للمرة الثانية منذ تولى الرئيس الارجنتيني الفاشي الجديد خافيير ميلي منصبه، نظمت الاتحادات النقابية الرئيسة، الخميس الفائت، إضرابا عاما أدى الى شل الحياة اليومية في البلاد. وجاء الإضراب احتجاجا على سياسات التقشف القاسية التي ينتهجها الرئيس، الذي قام أخيرا بإلغاء آلاف الوظائف في القطاع العام، وخفض الدعم، وألغى البرامج الاجتماعية. وحذر رؤساء الاتحادات النقابية من تجاهل الاحتجاجات الحاشدة. وأعلنوا استمرارهم إذا واصل ميلي مساره الليبرالي الجديد بالضد من مصالح الأكثرية.
علاج الصدمة
وقرر الرئيس اعتماد سياسة «العلاج بالصدمة»، واصفا إياها بالعلاج الجذري لبلاد تعاني من أعلى معدل تضخم في العالم يبلغ نحو 290 في المائة وحيث يعيش 60 في المائة من السكان تحت خط الفقر. وبعد تخفيض الأجور الحقيقية، والتسريح الجماعي للعمال، والتخفيضات المعلنة في قطاع التعليم، يخطط الرئيس لمزيد من تدابير السوق الجذرية التي تتم مناقشتها حاليًا في مجلس الشيوخ. ويشمل ذلك إلغاء تحديد الأسعار من قبل الدولة، ووضع حد أقصى لرفع الأجور في الوقت نفسه. وقال الأمينان العامان لاتحاد النقابات البيروني هيكتور داير وبابلو مويانو، في مؤتمر صحفي في بوينس آيرس، إن الإضراب العام يوم الخميس كان بمثابة «دعوة السياسيين للاستيقاظ وإصلاح الضرر الاجتماعي الذي يسببونه نتيجة لهذه الإجراءات». من جانبه انتقد الرئيس ووزراؤه الإضراب وادعوا أن الحركة النقابية «تبتعد أكثر فأكثر عن الواقع»، في حين أيدت أوساط واسعة من السكان الإضراب.
شلل تام
وكتبت صحيفة «باغينا 12» اليومية: «في الساعات الأولى من الصباح، بدت شوارع وطرق بوينس آيرس كما كانت في أيام الوباء». شوارع فارغة ومكاتب ومدارس وجامعات وبنوك ومتاجر ومطاعم مغلقة. وهيمنت على المشهد الرحلات الجوية الملغاة وتوقف قطاع النقل والمستشفيات عن العمل، باستثناء خدمات الطارئ. كما توقف العاملون في الأسواق التجارية ومكاتب البريد وجمع القمامة عن العمل. ووفقاً لرودولفو أغيار، الأمين العام لاتحاد موظفي الخدمة المدنية، فقد أضرب قرابة 97 في المائة من العاملين في القطاع العام على الرغم من تهديد الحكومة لهم بتخفيض الرواتب وغيرها من العقوبات. ولخص بابلو مويانو أن «الإضراب أضر بالحكومة». ودعا مجلس الشيوخ إلى رفض خطط الرئيس وأكد مجددا أن «صراعات كبيرة» ستنشأ إذا لم تغير الحكومة سياساتها. ودعا رئيس اتحاد نقابات «المركز العمالي الارجنتيني «هوغو ياسكي إلى إعادة المفصولين إلى الخدمة العامة. بالإضافة إلى ذلك، يجب التخلي عن جميع خطط خصخصة شركة الطيران الوطنية وغيرها من الشركات العامة. ودعا زعيم جناح اليسار البيروني رودولفو أغيار إلى «تكثيف النضال لإجبار الحكومة على احترام الديمقراطية والدستور ومنعها من الاستمرار في تقويضهما بمرسوم».
دعم واسع النطاق
تلقت الاتحادات النقابية الرئيسية دعما قبل المنظمات الاجتماعية وأحزاب المعارضة عموما وقوى اليسار بشكل خاص والنقابات العمالية الأصغر، والتي اتخذ بعضها موقفًا أكثر راديكالية. وحذر أندريس رودريغيز، رئيس نقابة العاملين في القطاع العام، من أنه «إذا لم يتغير شيء، فسنواصل الإجراءات الأكثر صرامة». وأدلى رئيس نقابة عمال السكك الحديدية روبين سوبريرو ورئيس حزب العمل الماركسي إدواردو بيليبوني بتصريحات حاسمة مماثلة. وشدد ممثلو اليسار السياسي على ان حكومة الفاشيين الجدد تنحي أمام قوى أجنبية، وبالتالي تسلك طريق العبودية، مؤكدين رفضهم للاستسلام.
حراك سياسي
سياسيا هناك دعم من الحركات الاجتماعية السياسية، فإلى جانب قوى اليسار هناك دعم من ممثلين بارزين من قوى الوسط. وتعمل الحركة البيرونيه، التي تمثل قوة المعارضة الرئيسة توحيد صفوفها وتجاوز تشتتها، ويلعب في هذا السياق حاكم ولاية العاصمة بوينس إيرس، أكسيل كيسيلوف دورا محوريا. أكد كيسيلوف بمناسبة الأول من أيار أن حكومته مستعدة «للدفاع إلى جانب العمال المنظمين عن الحركة وكرامة العمال وحقوقهم». ووقع هو وأعضاء حكومة العاصمة على حملة مليون توقيع ضد مرسوم الطوارئ رقم 73 / 70 الذي أصدره الرئيس. وكيسلوف شخصية سياسية معروفة عمل مديرا لشركات حكومية. وزيرًا للدولة في وزارة الاقتصاد والمالية خلال فترة الولاية الثانية لكريستينا كيرشنر (2013 – 2015). وكان عضوا في البرلمان (2015 إ- 2019)، وانتخب حاكما لولاية العاصمة في نهاية 2019 وأعيد انتخابه في نهاية 2023. وهو من المقربين من رئيسة الجمهورية الأسبق اليسارية كريستينا كيرشنر. ويعتبر المرشح الأفضل للتغلب على الانقسامات داخل الحركة البيرونية واستعادة الرئاسة في انتخابات 2027.