اخر الاخبار

اعلن الفلسطينيون اضرابهم الشامل ضد العدوان الذي يمارسه الاحتلال الاسرائيلي عليهم منذ أكثر من 10 ايام، ورغم ان الاضراب له انعكاسات سلبية على حياة الشعب الفلسطيني الذي يعاني ويلات عدة، إلا انهم اختاروا ان يضحوا بمعيشتهم بغية الحصول على تحررهم الكامل من الاحتلال.   

أبعاد كثيرة

ووصف أستاذ الاقتصاد السياسي، في جامعة النجاح الفلسطينية، بكر اشتية، في حديث لـ”الجزيرة”، بأن الاضراب لا يقاس بتأثيره الاقتصادي ليوم واحد، فهناك أبعاد وطنية وسياسية كبيرة تجسدت خلفها “وحدة فلسطين التاريخية” بإضراب لم يشهد مثله منذ الإضراب الشهير الذي خاضه الفلسطينيون عام 1936.

وقال اشتية، إن الحسابات الاقتصادية تتقزم أمام المكاسب والمفاهيم الوطنية، وتوعية جيل بأكمله “يعاني جهلا بهذا الجانب” بأهمية المنظومة الوطنية الفلسطينية ووحدتها بين الضفة الغربية وغزة والداخل المحتل والقدس.

ويرى اشتية، أن الإضراب واحد من أدوات عدة كحركة المقاطعة العالمية لإسرائيل “بي دي إس” يمكن لهذا الجيل أن يحققها ويعمل على رفع منسوب الوطنية لدى المجتمع الفلسطيني بكافة أطيافه وجغرافية مناطقه.

وعلى المستوى المحلي، استبعد اشتية وبالمفهوم المجرد، أي خسائر أو تأثير كبير للاقتصاد الفلسطيني المعتاد أصلا على الخسائر في ظل الأزمات المختلفة، فإغلاق المحال التجارية أو المصانع ليوم، لا يؤثر، كونها “أرباحا مؤجلة”.

أما العمالة داخل إسرائيل فهي المتضررة أكثر في حال استمر الإغلاق، خاصة أن إسرائيل أعلنت منع دخول من هم دون سن 45 عاما من العمال إليها.

وذكر أن الخسائر ستكون كبيرة على إسرائيل، حتى ليوم واحد، ويمكن للهبة الفلسطينية أن تحدث خللا في الاقتصاد الإسرائيلي وتزداد وتتسع باتساع رقعة الإضراب، كأن يتوقف العمال عن التوجه للعمل داخل إسرائيل شريطة تعويضهم فلسطينيا كونهم الفئة “الأكثر تهميشا في المجتمع”.

واوضح أن التأثير يتضاعف عندما يوقف التجار ووكلاء المنتجات الإسرائيلية من الفلسطينيين استيراد بضائع الاحتلال، خاصة تلك التي لها بديل فلسطيني.

وأشارت دراسة اقتصادية أجراها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية، مؤخرا، طالعتها “طريق الشعب”، إلى أن حجم التبادل التجاري مع إسرائيل والذي يمكن الاستعاضة عنه بمنتجات فلسطينية يقدر بمليار و150 مليون دولار، وهذه توفر 70 ألف فرصة عمل إذا استغلت الموارد الاقتصادية الفلسطينية جيدا. وبالتالي، عندما ينتفض الفلسطينيون وتضج وسائل الإعلام محليا وعالميا ومواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن قضاياهم الوطنية وكيفية تخلصهم من التبعية لإسرائيل فهذا “إنجاز وطني تتقزم أمامه أي خسائر اقتصادية”.

اضراب يعزز الاقتصاد الفلسطيني

من جهته، قال عضو الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل، محمود نواجعة،  أن الإضراب شكل من أشكال العصيان المدني والمقاومة أيضا، ولا يضر بالاقتصاد الفلسطيني، بل يعززه من خلال الدعوات الواسعة لمقاطعة منتجات الاحتلال، وبالتالي دعم الاقتصاد الوطني.

وأكد في تصريحات تناقلتها وسائل الاعلام، أن الإضراب أضر بالاحتلال وأصابه بحالة من الشلل، وبالمقابل أظهر أن الفلسطينيين مستعدون لدفع الثمن من أجل حريتهم.

وبحسب نواجعة، تواجه إسرائيل أصلا خسائر اقتصادية كبيرة، ولكنها لا تصرح بها، فقد باتت تخسر من تصنيعها العسكري 2 في المائة، أي نحو 37 مليار دولار سنويا. كما انخفض الاستثمار الأجنبي لديها بنسبة 47 في المائة، وانخفضت صادراتها إلى السوق الفلسطيني حسب البنك الدولي 24 في المائة.

وبعيدا عن تأثيره الاقتصادي، تبقى للإضراب أهميته السياسية عبر توحيد كل فئات الشعب الفلسطيني خاصة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 حول قضايا جوهريا ووطنية كبرى تتعلق بموقفه من الاحتلال وإقامة دولته الفلسطينية كجزء أصيل من الشعب الفلسطيني.

إفشال الأسرلة

وفي السياق، قال الأكاديمي الفلسطيني وعضو الكنيست السابق، إمطانس شحادة، أن “الإضراب أكد تجذرهم وعمقهم الفلسطيني، وفشل محاولات الاحتلال سلخهم عن شعبهم وأسرلتهم عبر تدجينهم وكي وعيهم”. وأضاف ان “الأضراب أفشل محاولات دفع فلسطينيي الداخل للاكتفاء بالقضايا المعيشية اليومية، وهذا سيغير قواعد اللعبة والوعي وهو الأهم بهذا المجال”.

وأشار شحادة إلى أن “تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة تقدر بأكثر من 900 مليون دولار يوميا، موزعة على العتاد العسكري، وصواريخ القبة الحديدية، وتجنيد الاحتياط بالجيش، والبطالة، وتعطيل العمل، وإغلاق المرافق الاقتصادية، وغير ذلك”.

وأعاد الاضراب الحالي الى أذهان الفلسطينيين إضرابهم الشهير عام 1936، والذي استمر 6 أشهر، وأدى بهم لإطلاق ثورتهم الكبرى ضد المحتل الإنجليزي. كما مهد لإضرابات خاضها الفلسطينيون لاحقا خلال انتفاضتهم المختلفة، ولا سيما انتفاضة الحجارة عام 1987، وانتفاضة الأقصى عام 2000، وهو ما تداوله فلسطينيون كثر في حساباتهم المختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي اليوم.