اخر الاخبار

في السادس من ايار المقبل سيتوجه الناخبون في بريطانيا إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات المحلية التي ستشهد مشاركة مرشحي الحزب الشيوعي البريطاني بأكبر عدد منذ أوائل الثمانينيات. وسيخوضون هذه الانتخابات للفوز بمقاعد في في برلمان ويلز والبرلمان الاسكتلندي و”مجلس لندن”، وكذلك في المجالس المحلية في انكلترا.

وقال روبرت غريفيثس، الأمين العام للحزب الشيوعي، إن البرنامج الانتخابي الذي اطلقه الحزب الثلاثاء الماضي يعكس “ثقة وحماس حزب شيوعي متنامي”.

ويقدم البرنامج الانتخابي الذي يحمل عنوان “الرأسمالية هي المشكلة - الاشتراكية هي الحل” سياسات الحزب الشيوعي. وهو يتهم الحكومة البريطانية التي شكلها حزب المحافظين، وبدرجة أقل الحكومتين المفوضتين في ويلز واسكتلندا، بأنها “تتحمل مسؤولية جسيمة عن المجزرة التي سببها تفشي فيروس كورونا”، لافتاً إلى أن “بريطانيا لديها أعلى معدل وفيات بسبب جائحة كورونا في العالم”.

وأدى سوء تعامل حكومة المحافظين برئاسة بوريس جونسون مع الجائحة وأعمق ركود شهدته بريطانيا منذ 300 عام إلى تجديد الاهتمام بالاشتراكية. وبلغ عدد الوفيات بسبب كورونا في المملكة المتحدة حتى الآن أكثر من 127 ألف حالة وفاة، واصيب 400 الف شخص ويعاني الكثيرون من آثار كورونا الصحية طويلة المدى. فيما يبقى مئات الآلاف من البريطانيين بانتظار تلقي العلاج واجراء عمليات جراحية بعد تأجيلها جراء الضغوط التي تعرضت لها الخدمات الصحية العامة.

ويأمل الشيوعيون أن يظهروا للناخبين أن هناك بدائل. فقد صوّت ملايين الأشخاص لصالح التغيير في الاستفتاء على بقاء المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الأوروبي الذي جرى في 2016، وفي الانتخابات العامة في2017 و 2019. وأظهرت استطلاعات الرأي أنهم كانوا يبحثون عن سياسات وتوجهات اقتصادية جديدة ووضع حد لامتلاك الفئة الأكثر ثراء، وهي لا تزيد عن 10 في المائة من السكان، أكثر من نصف الثروة الشخصية في بريطانيا.

ويدعو الحزب الشيوعي، الذي احتفل بالذكرى المئوية لتأسيسه العام الماضي، إلى تغيير سياسي جذري يشمل الاداء والاصلاح في الحكومات المحلية والإقليمية والوطنية في انكلترا واسكتلندا وويلز. كما انه يدعو إلى بريطانيا فيدرالية، مع تبني صيغة التمثيل النسبي واجراء تغييرات اخرى لجعل الحياة السياسية ديمقراطية وتمثيلية وخاضعة للمساءلة.

وعلى الرغم من أن حزب العمال يبتعد عن السياسات الاشتراكية فإن الشيوعيين يجادلون بأن “الإجراءات الاشتراكية هي بالضبط ما نحتاجه مع الخروج من جائحة كورونا إلى أزمة اقتصادية كبيرة”.

وقال غريفيثس الأمين العام للحزب الشيوعي: “يجري استخدام مئات المليارات من الجنيهات الاسترلينية لإنقاذ الاحتكارات الرأسمالية، لكن مرشحينا يقومون بحملاتهم الانتخابية من أجل أولويات اشتراكية بدلاً من ذلك، مثل الاستثمار في الخدمة الصحية الوطنية، والخدمات العامة، والصناعة، والإسكان، والأمن المناخي، في بريطانيا فيدرالية “.

وقالت لورين دوغلاس، وهي مرشحة الحزب في القائمة التي ستخوض الانتخابات في “مجلس لندن”، لصحيفة “مورنينغ ستار” إن وجود صوت يساري أقوى هو أمر حيوي لأننا “نعود إلى الوضع الذي كان قائماً في أوائل الثمانينيات فيما يتعلق بالبطالة”، حيث تعاني العاصمة لندن وضعا صعبا بشكل خاص جراء ارتفاع معدل البطالة بسبب الجائحة. وسلّطت الضوء على تركيز البرنامج الانتخابي للحزب الشيوعي على إعادة بناء المساكن العائدة للمجالس المحلية ووقف تسليم الأراضي للمستثمرين العقاريين.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى ان هناك على الصعيد الوطني حاجة لبناء 325 ألف مسكن جديد كل عام لمواكبة التغيرات الديموغرافية. ويدعو الشيوعيون إلى إصلاح جذري لنظام الإسكان والتخطيط، وإحياء المناطق السكنية، وتوفير مساكن بأسعار معقولة مع حماية حقوق شاغليها، ووضع حدود لمستويات الإيجار في القطاع الخاص، وإزالة الحوافز لشركات الأسهم الخاصة التي تمكّنها من تحقيق أرباح كبيرة للمستثمرين العقاريين وملاك الأراضي.

وفي مانشستر، شمال غربي انكلترا، يعتمد المرشحون الشيوعيون بقوة على الرسالة التي يتضمنها البرنامج الانتخابي بشأن قضية الإسكان. ويقول الحزب إن مسؤوليه المنتخبين سيعملون مع تعاونية إسكان محلية لزيادة الإسكان الميسور التكلفة ودعم التوسع السريع لبناء مساكن ميسورة التكلفة في ارجاء منطقة مانشستر الكبرى. وهناك اختلال كبير في التوازن في مانشستر بين الشقق الفاخرة في مركز المدينة الجذاب والمناطق السكنية في الضواحي.

ولتصحيح اختلال توازن الثروة، يدعو الحزب الشيوعي البريطاني إلى حد أدنى لأجر المعيشة قدره 10,40 جنيه إسترليني (حوالي 14,30 دولار) في الساعة، مع دعم إضافي للعمال ذوي الدخل المنخفض. كما يدعو إلى زيادة في الأجر تفوق معدل التضخم للعاملين في القطاع العام، ولا سيما لموظفي الخدمة الصحية العامة الذين تحملوا وطأة جائحة كورونا.

ويقول الحزب إن الحكومة يمكن أن تموّل الكثير من تكاليف هذه الزيادة من خلال خفض الإنفاق العسكري. ويشار الى ان حكومة المحافظين برئاسة بوريس جونسون خصصت مؤخرا مئات المليارات من الجنيهات الاسترلينية لتحديث برنامج الأسلحة النووية البريطاني.