اخر الاخبار

ركزت القوى السياسية السودانية التي استجابت لنداء الخارجية المصرية بعقد مؤتمر جامع انطلقت أعماله يوم السبت ٦ تموز (يوليو) الجاري بالعاصمة المصرية على ضرورة وقف الحرب حتى وإن كان الثمن عودة القوتين المتحاربتين الى السلطة وتصفية آخر ما تبقى من شعارات ثورة ديسمبر.

متآمرون على الثورة

لهذا السبب بالتحديد قاطع الحزب الشيوعي السوداني المؤتمر، واصفا القوى التي التقت فيه بأنها هي التي تآمرت على الثورة بتطبيق السياسات الاقتصادية التي ظل السودان يرزح تحت نيرها منذ الاستقلال. وبعضها وافق على الدخول في شراكة الدم مع جنرالات الجيش والدعم السريع عقب الثورة. والبعض الآخر ساند انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢.٢١.

ويجيء المؤتمر عقب اشتداد المعارك في وسط البلاد واحتلال ما يعرف بمثلث التنمية من قبل قوات الدعم السريع. ما يعني أن المعركة أصبحت بالنسبة للجيش والقوى الطبقية المتحالفة معه معركة حياة أو موت. فقد صرح الفريق ياسر العطاء بأنهم لن يدخلوا في تفاوض ما لم يستسلم الدعم السريع ويسلم أسلحته وينسحب إلى مواقع يتم تحديدها خارج المدن. في حين تمسك البرهان بالشرط القديم والمعلن للجيش وهو خروج الدعم السريع من منازل المدنيين والأعيان المدنية حسب اتفاق جدة في ١٥ ايار (مايو) ٢٠٢٣ كشرط لقبولهم بجولة مفاوضات جديدة في منبر جدة.

سيطرة العسكر

ورغم أن أمر الحرب لا زال بيد القيادات العسكرية والتي يبدو أنها غير راغبة في الوصول إلى تسوية بعيدة عن توازن القوة العسكري، إلا أن حكومة الأمر الواقع في بورتسودان أرسلت ممثلين لها في المؤتمر رغم أنهم يمثلون الكتلة الديمقراطية، إلا انهم يشغلون مواقع سيادية في الحكومة مثل نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقر وجبريل إبراهيم وزير المالية وأركو مناوي حاكم إقليم دارفور. ونتيجة للخلافات المتوقعة شكل المؤتمر لجنة لصياغة التوصيات النهائية ضمت قيادات مدنية وممثلين للكتل المختلفة.

وبالنظر لحالة التشظي التي تعاني منها القوى المدنية وعدم مشاركة أقسام فاعلة ومؤثرة من قوى ثورة ديسمبر فيه ربما لا ينجح المؤتمر في تشكيل ضغط على الجنرالات يجبرهم على وقف الحرب بمساندة دولية. وقد يغلق الباب أمام المحاولات الوطنية بمساعدة الدول الصديقة في وقف الحرب ويفتح الطريق واسعا أمام التدخل الدولي، في ظل تحولات كبيرة في الموقف الأمريكي والبريطاني والاتحاد الأوربي من الأزمة الإنسانية التي تحولت إلى كارثة، كما صرح بذلك المندوب الأمريكي مؤخرا.

تجاوز التدخل الدولي

والسؤال الذي يفرض نفسه هو هل يتجاوز التدخل الدولي، خاصة الأمريكي، فرض العقوبات على قيادات نافذة في القوتين.  أصوات في الكونغرس والبرلمان الأوربي تدفع في هذا الاتجاه.

في هذا الوقت تتفاقم الأزمة الإنسانية وتزداد الانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد المدنيين بلا رادع. مما يوجب على القوى المدنية أن لا تتمرس خلف شعار واحد ويتيم وهو وقف الحرب. ويجب أن ترفع إلى جانبه شعار حماية المدنيين في مناطق النزاع وفق الأعراف والاتفاقيات الدولية. كما توجب هذه التحولات على المجتمع الدولي أن يبتعد عن تحقيق الأجندة السياسية والاستراتيجية لبعض الدول في السودان وفي القارة ويلتفت إلى دوره القانوني الذي يحدده القانون الدولي والإنساني. وأن تكون تحركاته من خلال مؤسسات الشرعية الدولية، مثل مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

هذا الموقف يتطلب أن تتقدم الأجندة السياسية للوطن وتتراجع الخبرة الدولية في فض النزاعات ومن يمثلونها من الخبراء.

عرض مقالات: