفع الحد الأدنى للأجور إلى صافي 1600 يورو شهريا، رفع أجور العاملين في القطاع العام، فرض ضريبة الثروة وإدخال تعديلات على ضريبة الميراث وقف مشاريع بناء الطرق السريعة الجديدة، اعتماد قواعد لمكافحة هدر مياه الشرب، إلغاء تعديلات نظام التقاعد التي فرضها ماكرون بسياسة المراسيم، والعمل من أجل عودة سن التقاعد إلى سن الستين، إنهاء إجراءات التقشف التي فرضت بموجب قواعد ميزانية الاتحاد الأوروبي، وإدخال تعديلات على السياسات الزراعية المشتركة مع أوروبا.

تكتيك فاشل

مني الرئيس الفرنسي بهزيمة مركبة: سياسية انتخابية، ولم يسعفه قراره بحل الجمعية الوطنية الفرنسية، بعد تصدر اليمين المتطرف انتخابات البرلمان الأوربي الفرنسية في 9 حزيران الفائت. وقد راهن الرئيس خطأً على انقسام معسكر اليسار، والرفض الشعبي، الذي توقعه لليمين المتطرف. ويمكن القول إن نتائج الانتخابات التشريعية قد أدت إلى انهيار معسكر الرئيس، وجاء انتصار اليسار مخالفا لكل التوقعات، وأدى إلى حرمان اليمين المتطرف من حلمه في تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة، لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن الرئيس الفرنسي ما زال يعول على إمكانية الالتفاف على النتائج، عبر تحالفات برلمانية، ويؤكد أن الأمر لم يحسم بعد.

ردود فعل أولية

قال جان لوك ميلنشون زعيم حزب «فرنسا الأبية» اليساري الأحد الفائت، إن الرئيس إيمانويل ماكرون يجب أن يقر بالهزيمة في الانتخابات البرلمانية الفرنسية، بعدما أظهرت استطلاعات رأي فوز تحالف الجبهة الشعبية الجديدة بأكبر عدد من المقاعد. وشدد على أن الشعب الفرنسي كان حريصا على الوحدة الوطنية، وأبعد الخيار الأسوأ. وطالب الرئيس بتكليف الجبهة الشعبية الجديدة بتشكيل الحكومة لتنفيذ برنامجها، وأن حزبه ملتزم بالتحالف وبرنامجه.

من جانبه انتقد رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا الأحد «تحالف العار» الذي حرم الفرنسيين من «سياسة إنعاش»، في إشارة إلى عمليات التنازل المتبادل في الدوائر الانتخابية للمرشح الأقوى لمنع صعود مرشح اليمين المتطرف، وهو تكتيك انتخابي اتفقت عليه قوى اليسار واليمين الليبرالي.

وقال بارديلا «يُجسّد حزب التجمع الوطني أكثر من أي وقت مضى البديل الوحيد»، متعهدًا أن حزبه لن ينزلق نحو «أي تسوية سياسية ضيقة» ومؤكدًا أن «لا شيء يمكن أن يوقف شعبًا عاد له الأمل».

صعوبة تشكيل الحكومة

لقد تصدر تحالف اليسار ولكنه لم يحصل على الأغلبية المطلقة التي تؤله منفردا لتشكيل الحكومة (289 مقعدا) من مجموع مقاعد الجمعية الوطنية الفرنسية البالغ 577 مقعدا، وبالتالي ستبدأ مناورات التحالفات الحكومية التي تبدو صعبة للغاية، فزعيم حركة فرنسا الأبية ميلنشون يرفض تقديم أي تنازل، والرئيس يراهن على حدوث خلاف في صفوف الجبهة الشعبية، التي أكد ممثلوها التزامهم بها. وستواجه اليسار مرة أخرى مهمة هي الأهم والمتمثلة بالحفاظ على التحالف، والوصول إلى آليات مشتركة للتعامل مع التباينات، والمشاكل المتوقعة، وهو التحدي الأكبر أمام قوى الجبهة.

 السيناريو الآخر هو تشكيل حكومة تكنوقراط، وهو خيار اعتبره المحللون الفرنسيون صعبا. اما التحالف بين ماكرون واليمين المتطرف فهو الآخر مغامرة كبيرة من جانب ماكرون، كما انه خيار مرفوض من الطرف الآخر. إن إعلان الحكومة الحالية عن استعدادها إدارة شؤون البلاد إلى حين تشكيل حكومة جديدة، على الرغم من كونه أمرا عاديا، إلا أنه ينطوي على الاستمرار بالحكم، وانتظار ما يحدث، على أمل أن تستجد أوضاع تصب في صالح معسكر ماكرون. بالتأكيد إن نتائج الانتخابات والانقلاب في موازين القوى في فرنسا خلال أسبوع واحد فقط، حدث أكثر من استثنائي، وسيكون مادة لكثير من التحليلات خلال الأسابيع والاشهر المقبلة.

عرض مقالات: